مصادر الجيش الوطني في تعز: نقص الأسلحة التي بحوزتنا وراء تأخر الحسم

توقعت تحرير المدينة الاستراتيجية في وسط البلاد قبل العاصمة صنعاء

مصادر الجيش الوطني في تعز: نقص الأسلحة التي بحوزتنا وراء تأخر الحسم
TT

مصادر الجيش الوطني في تعز: نقص الأسلحة التي بحوزتنا وراء تأخر الحسم

مصادر الجيش الوطني في تعز: نقص الأسلحة التي بحوزتنا وراء تأخر الحسم

كشفت مصادر عسكرية تابعة للجيش الوطني والمقاومة في مدينة تعز الاستراتيجية الواقعة وسط اليمن أن تأخر تحرير المدينة يعود لنقص الأسلحة النوعية مقارنة بالترسانة التسليحية التي تملكها الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وقال رشاد الشرعبي، عضو المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية في تعز والمسؤول الإعلامي للمجلس، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك عوامل ذاتية وأخرى خارجية تسببت في تأخير تحرير مدينة تعز التي تسيطر الميليشيات الحوثية وقوات صالح على مداخلها الثلاثة خاصة الشرقي الذي يربطها بصنعاء وعدن ومطار تعز والغربي الذي يربطها بالحديدة وميناء ومدينة المخاء». وأضاف أن «المقاومة في تعز تخوض منذ البداية معركة صمود»، وهي تواجه منذ اجتياح المتمردين لغالبية أجزاء المدينة في أبريل (نيسان) حصارا أثر على أساسيات الحياة من ماء ودواء ونفط وغاز طبخ، إضافة إلى تكثيف عمليات القصف والقنص. وتابع أن «قوات الجيش الوطني والمقاومة تفتقد للإمكانيات التسليحية ولو 10 في المائة مما يملكه المعتدون على تعز الذين نهبوا سلاح الدولة ومعسكراتها، كما تفتقد قوات الجيش والمقاومة للمال الكافي لتجنيد الشباب وتدريبهم بالشكل الكافي لمواجهة الميليشيات المدربة». وشدد أيضا على أن «ميليشيات الحوثي وصالح، ومنذ دحرها في عدن وشبوة، فإنها تستميت في تعز»، وتسعى للدفاع عنها.
لكن الشرعبي قال إن هناك في الوقت الحالي دعما كبيرا من قبل دول التحالف العربي بقيادة السعودية لعناصر الجيش الوطني والمقاومة و«هذا ما نلمسه منذ ستة أيام على الأقل في ما بتعلق بالضربات الجوية». وأضاف أن «هناك مؤشرات على مضاعفة ذلك الدعم وتركيزه بشكل جيد لتحرير تعز في أقرب وقت ممكن».
بدوره، قال مصدر عسكري آخر من الجيش الوطني في تعز إن «تحرير مدينة تعز من ميليشيات الحوثي وصالح بات قريبا جدا خاصة أن تحرير المدينة قد أوكل إلى المنطقة العسكرية الرابعة، بسبب وجود تعز ضمن إطارها». وتوقع أن «يتم تحرير مدينة تعز قبل تحرير العاصمة صنعاء، التي تشهد الآن غارات كثيفة من طائرات التحالف العربي على المواقع العسكرية للميليشيات ومخازنها». وفي تفسير لتأخير الحسم في تعز قال المصدر العسكري نفسه إن «مدينة تعز تعتبر المخزون البشري لليمن نوعًا وكمًا، والحسم فيها يعني الحسم أيضا في إب وذمار والحديدة؛ فلو راجعنا تاريخ ثورة 26 سبتمبر (أيلول) لوجدنا أنها انتصرت أولا من تعز، وأن قوافل الشهداء الذين أسقطوا الإمامة في صنعاء جاءوا من تعز، ولا ننسى أن الجيش والمقاومة يقاتلان من دون دعمهما بالسلاح النوعي من التحالف العربي كما حصل مع الجنوب، وهذا سبب آخر لعدم الحسم السريع». ورأى المصدر أن «التحالف يريد تحرير صنعاء قبل تعز، وهذا قد لا يتحقق إلا إذا تم تحرير تعز من الميليشيات الانقلابية».
يذكر أن ميليشيات الحوثي وصالح كثفت خلال الأيام الماضية من قصفها العنيف على مدينة تعز، مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وقال وضاح عبده محمد، أحد سكان تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ميليشيات الحوثي لم تعد تدرك ما تفعله سوى الانتقام بشكل هستيري من أهالي تعز وقيامها بقصف منازلهم وقتل أبنائهم». وأضاف «مع قرب عيد الأضحى تزيد ميليشيات الحوثي وصالح من معاناتنا في تعز وفي جميع مديرياتها وقراها. كل يوم يتشرد العشرات من منازلهم التي يدمر القصف ويقتل العشرات منا خصوصا الأطفال والنساء». وقال إن القصف تكثف خصوصا على الأحياء السكنية الحصب والبعرارة ووادي الدحى.
لكن رغم ذلك، فإن قوات الجيش الوطني والمقاومة تصدت بإمكانياتها المتوافرة للميليشيات. وتمكنت قوات الجيش والمقاومة أمس من قتل نحو 50 من المتمردين، وذلك في الجبهتين الشرقية والغربية من المدينة. قال مصدر من الجيش والمقاومة إن عناصر المقاومة «مكنوا من قتل العشرات من الميليشيات (أمس) ونفذوا عمليات نوعية استهدفت دوريات عسكرية خاصة بالحوثيين في محيط القصر الجمهورية والحوبان وحي ثعبات». وأضاف أن «قوات الجيش والمقاومة تصدت لهجمات الميليشيات العنيفة في حي ثعبات ومنزل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في حي الجحملية، مما جعلهم يقصفونها بأسلحتهم في محاولة لاستعادة المنزل، لكن المقاومة والجيش أجبرا الميليشيات الانقلابية على الفرار وكبداها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد». وتابع أن «قذائف الميليشيات ما زالت تتساقط في جولة العواضي والمسبح والتحرير، وفي جب أومان بالجندية وتبة الكربة في التحرير».
وفي السياق ذاته، لا تزال المواجهات مستمرة بين والجيش والمقاومة من جهة والميليشيات من جهة أخرى، في عدة جهات من المدينة، خصوصا في شرق المدينة، حيث تحاول ميليشيات الحوثي وصالح استعادة السيطرة على جبل ثعبات، مما كبدهم الخسائر الفادحة في حين شنت طائرات التحالف العربي غاراتها المكثفة على مواقع الميليشيات المتمردة في الجبهة الغربية وفي تبة الزنقل وموقع آخر لها في الدفاع الجوي بمدينة النور وجبل الوعيش والمطار القديم، وحي الزنوج وحدائق الصالح وأحد المنازل، الواقع مقابل مستشفى العربي في المطار القديم غرب المدينة، الذي يعتبر مأوى للميليشيات وثكنة عسكرية وفيها مخزن أسلحة، وكل ذلك في إطار دعم المقاومة والجيش المؤيد التصدي لتلك الميليشيات التي تواصل قصفها الهستيري بمختلف أنواع الأسلحة على الأحياء السكنية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.