طيارون أميركيون نفذوا أكثر من 4700 ضربة جوية ضد «داعش» خلال عام

يقضون ساعات طويلة من الطيران في دراسة أنماط الحياة المدنية على الأرض

طيارون على حاملة الطائرات الأميركية «ثيودور روزفلت» بعد تنفيذ غارة ضد «داعش» (نيويورك تايمز)
طيارون على حاملة الطائرات الأميركية «ثيودور روزفلت» بعد تنفيذ غارة ضد «داعش» (نيويورك تايمز)
TT

طيارون أميركيون نفذوا أكثر من 4700 ضربة جوية ضد «داعش» خلال عام

طيارون على حاملة الطائرات الأميركية «ثيودور روزفلت» بعد تنفيذ غارة ضد «داعش» (نيويورك تايمز)
طيارون على حاملة الطائرات الأميركية «ثيودور روزفلت» بعد تنفيذ غارة ضد «داعش» (نيويورك تايمز)

تدور حياة الطيار المقاتل الأميركي في العراق وسوريا حاليًا حول فترات من الرتابة، ومهام قتالية يجري خلالها إلقاء أي قنابل حفاظًا على أرواح المدنيين، وفترات من الخوف - ما يجعلها بعيدة تمامًا عن الصورة التي رسمها فيلم «توب غن» الشهير الصادر عام 1986 ويعد إحدى أيقونات هوليوود، والذي جعل من توم كروز نجمًا، ومن الطيارين المقاتلين التابعين لسلاح البحرية أبطال أحلام الفتية المراهقين بكل مكان.
أما هؤلاء المقاتلون الحقيقيون - الذين يعتبرون صفوة الصفوة، حيث تدربوا على الهبوط على متن حاملات طائرات متحركة والتزود بالوقود جوًا، وهما اثنتان من أصعب المهام بمجال الطيران - فيعتبرون من العناصر القتالية الرئيسية في الحرب التي تشنها أميركا ضد تنظيم داعش. وخلال العام الذي مر منذ بدء توجيه ضربات جوية ضد التنظيم، تحمل الطيارون الأميركيون الجزء الأكبر من عبء جهود الحرب. ومنذ أغسطس (آب) 2014. نفذوا أكثر من 4700 ضربة جوية - 87 في المائة من إجمالي الضربات الجوية بطائرات بها طيارون نفذها التحالف الذي تقوده واشنطن ضد «داعش» - وقدموا دعمًا جويًا لقوات الأمن العراقية ومقاتلي البيشمركة الأكراد على الأرض.
من ناحيتهم، ربما يملك مقاتلو «داعش» صواريخ محمولة كتفًا تعرف باسم أنظمة الدفاع الجوي المحمولة، لكن في الوقت الراهن لا يبدو التنظيم الإرهابي قادرًا على إسقاط طائرات أميركية مقاتلة.
جدير بالذكر أن طائرة أردنية سقطت في سوريا في ديسمبر (كانون الأول)، ما أدى لأسر الطيار الخاص بها وقتله حرقًا من جانب «داعش». ويسود اعتقاد بأن سقوط الطائرة كان بسبب خلل فني بالطائرة أو خطأ من جانب الطيار، وليس بسبب إسقاط «داعش» الطائرة.
في هذا الصدد، قال ميجور أنتوني بورك، الطيار المقاتل السابق لدى قوات البحرية: «بصراحة، تسيطر القوات الأميركية الجوية والبحرية والمارينز على السماء»، واستطرد بأنه «إذا بقيت فوق ارتفاع 10.000 قدم، لن تتعرض لإصابة».
من ناحية أخرى، غالبًا ما يتمركز مقاتلو «داعش» في العراق وسوريا داخل مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة، ما يحد من قدرة الحرب الجوية ويقصرها على أهداف صغيرة نائية، مثل شاحنات تسير بمفردها أو مخازن أسلحة. ورغم الإجراءات الاحترازية التي يؤكد الطيارون تمسكهم بها، يسقط ضحايا مدنيون جراء الضربات الجوية، وإن كانت التقديرات بهذا الشأن متضاربة للغاية. من جهتهم، ذكر مسؤولون بالقيادة المركزية الأميركية مؤخرًا، والتي تتولى الإشراف على العمليات العسكرية الأميركية بالشرق الأوسط، أنهم تلقوا بلاغات حول 31 حادثًا سقط خلالها ضحايا مدنيون منذ بدء الضربات الجوية. وقد رفضوا 17 منها باعتبارها غير جديرة بالاعتماد عليها، بينما ما يزال التحقيق جاريًا في ستة بلاغات أخرى. وقد جرى التحقيق بشأن أحد البلاغات لمدة ستة شهور، وخلص منه مسؤولو القيادة المركزية إلى أن الغارة الجوية ربما تسببت في مقتل طفلين.
في المقابل، ترى جماعات أخرى مراقبة أن الإحصاءات الصادرة عن القيادة المركزية تقلل بشكل صارخ من الأرقام الحقيقية للضحايا.
من جانبه، أكد كابتن بنجامين هيوليت، 46 عامًا، أن «الرأي العام العالمي يميل ضدك بشدة عندما تبدأ في قتل الأشخاص الخطأ»، مضيفًا أنه في خضم الحرب ضد «داعش»، تصيب القنابل طول الوقت تقريبًا أهدافها المقصودة. وأوضح أن جزءا كبيرا من السبب وراء ذلك عدم توافر قوات برية أميركية على الأرض.
وأضاف: «لذا، لا نشعر بالحاجة للتسرع في إطلاق النار. في الظروف الطبيعية يسيطر عليك شعور بأن جنودك يتعرضون لهجوم، لذلك يجب أن تسارع بالتدخل. إلا أن المسارعة بإطلاق قنابل يتسبب في إصابة أبرياء».
من ناحية أخرى، يقضي الطيارون والضباط المسؤولون عن إطلاق الأسلحة ساعات طويلة من الطيران في دراسة أنماط الحياة المدنية على الأرض لتحديد ما إذا كانت شاحنة تتحرك على طريق خارج الرمادي، على سبيل المثال، هي سيارة مكدسة بالأسلحة تخص «داعش» أم أنها مكدسة بمدنيين. ويبحث الطيارون خلال طلعاتهم الجوية عن مقاتلين أو مدفعية أو أي مؤشرات أخرى على وجود العدو. وكثيرًا ما يعودون إلى قواعدهم من دون إطلاق أي من القنابل التي بحوزتهم.
ورغم ما سبق، لا تخلو حياة الجنود من بعض صور الترفيه، حيث يرتادون مقاهي. ويرتدي الكثير من الجنود ساعات «بريتلينغ»، ويسارعون للحصول على مقتنيات أخرى فاخرة.
كما ابتكر الجنود ألعابًا رياضية تتوافق مع الحياة على متن حاملة الطائرات، مثل لعبة أطلقوا عليها «كرود» تمثل مزيجًا من البلياردو والروكبي. يذكر أن جميع الجنود المرابطين على حاملة الطائرة من الرجال، فيما عدا جندية واحدة فقط. ويحرص الجميع على الاستيقاظ مع بزوغ نور الفجر.
* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.