منح دراسية وعروض من جامعات أميركية لـ {صبي الساعة} السوداني

تزايد الانتقادات لاعتقاله.. وحاكم تكساس: لا أعرف ما حدث

أحمد محمد يرفع يده بعلامة النصر لدى عودته لمنزل أسرته في ايرفينغ بولاية تكساس الأميركية (أ.ب)
أحمد محمد يرفع يده بعلامة النصر لدى عودته لمنزل أسرته في ايرفينغ بولاية تكساس الأميركية (أ.ب)
TT

منح دراسية وعروض من جامعات أميركية لـ {صبي الساعة} السوداني

أحمد محمد يرفع يده بعلامة النصر لدى عودته لمنزل أسرته في ايرفينغ بولاية تكساس الأميركية (أ.ب)
أحمد محمد يرفع يده بعلامة النصر لدى عودته لمنزل أسرته في ايرفينغ بولاية تكساس الأميركية (أ.ب)

بينما انتقد غريغ آبوت، حاكم ولاية تكساس، اعتقال الصبي الأميركي السوداني، أحمد محمد، لأنه صمم ساعة إلكترونية وأحضرها إلى مدرسته، رحب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) بقبول أحمد، ومنحته جامعة في تكساس «منحة كاملة»، رغم أنه لن يصل إلى سن الجامعة إلا بعد ثلاث سنوات.
أمس (الجمعة)، نشرت صحيفة «دالاس مورننغ نيوز» أن حاكم ولاية تكساس قال إنه لا «يعرف كل ما حدث»، لكنه انتقد الاعتقال. وأضاف: «أعتقد أن آخر شيء نريد آن نفعل هو أن نقيد صبيًا من دون سبب. أعتقد أن هذا كان حادثًا مأساويًا. لقد بالغت الشرطة في تصرفاتها. لا بد أن توازن الشرطة بين مختلف ظروف الاعتقال. يظل أهم شيء في كل مدرسة هو أمن التلاميذ والمدرسين والعاملين. لكن، في نفس الوقت، يظل أهم شيء هو التعليم العادل». ليلة الخميس الماضي، في مقابلة في تلفزيون «سي إن بي سي»، شرح أحمد ظروف اعتقاله. وقال إنه أحضر الساعة الإلكترونية التي اخترعها إلى المدرسة بهدف «إبهار المدرسين والمدرسات»، لكنه، في البداية، وجد استغرابًا واستنكارًا من مدرستين ومدرس.
سألته أول مدرسة إذا كانت الساعة «قنبلة»، وعندما قال إنها ساعة إلكترونية، اقترحت أن تحفظها في مكتبها حتى نهاية اليوم. لكنها سارعت وأبلغت مدرسة ومدرسًا. وطلبوا من أحمد الذهاب معهم إلى «غرفة التحقيقات» (غرفة اجتماعات صغيرة). هناك، حسب قول أحمد، تكرر السؤال عن إذا كانت الساعة «قنبلة»، وتكرر نفيه.
بعد عشر دقائق تقريبًا، شاهد ثلاثة من رجال الشرطة يدخلون «غرفة التحقيقات» وجاء مدير المدرسة. وسمح لأحمد أن يذهب إلى فصله، ويحضر حاجاته. عندما طلب أن يتصل بوالديه، قالت له الشرطة: «بعد نهاية توجيه أسئلة لك».
مرة أخرى، تكررت الأسئلة المشبوهة، هذه المرة من رجال الشرطة الثلاثة. وكرر أحمد أنها ساعة. وأضاف: «بعد ساعة ونصف ساعة تقريبًا، قال شرطي إنه لا بد من اعتقالي، وأخذني إلى مركز الشرطة. أخرج قيدًا، وقيدني وأنا واقف أرتجف. ليس خوفًا، ولكن لأني أحسست وكأني إرهابي، أو مجرم». وأضاف: «أعتقد أنهم عاملوني هذه المعاملة بسب لوني، وبسبب ديني». وقال أحمد: «سمعت شرطيًا يقول: (لا بد أنه هو)، وفهمت أنه يقصدني بسبب لوني وديني». في المقابلة التلفزيونية، قال أحمد إن ساعات التوتر والقلق أعقبتها ساعات السعادة والإثارة. وذلك بعد أن أطلقت الشرطة سراحه، وانتشر الخبر، حتى وصل إلى الرئيس باراك أوباما.
في المقابلة، تحدثت شاندا واينشتاين، مديرة قسم الفيزياء الفضائية في معهد «إم آي تي». ورحبت بما كان أحمد قال إنها أمنيته بأن يلتحق بالمعهد. وخاطبته: «أنت صبي مثالي، ونحن سنكون سعداء بقبولك».
وحسب صحيفة «دالاس مورننغ نيوز»، التي نشرت أمس الخبر تحت عنوان «شهرة بسبب اعتقال بسبب ساعة تطير أحمد المراهق إلى السماوات العليا»، قال أحمد: «في البداية، اعتقدت أن أحدًا لن يؤيدني لأني مسلم».
