الرئيس الصيني سيبدأ محادثات شاقة مع أوباما في واشنطن

الرئيس الصيني سيبدأ محادثات شاقة مع أوباما في واشنطن
TT

الرئيس الصيني سيبدأ محادثات شاقة مع أوباما في واشنطن

الرئيس الصيني سيبدأ محادثات شاقة مع أوباما في واشنطن

يتوجه الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى واشنطن، اليوم (الخميس)، لاجراء محادثات قمة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما؛ وذلك بعد تأكيده على أنّ لا مساومات تذكر بشأن مسائل حساسة مثل القرصنة المعلوماتية وبحر الصين الجنوبي.
وأمضى شي يومين في سياتل، حيث أكّد أن العلاقات الاقتصادية والتجارية الجيدة هي في صلب العلاقات الثنائية وأن على ادارة أوباما احترام وجهات النظر المختلفة للصين حول مسائل سياسية.
وفي خطابه الرئيسي الوحيد في جولته الاميركية قال شي الثلاثاء، إنّ على الدولتين السعي إلى تفهم أفضل "للنوايا الاستراتيجية" لكل منهما، داعيا إلى "نموذج جديد من العلاقات" يقوم على تفهم أكبر وتشكيك أقل.
وحذر شي من أنّه "إذا دخلت الدولتان في نزاع ومواجهة فإن ذلك سيؤدي إلى كارثة للاثنتين وللعالم بشكل عام". غير أنّ هذه المواقف لم تستغرق سوى بضع تصريحات في خطاب وخلال يومين من المحادثات التي تركزت حول أهمية الصين بالنسبة للشركات الاميركية الكبرى ولعدد من اقتصادات الولايات مثل كاليفورنيا.
والاربعاء التقى 15 مديرا تنفيذيا من أكبر الشركات الاميركية مثل آبل وبوينغ وجنرال موتورز وامازون ومايكروسوفت، حول طاولة مستديرة مع شي الذي، أكّد لهم انّه يمكنهم الاعتماد عليه في إبقاء الاقتصاد الصيني قويا وفي زيادة الفرص وضمان معاملتهم بشكل عادل في أعمالهم في الصين.
ثم توجه إلى مصنع بوينغ قرب سياتل، حيث أعلن عن طلب صيني لشراء 300 طائرة جديدة من الشركة الاميركية في صفقة قيمتها نحو 38 مليار دولار.
وقال للمديرين التنفيذيين حول الطاولة المستديرة "ستقوم الصين بالانفتاح بشكل أكبر على العالم الخارجي.. لا قوة دفع من دون اصلاحات، ولا تقدم دون انفتاح".
وخطاب شي الذي ضمنه اشارات كثيرة الى الثقافة الاميركية مع استشهادات بارنست هيمينغواي ومارتن لوثر كينغ وحتى المسلسل الدرامي السياسي هاوس اوف كاردز، سعى بقوة لاظهار الرئيس الصيني كزعيم لا يثير الخوف ينصب تركيزه على تحسين مستوى حياة مواطنيه. غير ان التركيز في سياتل على علاقات جيدة مع الشركات قد يمهد لمحادثات شائكة في واشنطن مع اوباما حول مسائل مثل بحر الصين الجنوبي والقرصنة المعلوماتية وحقوق الانسان.
ويقول المحللون ان خطاب شي وعند دراسته جيدا، لا يبدي مؤشرا يذكر على تقديم مساومات، بل يبدي تصميما اكبر للاستئثار بدور قوي على الساحة الدولية مواز لدور الولايات المتحدة.
وقال سكوت كينيدي الخبير في الشؤون الصينية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ان الزعيم الصيني "لم يقر بأي خطأ في مواقفه او خطواته السياسية، بل ألقى بكامل أعباء تحسين العلاقات الفاترة على عاتق الولايات المتحدة". وأضاف "ان جوهر خطابه كان الدفاع القوي عن كل جانب من حكمه والمسائل العديدة التي تختلف حولها الولايات المتحدة والصين".
ويبدأ شي زيارته في واشنطن بمأدبة عشاء خاصة مساء الخميس مع اوباما في البيت الابيض، وحفل استقبال رسمي في ساعة مبكرة الجمعة يليه يوم من المحادثات ثم عشاء رسمي مساء.
ومع تعرض الجانبين لضغوط خارجية لاظهار الشدة، من غير المتوقع ان تخرج القمة بكثير من النتائج الملموسة.
ويقول المحللون ان الرئيسين قد يتوصلان الى معاهدة متبادلة حول "عدم المبادرة باستخدام" هجمات معلوماتية على بنية تحتية حساسة، على غرار الاتفاقيات المتعلقة بعدم المبادرة باستخدام الاسلحة النووية ابان الحرب الباردة.
غير أنّه حول مسائل أخرى يمكن أن يتفقا على عدم الاتفاق؛ فقد قلل شي من المخاوف الاميركية بشأن التوسع الصيني في بحر الصين الجنوبي.
وبشأن التجسس الصناعي الصيني والقرصنة المعلوماتية التجارية المفترضين، أقر شي بالمشكلة ووصف ذلك بـ"الجريمة" التي تؤثر على الجانبين.
وهددت واشنطن بفرض عقوبات على مسؤولين صينيين كبار، ملمحة إلى تساهل حكومي انّ لم يكن دعما للقراصنة.
غير أنّ شي وببساطة اقترح تشكيل لجنة "رفيعة المستوى" حول المشكلة التي قال إنّها تعود لسلطات تطبيق القانون، ملمحا إلى أنّه يعتبر التهديد بفرض عقوبات غير مبرر.
وفي موضوع آخر أثاره البيت الابيض، بشأن قانون أمني صيني يهدد المنظمات غير الحكومية الاجنبية التي تعمل في البلاد، أكّد شي أنّ المنظمات غير الحكومية لديها دور "طالما أنّ نشاطاتها مفيدة للشعب الصيني". غير أنّه أضاف أنّ تلك المنظمات "يتعين عليها احترام القانون الصيني والقيام بالنشاطات بما يتماشى مع القانون".
وفيما يتعلق بالصين، دعا شي الولايات المتحدة لتخفيف القيود على الصادرات إلى الصين أو الشركات الصينية، المطبقة على مجموعة من التكنولوجيا المدنية "الحساسة". وأشار إلى طلب الصين من الولايات المتحدة طرد أو تسليم فارين صينيين متهمين بالفساد تقول بكين إنّهم يختبئون في الولايات المتحدة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.