روسيا تقيم مدرجًا طويلاً بمطار في اللاذقية لاستيعاب إمداداتها العسكرية

برلين تقود توجهًا لإنشاء مجموعة اتصال دولية لحل الصراع السوري

روسيا تقيم مدرجًا طويلاً بمطار في اللاذقية لاستيعاب إمداداتها العسكرية
TT

روسيا تقيم مدرجًا طويلاً بمطار في اللاذقية لاستيعاب إمداداتها العسكرية

روسيا تقيم مدرجًا طويلاً بمطار في اللاذقية لاستيعاب إمداداتها العسكرية

قال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير، أمس، إنه يجب على أوروبا أن تتوقف عن التعاطي بعجز فيما يشتد «القتل» في سوريا، داعيا الاتحاد إلى إعادة النظر في استراتيجيته حول النزاع. فيما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وجود مئات المستشارين العسكريين والفنيين الروس يقومون ببناء مدرج قرب مطار عسكري في محافظة اللاذقية (غرب)، مركز ثقل النظام السوري.
في الوقت الذي نقلت فيه وكالات أنباء روسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله إن روسيا ستواصل الإمدادات العسكرية إلى سوريا، مضيفا «كانت هناك إمدادات عسكرية، وهي مستمرة وستتواصل، يرافقها حتما أخصائيون روس يساعدون في تركيب العتاد وتدريب السوريين على كيفية استخدام هذه الأسلحة».
وذكر المرصد أن «القوات الروسية تعمل على إقامة مدرج طويل في منطقة مطار حميميم، بريف مدينة جبلة في محافظة اللاذقية» الساحلية. ولفت إلى أن «الجهات الروسية القائمة على إنشاء المدرج تمنع أي جهة سورية، مدنية أو عسكرية، من الدخول إلى منطقة المدرج». كما أشار المرصد إلى أن المطار «شهد، في الأسابيع الأخيرة، قدوم طائرات عسكرية محملة بمعدات عسكرية إضافة لمئات المستشارين العسكريين والخبراء والفنيين الروس».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «السلطات الروسية تعمل على توسعة مطار الحميدية الذي عادة ما يستخدم من أجل رش الأراضي بالمبيدات الحشرية للمزروعات»، وهو يقع جنوب محافظة طرطوس (غرب)، التي تعد الخزان البشري للقوات النظامية والواقعة جنوب اللاذقية. ورسميا، فإن روسيا غير موجودة في سوريا إلا عبر منشآتها اللوجيستية العسكرية في ميناء طرطوس على المتوسط.
وكان الإعلام الرسمي السوري أفاد السبت بوصول طائرتين روسيتين محملتين بالمساعدات الإنسانية في مطار باسل الأسد الدولي في اللاذقية. وتعد اللاذقية وطرطوس، إلى جانب العاصمة، أهم معاقل النظام السوري الذي فقد سيطرته على مناطق واسعة من الأراضي السورية منذ اندلاع النزاع في منتصف مارس (آذار) 2011.
ونفت روسيا، الخميس، تعزيز وجودها العسكري في سوريا ردا على اتهامات الولايات المتحدة التي أشارت إلى نشر معدات وجنود في الآونة الأخيرة في اللاذقية.
كما نفت سوريا من جهتها المعلومات حول تعزيزات روسية، واتهمت أجهزة «مخابرات عربية وأجنبية» بنشر معلومات كاذبة. لكن موسكو أقرت للمرة الأولى بأن رحلاتها إلى سوريا التي تعبر خصوصا المجال الجوي البلغاري تنقل أيضا تجهيزات عسكرية وليس فقط مساعدات إنسانية.
على صعيد آخر، قال دي ميزير لصحيفة «تاغس شبيغل» الألمانية، في مقابلة نشرت الأحد، إن «القتال ضد الديكتاتور السوري بشار الأسد وما يسمى (تنظيم داعش) لم يكن بالعزم المطلوب». وأضاف: «لا يمكننا الاكتفاء بأن نبقى متفرجين فيما تتصاعد عمليات القتل». وقال الوزير الألماني إن أوروبا «في حاجة إلى استراتيجية غير مقيدة بالدبلوماسية منذ البداية»، فيما أجاب بـ«لا» ردا على سؤال حول ما إذا كان يتعين على الاتحاد إرسال قوات برية.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قد قالت مساء السبت إنه يتعين على ألمانيا ودول غرب أوروبا الأخرى العمل مع روسيا فضلا عن الولايات المتحدة لحل الأزمة في سوريا.