من بين الذين أيدوه ستيف ووزنيك، المؤسس المشارك لشركة «آبل» للكومبيوترات. يوم الخميس، كتب في تغريدة في صفحته في موقع «فيسبوك»: «يذكرني أحمد بما حدث لي عام 1967. اعتقلتني الشرطة لأني اخترعت (مترونوم) (بندول إيقاع). وشاهده جيران، وأبلغوا الشرطة». صباح الخميس الماضي، في برنامج «غود مورننغ أميركا» (صباح الخير يا أميركا)، تحدث أحمد. ومثل ما حدث في مقابلة تلفزيون «سي إن بي سي»، فوجئ أحمد بمتحدث باسم أكاديمية تكساس للرياضيات والعلوم يعلن تقديم «منحة كاملة له».
غير أن أحمد لم يخلُ من منتقدين. يوم الخميس، كتب فرانك غافني، مدير مركز الأمن الأميركي في واشنطن، ومن الذين يكررون أن أوباما «مسلم سري»، أن تغريدة أوباما تأييدًا لمحمد، ودعوته لمحمد ليزور البيت الأبيض، «ليست إلا دليلاً آخر على ما ظللت أقول».
غير أن الانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي انهالت على غافني. وانهالت، أيضًا، على بيث فان دوين، عمدة إيرفنغ (ولاية تكساس)، حيث وقع الحادث، لأنها دافعت عن اعتقاله.
يوم الخميس الماضي، قال والده محمد الحسن محمد لصحيفة «دالاس مورننغ نيوز» إن ابنه (14 عامًا) اعتقل لأنه مسلم. وأضاف: «كل ما فعل أحمد هو أنه يريد اختراع أشياء تفيد البشرية. لكن، لأن اسمه هو أحمد محمد، ومع الخوف بسبب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001، أعتقد أن ابني واجه هذه المعاملة السيئة». يوم الأربعاء الماضي، في مناظرة مرشحي الحزب الجمهوري، في مكتبة الرئيس الأسبق رونالد ريغان، في سيمي فالي (ولاية كاليفورنيا)، تحدث عدد منهم عن اعتقال أحمد. وقال بوبي جندال، حاكم ولاية لويزيانا: «أعتقد أن هذا الصبي، الذي يبلغ عمره 14 عامًا، ما كان يجب أن يعتقل لأنه صمم ساعة إلكترونية، وأحضرها إلى المدرسة». واشترك في النقاش دونالد ترامب، ملياردير العقارات، من دون أن يشير إلى اسم أحمد، وقال: «لا بد أن يكون هناك توازن بين الأمن والحريات المدنية». ولمح ترامب إلى أن جندال يدافع عن أحمد. وقال جيب بوش، حاكم سابق لولاية فلوريدا، إن «الشعب الأميركي يرحب بكل ما هو جديد، وإن الأمن يجب ألا يعرقل اختراعات الشباب الأميركي، مثل هذا الشاب (أحمد)». وأشار السيناتور لندسي غراهام (جمهوري، ولاية ساوث كارولينا) إلى اعتقال أحمد، ومن دون أن يتهم أحمد بأي صلة مع تنظيم داعش، أو أي منظمة إرهابية أخرى، قال: «نحن نجادل هنا، ولا نريد أن نتخذ القرار الصائب، وهو إرسال قوات أميركية إلى سوريا لمواجهة (داعش)» في وقت لاحق أثناء المناظرة، اقترح غراهام إرسال عشرين ألف جندي أميركي إلى سوريا لمواجهة المنظمات الإرهابية. يوم الأربعاء، قالت الشرطة إن الساعة الإلكترونية التي صممها أحمد، وأحضرها إلى المدرسة، كانت «مثل قنبلة» وفي مؤتمر صحافي، قال لاري بويد، مدير شرطة إيرفنغ، إن الساعة الإلكترونية كانت «تدعو إلى الشك». وأضاف بويد أن الشرطة استجوبت أحمد بعد أن اعتقلته، وأن المسؤولين في المدرسة هم الذين استدعوا الشرطة. لهذا «قيدوا أحمد، وذلك للمحافظة على سلامته، وعلى سلامة الشرطة». ثم اقتيد إلى مركز احتجاز الأحداث، ثم أفرج عنه بحضور والديه.
وقال بويد إن الشرطة كشفت على الجهاز الإلكتروني، واقتنعت بأن الجهاز «تجربة محلية الصنع. ولم نحصل على أي دليل يدعم الاعتقاد بأن الجهاز شيء يدعو للخطر». ووصف بويد الحادث بأنه «حادث ساذج».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».