تركي الفيصل: الأسد إرهابي.. والإعلام ساهم في دعاية «داعش»

تدخل إيران في المنطقة انعكس عليها سلبًا ومظاهرات العراق المناهضة لها أبرز مثال

جانب من محاضرة الأمير تركي الفيصل في البرلمان البريطاني مساء أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)
جانب من محاضرة الأمير تركي الفيصل في البرلمان البريطاني مساء أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)
TT

تركي الفيصل: الأسد إرهابي.. والإعلام ساهم في دعاية «داعش»

جانب من محاضرة الأمير تركي الفيصل في البرلمان البريطاني مساء أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)
جانب من محاضرة الأمير تركي الفيصل في البرلمان البريطاني مساء أول من أمس (تصوير: جيمس حنا)

شدّد الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات السعودية السفير السابق في واشنطن ولندن، في جلسة برلمانية في العاصمة البريطانية مساء أول من أمس، أن تنظيم داعش الإرهابي هو أحد أعراض نظام الأسد، مشيرا إلى أن معضلة «داعش» لن تنتهي ما دامت الأزمة السورية مستمرة.
وأكّد الأمير تركي الفيصل خلال محاضرته في البرلمان، والتي أدارها النائب البرلماني رحمان شيستي بمشاركة عدد من السفراء العرب في لندن وبرلمانيين بريطانيين ووزراء دفاع سابقين، على أهمية الإشارة إلى التنظيم الإرهابي، الذي تصدّر عناوين الصحف العربية والغربية، باستعمال لفظ «فاحش» الذي يعكس فظاعة أنشطته، ومقاومة تسميات «تنظيم داعش» أو «تنظيم الدولة في العراق والشام» أو «تنظيم الدولة في العراق ولبنان»، موضّحا أن التنظيم ليس دولة، وأنه لا علاقة له بالإسلام والمسلمين. وأضاف أن: «الإشارة إلى تنظيم معروف بإعداماته العلنية لمدنيين أبرياء بتسمية (الدولة الإسلامية) هو إهانة لديانة جميع مسلمي العالم، ولمؤسسات الدولة نفسها». إلى ذلك، نبّه الفيصل إلى الدور الذي لعبته بعض وسائل الإعلام في تعزيز «بروباغاندا» التنظيم الإرهابي ودعايته، ومحاولات بعضها نسبه إلى دين الإسلام، متجاهلة أن مسلمي العراق وسوريا، باختلاف مذاهبهم، يشكلون أعلى نسب ضحايا عنف وإرهاب التنظيم.
وفي تعليق حول جاذبية التنظيم لبعض الشباب في الغرب، قال الفيصل إن السعودية تعاني هي الأخرى من انضمام بعض شبابها إلى صفوف العنف في سوريا والعراق، وإن السبب الأساسي وراء ذلك يكمن في ترويج «فاحش» لفكرة مجتمع متحد يخدم هدفا ساميا. ويوضّح: «يتبين من خلال شهادات أفراد التحقوا بتنظيمات إرهابية مختلفة كـ(القاعدة) أو (فاحش) أو غيرهما، أنهم كانوا يتوقّعون الانضمام إلى مجتمع قائم على تعاليم الإسلام وعبادة الله تعالى، يحظون فيه بالمساواة ويتمتعون بنفس فرص الحياة الكريمة». في المقابل، اكتشف هؤلاء أنهم التحقوا بتنظيم لا يقبل التشكيك في مراكز سلطته، ويفتقر إلى القبول ولا يعترف إلا بالعنف. وأشار رئيس المخابرات السابق إلى أنه يتعين على مختلف الجهات بذل المزيد من الجهود لمكافحة تأثير التنظيم الإرهابي على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يعد أبرز منصات التجنيد دوليا، وشدّد: «إن كانوا يكدّون ويجتهدون لإقناع الناس بالانضمام إليهم، فعلينا أن نكدّ ونجتهد أكثر».
في الملف السوري، أكّد السفير السابق أن السعودية لن تقبل بأي حل للحرب في سوريا يبقي بشار الأسد في السلطة، معتبرا ذلك إهانة لأرواح 350 ألف سوري قتلوا على أيدي النظام. وردّا على سؤال «الشرق الأوسط» حول سبل الضغط على روسيا لتغيير موقفها حول بقاء الأسد في السلطة، أوضح الأمير أن هناك «فجوة» كبيرة بين الرؤيتين الروسية والسعودية. وأردف: «الروسيون يصوّرون الأسد كمحارب للإرهاب، أما السعودية فتعتبر الأسد نفسه إرهابيا، بل ومجنّدا للإرهاب والإرهابيين كما وصفه ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني السابق». أما فيما يتعلّق باجتماع الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي من المتوقع أن ينعقد الشهر المقبل لمناقشة ضربات جوية ضد تنظيم داعش، فقال الفيصل إن ذلك لن يحل الأزمة حيث إن «الداء لم يعالج»، في إشارة إلى بقاء الأسد في زمام السلطة. وتابع: «لا أحد يسعى إلى تجريد سوريا من هيكل حكومي أو حل الجيش والمؤسسات الأمنية، لكن يتعيّن التعريف بالمسؤولين عن القتل ومعاقبتهم.. فلا يصعب تحديد من أمر بإلقاء قنابل ضد المدنيين أو باستعمال الأسلحة الكيماوية». كما ذكّر الأمير بدعم السعودية لـ«جنيف 1» التي تدعو إلى حكومة انتقالية يشارك فيها ممثلون للحكومة والمعارضة.
أما فيما يتعلّق بإيران، فأكّد الأمير أن تدخل طهران في الشؤون الداخلية لبعض دول المنطقة انعكس عليها سلبا، مشيرا إلى الدعم المالي والعسكري الضخم الذي تقدمه إلى القوات الموالية لبشار الأسد في سوريا وتجنيدها حزب الله وميليشيات عراقية وأفراد في أفغانستان وباكستان للقتال لصالحه، ما أدّى إلى اعتبار طهران من قبل عدد من الجهات عدوّا للشعب السوري. أما في العراق، وهو نموذج يعكس موقف السلطات الإيرانية بامتياز، فاندلعت مظاهرات شارك فيها عراقيون من جميع المذاهب، من مدينة البصرة إلى بغداد ومدن أخرى، للتنديد بالتدخل الإيراني في شؤون العراق الداخلية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.