طهران تناشد الإيرانيين المغتربين بالعودة إلى بلادهم.. ونشطاء حقوقيون: لا نثق بقرارات روحاني

الحكومة قالت إنها لا تعتقل أصحاب الرأي.. لكن سجن الصحافيين يكذب طرحها

طهران تناشد الإيرانيين المغتربين بالعودة إلى بلادهم.. ونشطاء حقوقيون: لا نثق بقرارات روحاني
TT

طهران تناشد الإيرانيين المغتربين بالعودة إلى بلادهم.. ونشطاء حقوقيون: لا نثق بقرارات روحاني

طهران تناشد الإيرانيين المغتربين بالعودة إلى بلادهم.. ونشطاء حقوقيون: لا نثق بقرارات روحاني

رغم مطالبة الحكومة الإيرانية مواطنيها في الخارج بالعودة مجددا إلى البلاد والعيش فيها دون اعتقال أصحاب الرأي، فإن بعض النشطاء الحقوقيين الإيرانيين أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنهم لا يثقون في قرارات حكومة الرئيس حسن روحاني، خاصة بعد اعتقال عدد من الصحافيين عقب عودتهم إلى طهران مؤخرا.
وعقب تولي روحاني الحكم سنة 2013، دعت الخارجية الإيرانية للمرة الأولى الإيرانيين المغتربين في الخارج، والبالغ عددهم نحو 7 ملايين مواطن، إلى العودة لبلادهم، إلا أنه تم اعتقال الصحافيين سراج الدين ميردامادي وإسماعيل جرامي مقدم بسبب آرائهما المنتقدة لنظام الجمهورية الإسلامية، ولا يزالان يقبعان في السجن، حسب ما قالت مصادر مقربة منهم.
وقالت زهرة أرميني، وهي ناشطة إيرانية في مجال حقوق المرأة: «أعتقد أن ادعاء النظام الإيراني رغبته في عودة الإيرانيين إلى بلادهم هو مجرد لفتة دبلوماسية مع الغرب بعد الاتفاق النووي، وذلك من أجل إظهار أن طهران تحترم حقوق الإنسان، وأنها تظهر التسامح مع خصومها». وتابعت مستدركة: «لكن نظام الجمهورية الإيرانية أسس على الكذب والخداع والجرم، فحكومة روحاني تريد إضعاف المعارضة في الخارج».
وأضافت أرميني، التي تعيش في ألمانيا منذ سنوات بعد هربها من استمرار الممارسات القمعية للنظام الإيراني: «ما تطالب به إيران لن يغير من سياستها وموقفها تجاه المعارضة، ولو كانت حكومة روحاني صادقة لكانت أعلنت عن إطلاق سراح النشطاء السياسيين من السجون».
وكانت سلطات إيران قد قالت على لسان حسن قشقاوي، مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والبرلمانية، خلال زيارته لمدينة نيويورك الأسبوع الماضي، إن «الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج وولدوا ما بين سنتي 1976 و1989 يستطيعون دفع غرامة بسبب عدم تأديتهم للخدمة العسكرية»، إلا أنه لم يتطرق في حديثه لقضية المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي في الداخل، وهو ما علقت عليه أرميني بقولها إن «القوانين الحالية لإيران جددت حبس الناشط الإيراني بهاره هدايت لمدة عامين بعد انتهاء مدة حبسه، كما أعادت الشاعر هالو للسجن مرة أخرى».
من جهتها، أوضحت جيلا بني يعقوب، الكاتبة الصحافية ورئيسة تحرير موقع «كانون زنان» (جمعية المرأة)، عبر الإيميل من طهران، أن «حكومة روحاني دعت الإيرانيين للعودة إلى بلادهم، لكن هذا لا يعني أن تكون الإدارات الأخرى مهتمة بهذا الأمر، فروحاني لا يستطع أن يؤمن عودة الإيرانيين ويمنحهم ضمانات لحمايتهم من المؤسسات الأمنية والقضاء».
ودعا قشقاوي الإيرانيين المستثمرين في الخارج للعودة إلى بلادهم، وقال بخصوص الإيرانيين الذين يحملون جنسية مزدوجة إن «القانون الإيراني يتبع جنسية واحدة هي الجنسية الإيرانية، ومن الآن فصاعدا لا حاجة للمواطنين عند دخول البلاد أن يعرضوا جنسيتهم الأخرى، بل إنهم يكتفون بعرض هويتهم الإيرانية».
واعتبرت بني يعقوب، وهي واحدة من سجناء الرأي في إيران منعت من العمل في الصحف الإيرانية، أن روحاني يريد أن يحافظ على جمهوره بهذا الطرح، وقالت بهذا الخصوص: «أعتقد أن الإيرانيين لا يستطيعون الثقة في الحكومة، وكمثال على ذلك فلو اعتقل إيراني عقب عودته من قبل الأمن، أو القضاء أو الحرس الثوري، وألقي به في السجن، فإن الدولة لن تفعل له أي شيء». وأضافت بني يعقوب أنه «خلال عامين طالبت الخارجية الإيرانية المهاجرين بالعودة إلى بلدهم، لكن عقب عودة بعضهم تم اعتقالهم، وهم يقبعون الآن في السجون، مثل الصحافيين سراج الدين ميردامادي وإسماعيل جرامي مقدم».
وكان قشقاوي قد أعلن أن إيران لن تعتقل أصحاب الآراء المنتقدة للجمهورية الإسلامية، إلا أن السلطات الإيرانية قامت قبل يومين من الإعلان عن نيتها احتضان الإيرانيين في الخارج باعتقال الأمين العام لحزب «اتحاد ملت إیران» (التحالف الشعبي الإيراني) عقب عودته إلى إيران، بتهمة إحداث الفتنة بين الناس تجاه الحكومة. كما أصدر القضاء الإيراني قبل يومين حكما بسجن علي شريعتي، الناشط في الحركة الخضراء، لمدة 12 عاما، وذلك بعد إلقاء القبض عليه قبل 5 أشهر، واتهامه بالتحريض ضد الجمهورية الإسلامية، وهو ما يتعارض مع تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قال إن بلاده «لا تسجن شخصا بسبب رأيه»، وهو ما يراه مراقبون بأنه يزيد مخاوف الإيرانيين في الخارج من العودة إلى السجون مرة أخرى.
وأكدت بني يعقوب أن الإيرانيين المغتربين بالخارج ليست لديهم مشكلة في العودة إلى البلاد، إلا أن النشطاء السياسيين والحقوقيين لا يستطيعون العودة بسبب ضغوط خارجة عن الحكومة، مثل الجيش والقضاء، لأن الأدوات اللازمة لتنفيذ عودة الإيرانيين توجد في يد المحاكم الثورية والحرس الثوري الإيراني.



تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.