ممر جوي عسكري لروسيا عبر إيران والعراق يتحدى واشنطن

سبع طائرات نقل ضخمة أقلعت الأسبوع الماضي ونقلت أسلحة إلى سوريا

صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية الرسمية تظهر طائرة روسية تحمل «مساعدات إنسانية» تنزل حمولتها في مطار باسل الأسد في اللاذقية (غيتي)
صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية الرسمية تظهر طائرة روسية تحمل «مساعدات إنسانية» تنزل حمولتها في مطار باسل الأسد في اللاذقية (غيتي)
TT

ممر جوي عسكري لروسيا عبر إيران والعراق يتحدى واشنطن

صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية الرسمية تظهر طائرة روسية تحمل «مساعدات إنسانية» تنزل حمولتها في مطار باسل الأسد في اللاذقية (غيتي)
صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية الرسمية تظهر طائرة روسية تحمل «مساعدات إنسانية» تنزل حمولتها في مطار باسل الأسد في اللاذقية (غيتي)

تستخدم روسيا ممرا جويا فوق العراق وإيران لنقل معدات عسكرية إلى وجهة جديدة في سوريا، في تحد واضح لجهود الولايات المتحدة لوقف الإمدادات لتلك المناطق، الأمر الذي يزيد من حدة التوتر مع واشنطن.
وكشف مسؤولون أميركيون الأحد أن سبع طائرات نقل روسية ضخمة أقلعت من قاعدة جوية جنوب روسيا في وقت ما الأسبوع الماضي، لنقل معدات لسوريا فوق المجال الجوي الإيراني والعراقي.
وصرح مسؤول أميركي أن الطائرات توجهت إلى قاعدة جوية جنوب اللاذقية بسوريا، في خطوة تضمن لروسيا إيجاد موطئ قدم في الشرق الأوسط يعتبر الأكبر خلال العقود الماضية.
وكانت الإدارة الأميركية تأمل لو أنها أعاقت الجهود الروسية لنقل معدات عسكرية وقوات إلى سوريا عندما أعلنت بلغاريا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، غلق مجالها الجوي أمام حركة الطيران، غير أن روسيا شرعت فورا في إرسال طائراتها إلى العراق وإيران. ومن ناحيته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تلك الرحلات سوف تستمر رغم الاعتراضات الأميركية.
وأظهرت الأحداث تحديا سياسيا آخر أمام الولايات المتحدة، وهو كيف تدفع رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، الذي أتى للسلطة بمباركة منها إلى العمل على منع الطيران الروسي من استخدام مجاله الجوي. وأثار دبلوماسيون أميركيون الأمر مع الحكومة العراقية في 5 سبتمبر (أيلول) الحالي، على أمل أن تحذو العراق حذو بلغاريا بأن تعلن غلق مجالها الجوي أمام طائرات الإمداد الروسي.
وحسب مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه، جاء الرد العراقي بأنهم سوف ينظرون في الأمر، لكن حتى الأسبوع الماضي لم يتخذ العراقيون قرارا في هذا الشأن. ورفض متحدث باسم رئيس الوزراء العراقي الأحد التعليق، مؤكدا أنه ليس لديه معلومات حول الطيران الروسي أو قلق الولايات المتحدة من هذا الأمر. ومنذ عامين، دخل مسؤولون روس في مواجهة مع نوري المالكي، سلف حيدر العبادي، عندما سمحت العراق لإيران باستخدام مجالها الجوي لإرسال طائرات محملة بالأسلحة، والذخيرة، وغيرها من المعدات إلى سوريا من خلال مجالها.
ومما زاد من حجم التحدي أمام حيدر العبادي هو جهوده في سبيل المحافظة على العلاقات مع الولايات المتحدة، وإيران وروسيا. في حين أرسلت الولايات المتحدة نحو 3500 مستشار لمساعدة العراق في حربه ضد «داعش»، تلقى العراق دعما عسكريا من إيران للمساعدة في تلك الحرب، حيث تدعم إيران بشار الأسد شأنها شأن روسيا، إضافة إلى أن العراق يشتري السلاح من موسكو التي زارها عبادي في مايو (أيار) الماضي.
وتعتبر قدرة العراق على حماية مجاله الجوي محدودة للغاية نظرا لقلة عدد طائراته، غير أنه بمقدور العراقيين إبلاغ الروس بأنه غير مصرح لهم بالطيران في المجال الجوي العراقي، ويمكنها كذلك طلب المساعدة من الولايات المتحدة لاستكشاف ومنع الطيران الروسي.
