بوادر أزمة دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل على خلفية الوصاية على المقدسات

مجلس النواب الأردني يصوت على طرد السفير الإسرائيلي.. ويلوح بسحب الثقة من الحكومة

بوادر أزمة دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل على خلفية الوصاية على المقدسات
TT

بوادر أزمة دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل على خلفية الوصاية على المقدسات

بوادر أزمة دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل على خلفية الوصاية على المقدسات

وسط بوادر أزمة دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل، صوت مجلس النواب الأردني، أمس، على طرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب سفيره من تل أبيب ردا على خلفية مناقشات داخل الكنيست الإسرائيلي لإلغاء الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وخصوصا المسجد الأقصى.
ووافق المجلس بالأغلبية على اقتراحات قدمها رئيس لجنة فلسطين النائب يحيى السعود بطرد السفير الإسرائيلي من عمان دانييل نيفو وسحب السفير الأردني وليد عبيدات من إسرائيل. وطرح رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة المقترح للتصويت عليه وحظي بقبول الأغلبية.
وقال النائب خليل عطية إن «جميع حضور جلسة اليوم (أمس) وعددهم نحو 86 نائبا (من أصل 150) صوتوا لصالح قرار طرد السفير الإسرائيلي من عمان احتجاجا على مناقشات الكنيست والاستفزازات الإسرائيلية في القدس وخصوصا حول الأقصى»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويأتي قرار مجلس النواب عقب يومين من المناقشات بشأن الإجراءات الإسرائيلية تجاه القدس ومناقشة الكنيست اقتراح إلغاء الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس واستبدالها بسيادة الاحتلال.
وشهدت جلسة مجلس النواب أمس تهديدا بطرح الثقة بالحكومة ما لم تنفذ قرار طرد السفير الإسرائيلي. وشدد نواب على ضرورة إلغاء معاهدة «وادي عربة» للسلام مع إسرائيل لخرقها من الجانب الإسرائيلي وعدم التزامها بالمادة التاسعة التي تنص على الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس.
وعد النائب عطية في تصريحات منفصلة لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار المجلس ملزم للحكومة ومشروط باتخاذ إسرائيل قرارا بسحب الوصاية الأردنية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس». وحذر من أنه «إذا تطورت الأمور وتسارعت، فإن على الحكومة اتخاذ قرارات من شأنها ردع إسرائيل وإلا فإن مجلس النواب سيصوت على سحب الثقة بالحكومة».
لكن قرار مجلس النواب الأردني لا يعد ملزما لحكومة النسور بل مجرد توصية، وحسب الدستور فإن الولاية العامة في الدولة هي لمجلس الوزراء وهو صاحب السلطة التنفيذية وإدارة شؤون البلاد الخارجية والداخلية، فيما يحق للنواب إسقاط الحكومة إذا لم تنفذ قرارهم.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الحكومة الأردنية بانتظار ما ستسفر عنه مناقشات الكنيست الإسرائيلي. وتؤكد أن وزير الخارجية ناصر جودة أجرى سلسلة من الاتصالات مع المسؤولين الإسرائيليين بهدف إفشال المقترح المقدم من أحد أعضاء الكنيست.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني لـ«الشرق الأوسط»: «نحترم قرارات مجلس النواب، وأن السلوكيات الإسرائيلية تزيد التوتر الإقليمي وتقوض جهود السلام وتهدد معادة السلام الأردنية - الإسرائيلية».
وكان رئيس الكنيست الإسرائيلي يولي أدلشتين منع أعضاء الكنيست من التصويت على مقترح بسط السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، بعد نقاش صاخب استمر عدة ساعات مساء أول من أمس. وحسب مصادر فإن منع التصويت جاء بضغوط من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يرى المسألة حساسة ومن شأنها تخريب العلاقات مع الأردن ونسف عملية السلام.
وقرر أدلشتين، فتح باب النقاش مرة ثانية في وقت غير محدد، لحين التوصل إلى صيغة متفق عليها ومن ثم التصويت على المقترح.
وافتتح فيغلين النقاش بالتعبير عن دهشته كون ذلك هو النقاش الأول لفرض السيادة على الأقصى «الأقدس والأقرب لقلوب اليهود»، وطالب بالسماح لليهود بالوصول إلى المكان والصلاة فيه في أي وقت ودون رادع.
وأيد أعضاء مقترحه، لكن آخرين ردوا عليه باتهامه بأنه «يخرب العلاقات بين إسرائيل والعرب».
وردت زعيمة حزب ميرتس، زهافا غال أون، على مؤيدي الاقتراح بالقول: «من يطلب الصلاة في جبل الهيكل إنما يريد حرق المنطقة برمتها، هذه السياسة الاستفزازية التي ينتهجها اليمين مرفوضة ولن تؤدي إلى نتائج».
ولم يحضر النواب العرب الجلسة، إذ استبقتها كتل «القائمة الموحدة - العربية للتغيير» و«الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، بإعلان مقاطعتها.
وتعتبر دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، بموجب القانون الدولي، الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل، وبموجب اتفاقية السلام الأردنية - الإسرائيلية، الموقعة عام 1994 والمعروفة باتفاقية «وادي عربة»، والتي طلب الأردن بمقتضاها لنفسه حقا خاصا في الإشراف على الشؤون الدينية للمدينة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.