في ثاني مناظرة لحملة الانتخابات التمهيدية.. الجمهوريون يتحدون لهزم ترامب

قالوا إن تعرض مشاريعه للإفلاس يطرح أسئلة حول مدى قدرته على تسيير مالية أميركا

المرشحون لتمثيل الحزب الجمهوري مع دونالد ترامب في المناظرة التلفزيونية الثانية من حملة الانتخابات التمهيدية  التي أقيمت في سيمي فالي قرب لوس أنجليس بكاليفورنيا ليلة أول من أمس (أ.ب)
المرشحون لتمثيل الحزب الجمهوري مع دونالد ترامب في المناظرة التلفزيونية الثانية من حملة الانتخابات التمهيدية التي أقيمت في سيمي فالي قرب لوس أنجليس بكاليفورنيا ليلة أول من أمس (أ.ب)
TT

في ثاني مناظرة لحملة الانتخابات التمهيدية.. الجمهوريون يتحدون لهزم ترامب

المرشحون لتمثيل الحزب الجمهوري مع دونالد ترامب في المناظرة التلفزيونية الثانية من حملة الانتخابات التمهيدية  التي أقيمت في سيمي فالي قرب لوس أنجليس بكاليفورنيا ليلة أول من أمس (أ.ب)
المرشحون لتمثيل الحزب الجمهوري مع دونالد ترامب في المناظرة التلفزيونية الثانية من حملة الانتخابات التمهيدية التي أقيمت في سيمي فالي قرب لوس أنجليس بكاليفورنيا ليلة أول من أمس (أ.ب)

