الدبلوماسية الإيرانية تناقض نفسها بشأن هروب سفيرها من صنعاء

سفير أسمرة في الرياض لـ «الشرق الأوسط»: نسيطر على الجزر ولا يوجد لطهران موطئ قدم فيها

دخان وأجزاء تتطاير من مبنى استهدفته قوات التحالف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ب)
دخان وأجزاء تتطاير من مبنى استهدفته قوات التحالف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ب)
TT

الدبلوماسية الإيرانية تناقض نفسها بشأن هروب سفيرها من صنعاء

دخان وأجزاء تتطاير من مبنى استهدفته قوات التحالف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ب)
دخان وأجزاء تتطاير من مبنى استهدفته قوات التحالف في العاصمة صنعاء أمس (أ.ب)

تعددت الروايات حول سبل وصول السفير الإيراني لدى اليمن سيد حسين نيكنام لبلاده، بعد حالة الغموض التي سادت الأيام الماضية إثر اختفائه من العاصمة صنعاء التي باتت قريبة من الانتصار على الانقلاب الحوثي وقوات المخلوع صالح.
وما زالت أسباب مغادرة نيكنام مجهولة وتتراوح بين حاجته إلى العلاج وقضائه عطلة بين أسرته في إيران، وزادت تعليقات المسؤولين الإيرانيين من الغموض حول الأسباب الحقيقة التي تقف وراء مغادرة السفير الإيراني في صنعاء، وذلك بعد التباين الذي اتضح في تصريحي مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، والناطقة باسم وزارة الخارجية مرضية أفخم، فالأول أعلن أن الفحوصات الطبية كانت السبب وراء ترك السفير مكتبه في اليمن والعودة لبلاد، أما أفخم فقالت إنه عاد لقضاء إجازته السنوية.
ويبدو أن إيران أدركت أخيرا صعوبة الأوضاع في اليمن مع دك التحالف والجيش الشرعي النظامي معاقل الحوثيين الواحد تلو الآخر، بدءا من عدن جنوبا ووصولا إلى مأرب التي تقع على خط التماس مع العاصمة شمالا، والتي تحتضن اللجنة الثورية مركز سيادة الانقلابيين.
وأربك تقدم المقاومة اليمنية الحسابات الإيرانية، وأكد مصدر يمني لـ«الشرق الأوسط» أن طهران لم تتوقع هزيمة الميليشيات في المحافظات، ورد الفعل الشعبي ضدهم حيث كانت تتصور أن مشروعها سيجد الرعاية من بعض المكونات اليمنية وهو ما لم يحدث، وتوقع المصدر - الذي رفض الكشف عن اسمه - إجلاء مزيد من الإيرانيين خلال الأيام القادمة بسبب ضعف موقف حليفها الحوثي.
ورجح مراقبون أن يكون السفير الإيراني قد سلك طريقه من صنعاء إلى إريتريا عبر ميناء الحديدة وجزر حنيش، إلا أن محمد عمر سفير إريتريا لدى السعودية أكد لـ«الشرق الأوسط» أن تلك المعلومات ليست صحيحة على الإطلاق، وأضاف أن الهدف منها تشويه العلاقات مع دول التحالف وفي طليعتها السعودية.
وأوضح أن حكومة بلاده تسيطر على جزرها ولا يوجد لإيران موطئ قدم فيها، مشددا على أن إريتريا لن تكون مقرا لمعسكرات تدريبية تضر باليمن وأهله، مضيفا أن السلطات في بلاده حريصة على سلامة المياه الإقليمية من أية خروقات قانونية ولن تسمح بأي تجاوز من أي طرف أو دولة تحت أي ذريعة.
وأمام النفي الإريتري، ذكر مصدر سياسي جيبوتي لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده لم تكن معبرا لخروج السفير الإيراني، مؤكدا أن علاقة الإيرانيين بالإريتريين أقوى من علاقتهم ببلاده.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.