وقال رمزي مارديني، الزميل غير المتفرغ بمجلس الأطلسي البحثي بواشنطن في مقابلة عبر الهاتف من أربيل في العراق، إنه «منذ تخلي المالكي عن القيادة والسلطة في العراق، اكتظت العراق بالكثير من اللاعبين الذين يسعون للانفراد بالسلطة باستخدام القوة». وأضاف مارديني أن «الحيادية هي أقصى ما تتمناه واشنطن لبغداد»، مضيفا أن «العراق ليس بالدولة الديكتاتورية، عكس باقي حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فالعراق لا يزال دولة هشة وقادتها حديثو العهد بالسياسة. وفي السياسة العراقية، يمكن تشبيه دفع عبادي للوقوف في صف الولايات المتحدة ضد الأسد، بوضعه وسط المحور السني ضد المحور الشيعي».
وصرح مسؤول بالسفارة الروسية في طهران لوكالات الأنباء الروسية، الأربعاء، أن إيران وافقت على استخدام روسيا للمجال الجوي الإيراني في الطيران إلى سوريا، غير أن المسؤولين الإيرانيين أكدوا على أن الشحنة لا تحوي سوى معونات إنسانية.
وفي هذا الصدد جاءت تحذيرات إدارة الرئيس أوباما للروس صارمة إلى حد كبير. وفي نفس اليوم الذي تواصلت فيه الإدارة الأميركية مع العراق ومع غيرها من الدول في شأن الطيران الروسي، اتصل جون كيري بوزير الخارجية الروسي لافروف ليحذر الكرملين من التوسع في الدعم العسكري للحكومة السورية. وفي تصريح صادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول المكالمة الهاتفية، قال كيري بأن ذلك من شأنه أن يؤجج الصراع، وقد يؤدي إلى مواجهة غير مقصودة مع قوات التحالف التي توجه ضربات ضد «داعش» في سوريا.
وفى كلمة خلال لقاء مع القوات بقاعدة «فورت مايد» الأسبوع الماضي، قال أوباما «يبدو الأسد الآن قلقا بسبب استقدامه للخبراء الروس للعمل بالبلاد وبسبب جلبه للأسلحة الروسية»، مضيفا: «غير أن ذلك لن يغير من جوهر سياستنا وهي الاستمرار في الضغط على داعش في العراق وسوريا، لكننا أيضا سوف نشرك روسيا معنا في الأمر كي تعرف أنه لا ينبغي عليها الاستمرار في أمر خطير ونتائجه مقدر لها الفشل مقدما».
ولا يبدو أن تلك التحذيرات كان لها أي تأثير يذكر على الرئيس فلاديمير بوتين الذي يبدو مصمما على خلق حقائق جديدة على الأرض في سوريا. وبحسب المخابرات الأميركية، توجه إلى سوريا نحو 200 من قوات البحرية الروسية، إضافة إلى ستة مدافع تحرس القاعدة الجوية جنوب اللاذقية، وتم إنشاء عدد من المباني سابقة التجهيز كي تستوعب نحو 1500 عسكري. كذلك لوحظ وجود العشرات من المركبات الروسية في القاعدة، منها نحو عشر مركبات متطورة للمشاة.
وفي حين قالت الاستخبارات الأميركية بأنها لم ترصد طائرات حربية روسية، أفاد مسؤولون أميركيين أنه من المتوقع وصول طائرات هجومية من روسيا طراز «إس يو 25» و«إم أي جي 31» إلى سوريا خلال المرحلة القادمة من التعزيزات. كذلك من الممكن إرسالها في صناديق ثم يتم تجميعها في سوريا أو ترسل الشحنات إلى القاعدة الجوية مباشرة.
وحسب محللين، من الممكن أن يخدم التحرك الروسي عدة أغراض: فبالإضافة إلى مساندة الأسد ودعم خطة الكرملين لتكوين تحالف جديد ضد «داعش» يضم إيران والحكومة السورية، فإن ذلك التحالف يمنح روسيا سلطة أكبر في مستقبل سوريا، ويبعد الانتباه عن تدخل روسيا في أوكرانيا.
وقال أندرو ويس، نائب رئيس صندوق كارنيغي للسلم الدولي، إن «الروس أدوا عملا بارعا بأن غيروا الموضوع عشية وصول فلاديمير بوتين إلى نيويورك لحضور احتفالات الأمم المتحدة بالذكرى السبعين لتأسيسها».
ويحتفظ الروس منذ زمن طويل بقاعدة عسكرية في مدينة طرطوس الساحلية، لكن في حال استمر الكرملين في تعزيزاته العسكرية بالقرب من اللاذقية وواصل حشد طائراته الحربية هناك، فمن شأن ذلك تعزيز قدرة روسيا على التواجد في سوريا والدول المجاورة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.