على الرغم من تنوع القضايا التي طرحت خلال المناظرة التي أدارتها شبكة «سي إن إن» مع المرشحين الجمهوريين الذين يسعون للفوز بترشيح الحزب لهم في الانتخابات الرئاسية عام 2016، لكن تجلى واضحًا هيمنة قضايا السياسة الخارجية على جانب كبير من المناظرة، وأبرزها الصفقة النووية مع إيران.
وهاجم جميع المتنافسين (الخمسة عشر) بشكل قوي سياسات الرئيس باراك أوباما، وخصوصًا في ما يتعلق باستراتيجيته في سوريا ومكافحة التطرف والإرهاب، وكيفية إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة، ووصفوا سياساته الخارجية بأنها ضعيفة مع الصين وروسيا. كما نالت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والمرشحة المحتملة عن الحزب الديمقراطي جانبًا كبيرًا من الهجوم، خاصة فضيحة استخدامها بريد شخصي خلال توليها وزارة الخارجية.
وخلال المناظرة، التي أقيمت مساء أول من أمس بمكتبة الرئيس الأسبق رونالد ريغان بولاية كاليفورنيا، تم تقسيم تدخلات المرشحين إلى جلستين: الأولى ضمت أربعة مرشحين هم السيناتور ليندسي جراهام، وحاكم ولاية أريزونا بوبي جندال، والسيناتور وريك سانتورم وحاكم ولاية نيويورك السابق جورج باتاكي.
أما الجلسة الثانية فكانت الأكثر إثارة بين 11 مرشحًا، بينهم امرأة واحدة هي كارلي فيورينا، الرئيسة السابقة لمجلس إدارة شركة «إتش بي» لأجهزة الكومبيوتر، وعشرة من أبرز المتنافسين للفوز بترشيح الحزب. وعلى مدى ثلاث ساعات طرح المتنافسون وجهات نظرهم في مختلف القضايا وتبادلوا الهجوم والرد. وقد أوضح المحللون أن فيورينا كانت في صدارة الفائزين في ساحة النقاش، ونالت حظًا وافرًا من التصفيق بعد أن تثبت معرفتها بالقضايا الخارجية والقضايا الاقتصادية، وقالت إنها تشك في قدرات ترامب على التعامل مع الأسلحة النووية، كما شككت في قدرته على التعامل مع القضايا الاقتصادية لاميركا ومدى قدرته على تسيير مالية البلاد، خاصة بعد أن قام بإشهار إفلاسه أربع مرات من قبل، وقالت بشكل ساخر: «أعتقد أن السيد ترامب رجل أعمال يجيد مشروعات التسلية»، وبعد ذلك قفز حاكم ولاية نيو جيرسي إلى النقاش قائلاً لترامب وفيورينا، إن «الناخبين لا يهتمون بمناقشة تاريخكم الوظيفي، والحديث يجب أن ينصب على وظائف وفرص عمل للطبقة الوسطى».
وبخصوص الاتفاق النووي الإيراني، قالت فيورينا إنه في حال فوزها بمقعد الرئاسة فإن أول مكالمتين هاتفيتين ستجريهما سيكونان لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتأكيد على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، والثانية لآية الله خامنئي لمطالبته بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية العسكرية في أي وقت. كما أظهرت فيورينا موقفًا حازمًا من التدخل الروسي في سوريا، مشيرة إلى أنها ستقوم بزيادة الوجود العسكري الأميركي في شرق أوروبا وستستغل كل القدرات الأميركية لدفعة بوتين للتراجع عن تحركاته في سوريا وأوكرانيا.
ورغم التفوق الكبير لدونالد ترامب في استطلاعات الرأي، فإن إجاباته حول قضايا السياسة الخارجية وقضايا الهجرة كانت متعثرة، حيث أعطى إجابات مشوشة حول رؤيته لكيفية التعامل مع الأزمة السورية، داعيًا إلى ترك السوريين والتنظيمات الإرهابية يتقاتلون بعضهم البعض، واتهم أوباما بافتقار الشجاعة عندما قام برسم خط أحمر للرئيس بشار الأسد ثم تراجع عنه. أما في ما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني فقد وصف ترامب الإيرانيين بأنهم ممثلون سيئون، وأشار إلى أن كوريا الشمالية تمثل تهديدًا كبيرًا أيضًا.
من جانبه، أوضح حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش، إن لديه استراتيجية جديدة لاستعادة الدور القيادي للولايات المتحدة في العالم وتعزيز القدرات العسكرية للجيش، إذ قال إنه يتبنى مفهوم السلام من خلال القوة، مؤكدًا أن مواجهة إيران يتطلب مساندة قوية لإسرائيل.
وأشار المحللون إلى أن السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو أظهر كفاءة كبيرة في ردوده بشأن القضايا الخارجية، وجذب الأضواء بهجومه على إدارة أوباما وضعفها إزاء قيام روسيا باستغلال الفراغ الأميركي في الشرق الأوسط، واشتبك راند بول، السيناتور عن ولاية كنتاكي، مع حاكم ولاية ويسكونسن سكوت ووكر حول مطالبة الأخير للرئيس أوباما بإلغاء العشاء الذي يقيمه للرئيس الصيني شي جين بينغ بسبب تصرفات الصين، والقرصنة الإلكترونية التي تقوم بها ضد الولايات المتحدة.
وقال السيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز إنه عارض السماح للرئيس أوباما بضرب «داعش» في سوريا خشية سقوط أسلحة كيماوية في يد الجماعات المتشددة، وأوضح أن أول خطوة سيقوم بها كرئيس هي إلغاء الصفقة النووية مع إيران وعدم السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية.
كما احتلت قضية الهجرة غير الشرعية جانبًا من المناظرة، بعد تصريحات دونالد ترامب التي دعا فيها إلى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وبناء حائط كبير على الحدود الأميركية المكسيكية لمنع الهجرة غير الشرعية. فيما رفض حاكم نيوجيرسي كريس كرسيتي وحاكم فوريدا السابق جيب بوش أفكار ترامب، وقالوا إن ترحيل ملايين المهاجرين يتطلب توفير موارد بشرية ومادية كبيرة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.