أوباما يستقبل الرئيس الصيني وسط توترات بين البلدين

القرصنة الإلكترونية والانبعاث الحراري وحقوق الإنسان على طاولة مباحثات الرئيسين

سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي خلال استقبالها مسؤولين صينيين بواشنطن في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي خلال استقبالها مسؤولين صينيين بواشنطن في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

أوباما يستقبل الرئيس الصيني وسط توترات بين البلدين

سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي خلال استقبالها مسؤولين صينيين بواشنطن في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي خلال استقبالها مسؤولين صينيين بواشنطن في أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس أوباما سيستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، في «زيارة دولة» تعد أعلى درجة للتعبير عن علاقات ثنائية ودية بين دولتين ذواتي سيادة، وتتميز بشكل كبير بمظاهر دبلوماسية احتفالية واسعة.
ويرحب الرئيس أوباما بنظيره الصيني مع إطلاق 21 طلقة احتفالية في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض، ويقيم الرئيس أوباما وزوجته حفل عشاء رسميا للرئيس الصيني وزوجته. ويتوجه الرئيس الصيني إلى نيويورك بعد ذلك لإلقاء كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 سبتمبر الحالي.
وقال البيت الأبيض إن زيارة الرئيس الصيني تقدم فرصة لتوسيع علاقات التعاون بين الولايات المتحدة والصين في مجموعة من القضايا العالمية والإقليمية والثنائية ذات الاهتمام المشترك. وأشار إلى أن الرئيس أوباما سيثير قضية المخاوف الأميركية بشأن الأمن الإلكتروني مع الرئيس الصيني. وتسعى إدارة أوباما للتوصل إلى اتفاق ملزم مع الصين لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030، كما تسعى الإدارة الأميركية لإظهار دعم بكين القوي للاتفاق النووي الذي عقدته الولايات المتحدة والقوى العالمية مع إيران.
ويأتي اجتماع الرئيسين الأميركي والصيني في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين توترا على خلفية الهجمات والقرصنة الإلكترونية التي تقوم بها الصين وتستهدف مواقع حكومية ومواقع لشركات أميركية كبيرة. وقد شهد الكونغرس الأميركي عدة جلسات لمناقشة وابل من الهجمات الإلكترونية استهدفت سجلات الموظفين الحكوميين، وطالب المشرعون بفرض عقوبات اقتصادية على الصين بسبب تلك الهجمات التي حصلت بسببها الصين على أسرار تجارية.
كما تأتي الزيارة في وقت تسعى فيه الصين لخفض قيمة عملتها مما يؤثر على انخفاضات في سوق الأسهم وارتفاعات في معدلات الركود الاقتصادي. وقد شهد الاقتصاد الصيني اضطرابات كبيرة في الأسابيع الماضية أثرت على أسواق المال الأميركية. وعلى المستوى العسكري، تجاهلت الصين تحذيرات أميركية حول قيامها ببناء مواقع عسكرية في بحر الصين الجنوبي حيث تتنازع الصين مع جيرانها حول النفوذ في بحر الصين الجنوبي. وفي جانب آخر، تطالب عدة منظمات حقوقية بالضغط على بكين لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض: «أوضحنا جيدا مخاوفنا بشأن سلوك الصين في مجال الأمن الإلكتروني، وأوضحنا بشكل مباشر العواقب الملموسة لذلك على اقتصادنا وأمننا القومي، والحكومة الصينية تدرك أن الولايات المتحدة جادة في مخاوفها». وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض إلى أن مسؤولين أميركيين عقدوا اجتماعات الأسبوع الماضي مع نظرائهم الصينيين لمناقشة المخاوف الأميركية حول القرصنة الإلكترونية، لكنه أكد أنه ليست لديه معلومات تتعلق بتوقيت فرض عقوبات محتملة على الصين تتعلق بالهجمات الإلكترونية.
وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» نقلا عن مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى أن المسؤولين الأميركيين اتخذوا قرارا بتأجيل فرض عقوبات على الصين بعد التوصل إلى اتفاق جوهري خلال اجتماعات المسؤولين الأميركيين ونظرائهم الصينيين الأسبوع الماضي. وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الأميركيين يدركون أن التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على بكين قد يؤدي إلى إلغاء زيارة الرئيس الصيني للولايات المتحدة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.