«ناشيونال جيوغرافيك» و«فوكس» تنشئان شركة إعلامية

الجمعية غير الربحية تخطط لمواصلة مهمتها مدعومة بإمبراطورية ميردوخ

مؤسسو «ناشيونال جيوغرافيك» و«فوكس» في اجتماعهم الأخير (نيويورك تايمز)
مؤسسو «ناشيونال جيوغرافيك» و«فوكس» في اجتماعهم الأخير (نيويورك تايمز)
TT

«ناشيونال جيوغرافيك» و«فوكس» تنشئان شركة إعلامية

مؤسسو «ناشيونال جيوغرافيك» و«فوكس» في اجتماعهم الأخير (نيويورك تايمز)
مؤسسو «ناشيونال جيوغرافيك» و«فوكس» في اجتماعهم الأخير (نيويورك تايمز)

منذ عام 1888 ارتبط اسم جمعية «ناشيونال جيوغرافيك» بالعلوم، والاكتشافات، وسرد الحكايات، وشكلت مجلتها ذات الحواف الصفراء المرحلة الأكثر أهمية للمتطلعين للفوز بالجوائز في التصوير ورسم عجائب العالم. دعمت الجمعية كذلك رحلات استكشافية متنوعة مثل الاستكشافات التي قام بها «جاك يفيس كاستو» تحت الماء، ودراسة «جان غودبال» لحياة الشمبانزي في تنزانيا. غير أن الجمعية غير الربحية تخطط الآن لمواصلة مهمتها مدعومة بإمبراطورية ميردوخ الإعلامية.
وفي صفقة تم الإعلان عنها الأربعاء الماضي بقيمة 725 مليون دولار، أسست جمعية «ناشيونال جيوغرافيك» ومؤسسة «توينتي فيرست سينشري فوكس»الإعلامية شركة تجارية تضم مجموعة قنوات «ناشيونال جيوغرافيك» مع عدد آخر من الوسائل الإعلامية التابعة لنفس المجموعة، وتشمل المجلة التي تحمل اسمها وغيرها من المطبوعات، واستوديوهات التسجيل، والإعلام الرقمي، والخرائط، وبرامج الأطفال والسفر، وخدمات التراخيص والتجارة الإلكترونية.
وحسب الاتفاق، تمتلك مؤسسة «فوكس» 73 في المائة من الشركة الجديدة التي تحمل اسم «ناشيونال جيوغرافيك بارتنارز»، في حين تمتلك جمعية ناشيونال جيوغرافيك نسبة 27 في المائة المتبقية، وسوف يتقاسم الطرفان الإدارة والتمثيل بمجلس إدارة الشركة الجديدة.
ويهدف المشروع إلى إنشاء شركة تشكل فيها «ناشيونال جيوغرافيك» العمود الفقري، حسب جيمس ميردوخ، المدير التنفيذي لمؤسسة «توينتي فيرست سينشري فوكس» في مقابلة عبر الهاتف مع غاري نيل، المدير التنفيذي لجمعية ناشيونال جيوغرافيك الذي سوف يكون أول رئيس لمجلس إدارة الشركة الجديدة «ناشيونال جيوغرافيك بارتنرز».
وسوف تستمر جمعية «ناشيونال جيوغرافيك» في عملها كمؤسسة غير ربحية، ومع مبلغ 725 مليون دولار الذي دفعته «فوكس» سوف يبلغ إجمالي مساهماتها نحو مليار دولار أميركي، مما يساعدها على مضاعفة استثماراتها في مجالات البحث، والعلوم، والأبحاث، والتربية. وفور الإعلان عنها، أثارت الصفقة الكثير من التساؤلات حول ذلك الكيان «ناشيونال جيوغرافيك» الذي طالما تخصص في المهام العلمية، وكيف له أن ينجح بعد دخوله في شراكة مع مؤسسة «توينتي فيرست سينشري فوكس».
وتباينت آراء العلماء في شأن التغيرات المناخية التي تحدث فيها روبرت ميردوخ، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «توينتي فيرست سينشري فوكس». وصرح ميردوخ مؤخرا عبر موقع تويتر بأنه كان «متشككا في أمر التغيرات المناخية، وإن لم ينكرها»، مضيفا أن الأمم المتحدة سوف تجتمع في نيويورك «لإثارة المخاوف بلا داع».
وفى رد فعل على القلق المثار حول المستقبل المشترك للكيانين وما قد يحمله من تضارب، أشار المسؤولون إلى أن الاتفاقية نصت على الشراكة بين الكيانين الكبيرين لمدة 18 عاما تشكل فيها قنوات ناشيونال جيوغرافيك المحور، وهي الشركة الربحية ذات التوجه المحلي والعالمي والمتاحة في أكثر من 500 مليون منزل في 171 دولة حول العالم. وأفاد نيل أنه خلال تلك الفترة «لن تتدخل قناة فوكس في عمل القناة سواء سياسيا أو تحريريا»، مضيفا أن ديكلان مور، أحد كبار العاملين بجمعية «ناشيونال جيوغرافيك» الذي عمل فيها على مدى 20 عاما، سوف يعين مديرا تنفيذيا للشركة الجديدة، وأن سوزان غولدبيرغ، مديرة تحرير مجلة ناشيونال جيوغرافيك، سوف تستمر في منصبها.
وقال نيل «أعتقد أنهم لم يقدموا على الاستثمار في هذه الشركة إلا بعد أن تيقنوا من أنها سوف تحافظ على سياسة وأسلوب عمل ناشيونال جيوغرافيك». وصرح جيمس ميردوخ أنه، بصفة شخصية، ملتزم بمواصلة نهج وثقافة ومهمة «ناشيونال جيوغرافيك التي نشأت عليها»، مضيفا: «ما نقوم به سويا هو عمل خلاق، ونقف على خط إبداعي واحد».



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».