بعد تصريحاته المسيئة للمهاجرين.. ترامب يغضب الأميركيين بعبارات معادية للمسلمين

أيد ضمنيًا تصريحات تسيء لأوباما وجذوره الإسلامية

دونالد ترامب يجيب عن أسئلة الجمهور في تجمع خطابي عقد في نيوهامشر أول من أمس (أ.ب)
دونالد ترامب يجيب عن أسئلة الجمهور في تجمع خطابي عقد في نيوهامشر أول من أمس (أ.ب)
TT

بعد تصريحاته المسيئة للمهاجرين.. ترامب يغضب الأميركيين بعبارات معادية للمسلمين

دونالد ترامب يجيب عن أسئلة الجمهور في تجمع خطابي عقد في نيوهامشر أول من أمس (أ.ب)
دونالد ترامب يجيب عن أسئلة الجمهور في تجمع خطابي عقد في نيوهامشر أول من أمس (أ.ب)

بعد تصريحاته العنيفة ضد المكسيكيين والمهاجرين السريين، التزم الملياردير دونالد ترامب الصمت أمس بعد تلفظه بعبارات معادية للمسلمين خلال تجمع كبير، وهو ما أثار جدلا جديدا، يكشف عنصرية المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض، حسب رأي عدد من الديمقراطيين.
فعندما التقى ترامب عددا من المواطنين ليجيب عن أسئلتهم خلال اجتماع عقد يوم الخميس في نيوهامشر، قال أول رجل تناول الكلمة إن «المسلمين يمثلون مشكلة للولايات المتحدة، وباراك أوباما مسلم وليس أميركيا، ولدينا معسكرات تدريب حيث يريدون قتلنا.. لدينا مشكلة في هذا البلد.. إنها المسلمون. نحن نعرف أن رئيسنا الحالي واحد منهم، ونعلم حتى أنه ليس أميركيا.. وسؤالي هو متى سنتمكن من التخلص من ذلك؟»، فأجاب ترامب الذي لم يقاطع الرجل ولم يرفض زعمه بأي شكل من الأشكال «سنهتم بكثير من الأمور المختلفة. نعم كثيرون من الناس يقولون ذلك، كثيرون من الناس يقولون إن أمورا سيئة تجري هناك. لكننا سنهتم بذلك وبكثير من الأمور الأخرى».
ورغم أن ترامب لم يقل بنفسه إن الرئيس الأميركي مسلم، أو إنه ينبغي التخلص من المسلمين، إلا أن رده المراوغ وعدم إقدامه على تصحيح ما قاله الرجل، الذي لم تفصح عن هويته، بشأن ديانة أوباما الذي يعتنق الدين المسيحي، تمثل في نظر الديمقراطيين تأييدا ضمنيا لفحوى التصريحات المعادية للمسلمين، وكذلك تلك المتعلقة بأصول باراك أوباما.
وبرأي الديمقراطيين، فإن هذه العبارات تكشف النزعة المعادية للأجانب لدى من تصدر استطلاعات الرأي هذا الصيف بين المرشحين الجمهوريين بنحو 30 في المائة من نيات التصويت. وقد أطلق ترامب ترشيحه في يونيو (حزيران) الماضي بتصريحات عنيفة ومثيرة للجدل حول المهاجرين السريين المكسيكيين الذين وصفهم بالمجرمين والسارقين، وهو ما أثار وقتها صدمة كبيرة، خاصة وأنه لم يتراجع عن تلك التصريحات.
ورد جوش إيرنست، المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما، على تصريحات ترامب متسائلا «هل يثير الاستغراب أن يحدث أمر من هذا النوع في تجمع لدونالد ترامب؟»، مضيفا أن «الناس الذين يتفوهون بهذا النوع من التصريحات المهينة هم من القاعدة الانتخابية لترامب«، وندد بـ«الاستراتيجية الصلفة» لدى الكثير من الجمهوريين حول هذا الموضوع تحديدا.
ومباشرة بعد ذلك، نددت هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض، بتصريحات ترامب بقولها «لقد أصبت بالذهول.. لقد كان يعرف، أو كان ينبغي أن يعرف، أن ما قاله ذلك الشخص لم يكن فقط متجاوزا للحدود، بل غير حقيقي، وكان عليه من البداية أن يرفض مثل هذا النوع من الحديث، ودعت ترامب «للتصرف كرئيس». أما رئيسة الحزب الديمقراطي ديبي واسرمان شولتز فقالت إن «عنصرية (المرشح) الجمهوري المرجح دونالد ترامب ليس لها حدود».
ولم يدل ترامب، الذي اعتبر أداؤه متوسطا خلال المناظرة التلفزيونية الأربعاء بأي تصريح علني منذ ذلك الحين. لكنه ألغى في اللحظة الأخيرة مشاركته في لقاء للمحافظين أقيم في كارولينا الجنوبية بحجة إنجاز عمال طارئة. لكن الرجل معروف، حسب منتقديه، بأنه لا يتراجع ولا يقدم اعتذارات عندما يوجد وسط جدل معين.
وللتخفيف من وقع تصريحاته الأخيرة، سعى فريق حملته في بيان إلى تبديد الغموض الذي يكتنف رده عندما قال إن «وسائل الإعلام تريد حصر المسألة في أوباما. لكن المشكلة الأوسع هي أن أوباما يقوم بحرب على المسيحيين في هذه البلاد».
وكان ترامب قد كرر مرارا أقواله بهذا الخصوص، وقاد فريق الذين يعتقدون أن الرئيس أوباما مولود في الخارج، وغير مؤهل للرئاسة الأميركية، كما طالب الرئيس الأميركي المولود في هاواي من أب كيني وأم أميركية بنشر وثيقة ميلاده، وفي سنة 2011 اشتدت حملته المطالبة بأن ينشر أوباما شهادة ميلاده، وهي وثيقة رسمية لكنها خاصة، مما دفع الرئيس الأميركي إلى نشر النسخة الكاملة لشهادة ميلاده.
ودان مرشحان آخران هما حاكم نيوجرسي كريس كريستي، وسيناتور كارولينا الجنوبية ليندسي غراهام، صمت دونالد ترامب بخصوص هذه الزوبعة الجديدة، وقال إن «ترامب قد تجاوز الخطوط الحمراء وخلق لحظة فارقة لترشحه.. ولو كنت مكان دونالد ترامب لخرجت عبر التلفزيون الوطني لأقول إني تعاملت مع الموقف بشكل سيء، ولو واجهته مرة أخرى فسأرفض سؤاله.. الاعتذار أمر جيد».
لكن رغم كل ذلك، لا يمكن الجزم الآن إن كان هذا الموقف الأخير سيمثل نقطة تحول مهمة بالنسبة لترامب.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.