والتقى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير مع نظرائه الروسي والفرنسي والأوكراني في برلين مساء أول من أمس، وقال بعد الاجتماع إنه لمس تأييدا متزايدا لإنشاء مجموعة اتصال دولية لحل الصراع السوري.
وفي وقت سابق، قال مصدر إن شتاينماير ونظيره الروسي سيرغي لافروف تباحثا مطولا بشأن سوريا على هامش الاجتماع، مع اتفاق الجانبين على دعم خطة مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا لإنشاء مجموعة اتصال لسوريا.
وحذر شتاينماير روسيا من مغبة التصرفات الأحادية في سوريا، قائلا: «أتمنى ألا تعتمد روسيا على استمرار الحرب الأهلية في سوريا».
وفي مقال منفصل لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، قال شتاينماير إن الاتفاق النووي المبرم بين القوى الدولية الست وإيران أتاح فرصة التعامل مع مشاكل سوريا، لكنه عبر عن القلق من ضياع الفرصة لتحقيق تقدم. وكتب الوزير الألماني «سيكون من الحمق مواصلة الرهان على حل عسكري. حان وقت البحث عن سبيل لجمع الأطراف على مائدة التفاوض. يجب أن يشمل هذا عقد محادثات تحضيرية مع دول لها دور إقليمي مؤثر كالسعودية وتركيا.. وكذلك إيران».
في السياق ذاته، أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه، أمس، أن غالبية الفرنسيين يؤيدون إرسال جنود لمحاربة تنظيم داعش في سوريا، وهو احتمال استبعده الرئيس فرنسوا هولاند بشكل صريح. ووفقا لاستطلاع أجري لصالح صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الأسبوعية، فإن نحو 56 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع أيدوا التوغل البري في إطار تحالف دولي.
وبدأت فرنسا مهام الاستطلاع فوق سوريا الأسبوع الماضي استعدادا لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستنفذ ضربات جوية ضد متشددي التنظيم. وحتى الآن لم تشارك فرنسا سوى في الضربات الجوية ضد التنظيم في العراق بسبب مخاوف من أن الضربات الجوية في سوريا، قد تدعم الرئيس بشار الأسد التي ترى باريس أنه يجب أن يرحل عن السلطة.
واستبعد هولاند الأسبوع الماضي أي توغل بري في سوريا قائلا إن العمل على الأرض أمر يرجع للسوريين ودول المنطقة. ولكن سيغولين روايال، الوزيرة المسؤولة عن حقيبتي الطاقة والبيئة، رفضت أن تستبعد بشكل قاطع احتمال إرسال قوات برية. وقالت لراديو «آر تي إل»: «مسألة إرسال قوات برية ليست مطروحة على المائدة بعد.. لكن من الواضح أنه لا شيء محرم».
وأعلن وزير الدفاع البلجيكي ستيفن فاندبوت، السبت «استعداد» بلاده لإرسال جنود على الأرض في سوريا، ولكن فقط في إطار «مهمات متابعة» في إطار الائتلاف الدولي. وقال الوزير البلجيكي في مقابلة مع صحيفة «دي مورغان» الناطقة باللغة الفلامنكية «في حال تم إنشاء ائتلاف مماثل في سوريا، لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي». وأضاف فاندبوت «في النهاية لن يكون هناك حل سوى نشر قوات لإعادة السلام. وما لم يحصل ذلك فإن أي عمل عسكري لن يكون له معنى يستحق الذكر». وقال الوزير البلجيكي أيضا «لا بد في البداية من إعادة الهدوء في سوريا ثم البقاء في المكان لحمايته». وتابع «لن نلعب دور رامبو، ولكن في حال توافرت شروط واضحة فأنا مستعد لإرسال قوات بلجيكية إلى الأرض في سوريا»، موضحا في الوقت نفسه أنها قد تكون في إطار «مهمات متابعة» مثل حماية مخيمات، وهو ما يقوم به الجيش البلجيكي حاليا في مالي.
ويشعر دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي بالقلق من أن يجهض الدعم العسكري الروسي للأسد أي دافع للبحث عن حل سياسي ينهي الحرب الأهلية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.