الموت بالماء

الموت بالماء
TT

الموت بالماء

الموت بالماء

كل مرحلة نعيش، نقول: لا، لن نشهد أسوأ منها.. ستمر. لقد وصلت إلى حدها الأقصى، وستمر. هذا هو القانون الطبيعي. لن يتكرر كل هذا الهول والرعب والموت. محال أن يتكرر، فذلك ضد المنطق والعقل والتاريخ. وسرعان ما نكتشف أننا مخطئون. لم يمر شيء. يجيء الأسوأ. دائمًا يجيء الأسوأ، وكأننا منذورون له، وكأن حياتنا لا تحكمها القوانين الطبيعية التي تحكم باقي البشر والأوطان، ولا تعرف دورة السنين والفصول التي تسير إلى الأمام.
خطانا تسير إلى الخلف دائما بعكس كل مخلوقات الله. شبعنا من القهر والذل، حتى لم يبق في بطوننا متسع. ولكن الرحمة لم تهبط علينا بعد. حتى موتنا تغيرت جغرافيته. لم يدعونا حتى أن نموت فوق ترابنا. لم تعد السجون كافية. لم يعد القمع فعالا. لم يعد ذل الوطن كافيا. هناك البحر الآن، وهو يمارس عمله كما ينبغي وعلى أتم وجه. تايتانيك عملاقة تبحر كل يوم من الأرض التي كانت يوما وطنا لتلقي حمولتها الثقيلة في المياه الرحيبة، المفتوحة الأفواه دائمًا.
هل حدث ذلك من قبل في التاريخ؟ كل هذا الموت بالماء؟
لا تزال في أذهاننا قوارب الموت الفيتنامية في الستينات وبداية السبعينات، ولكن أين هي من قوارب موتنا؟
في عام 2001، شرب البحر دفعة واحدة جثث 350 عراقيا كانوا في طريقهم لأستراليا. هربوا من موت صدام حسين ليموتوا بماء البحر. لم يذكرهم أحد، ولم ير موتهم أحد في زمن الصمت. شدوا على الخشبة مسافة أمتار ثم غاصوا كاللآلئ إلى أعماق البحر، بعيدا عن نهر الفرات. الموت العراقي بالماء لا يزال نشطا، مؤديا مهمته على أفضل حال. الموت السوري بالماء حطم الرقم القياسي في التاريخ. سيل يومي لا يتوقف هربا من أرض لم يعد حتى ترابها مرئيا في الفجر، ولم تعد نجومها تشع في الليل، فقد حجبتهما البراميل الهابطة كحجر من سجيل. الأطفال السوريون في البحر، وسوريا كرة من لهب، وكومة أحجار، والطاغية يحتفل بعيده الخمسين في عرينه الموحش، محاطا بطفليه الأسدين وشموعه وزوجه، كأنه لم ير صورة إيلان، التي هزت العالم الغريب، ولم يسمع أنين التاريخ في تدمر، ولا بكاء المدن التي أفرغتها من أهلها براميل الموت، وأنياب الوحوش. إنه لا يستطيع أن يرى أو يسمع. لا يمكنه ذلك، فلا يزال له قصر وإن كان مفزعا مثل قفص البوم، وعطور فرنسية تنعش غرفة نومه. لا أشباح هناك، لا شبح الطفل حمزة الذي يرقد مقتولا فوق تربته، ولا شبح إيلان ممددًا كالملاك على شاطئ الموت الغريب، على بعد آلاف الكيلومترات من مرقد حمزة. الرئيس مطمئن تمامًا، بل إنه رجل سعيد حقا، حتى إنه لا يستطيع أن يكف عن الضحك، ولم لا، كما يخبرنا بعض أبواقه. ومن لا يصدق ذلك، لتحل عليه اللعنة.. لعنة السماء على شكل براميل من سجيل، أو لعنة البحر.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.