غموض يكتنف خروج السفير الإيراني من صنعاء

عسيري لـ {الشرق الأوسط} : التحالف لم يتلق طلبًا بخروجه عبر الطرق الرسمية

السفير الإيراني نيكنام
السفير الإيراني نيكنام
TT

غموض يكتنف خروج السفير الإيراني من صنعاء

السفير الإيراني نيكنام
السفير الإيراني نيكنام

اكتنف الغموض خروج سيد حسين نيكنام، السفير الإيراني في صنعاء، من اليمن عبر الوسائل المتاحة، في ظل مراقبة قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، للمجال الجوي، ومراقبة ما يجري على الأرض من خلال طائرات الاستطلاع، وسيطرتها على المياه الإقليمية البحرية، حيث أكد العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف لـ«الشرق الأوسط»، أن التحالف لم يتلق طلبا بخروج السفير نيكنام، عبر الطرق الرسمية.
وأوضح العميد ركن أحمد عسيري، المتحدث باسم قوات التحالف، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، في اتصال هاتفي أمس، أن قوات التحالف، لم يصلها أي طلب بشأن خروج السفير الإيراني سيد حسين نيكنام، من اليمن، مؤكدًا أن السفير نيكنام، رجل دبلوماسي، ويستطيع الخروج عبر الطرق والوسائل النظامية. وكانت مرضية أفخم، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، أكدت وصول سيد حسين نيكنام، السفير الإيراني لدى اليمن، إلى طهران، وذلك لقضاء إجازته الصيفية هناك.
وقال المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، إن قوات التحالف لديها الوثائق الرسمية، عن من يغادر أو يصل إلى اليمن، وهناك طائرات يومية بعضها لإخلاء الرعايا الأجانب، وأخرى لجلب اليمنيين من الخارج، وأيضا طائرات أخرى إغاثية، وجميعها تمر عبر الإجراءات النظامية.
يذكر أن رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني، كان قد اتهم، عبر تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط» الاثنين الماضي، السفارة الإيرانية في صنعاء بتقديم الدعم المالي، والعمل الاستخباراتي والاستشارات العسكرية والعتاد الحربي، للمتمردين على الشرعية اليمنية، مؤكدا أنه رغم الحصار الجوي والبحري، فإن غرفة العمليات الحوثية داخل السفارة الإيرانية لديها مميزات كثيرة تتجاوز قدرات الحكومة اليمنية نفسها، وأن الكثير من العمليات الحربية والاستخباراتية تدار داخل تلك السفارة، التي تعتبر مركزا لتوزيع الأموال على الميليشيات الحوثية.
وفي الجانب العسكري، أكد المتحدث باسم قوات التحالف، أن الدول المشاركة ضمن تحالف إعادة الأمل، بما فيها القوات اليمنية، تشارك في عملية إنقاذ اليمن، سواء في الجهد العسكري البري أو البحري أو الجوي، وكلها تشارك بنسب متفاوتة، ولها تأثيره داخل الأراضي أو في الأجواء أو في البحر باليمن، مشيرًا إلى أن التحالف بعيد عن المزايدات، وما يهمنا أكثر هو أمن واستقرار اليمن.
ولفت العميد عسيري إلى أن مشاركة طائرات «الأباتشي» في ضرب أهداف عسكرية في مأرب وصنعاء أول من أمس، ليست من أجل تغيير في طريقة العمل العسكري أو منهجية القتال ضد العدو، بل إن مشاركتها ضمن منظومة القوات البرية السعودية، و«الأباتشي» هي طائرات ذات عنصر مناورة، وتستخدم إذا كان هناك عمليات وتكتيك عسكري على الأرض.
وأضاف: «توظف تلك الطائرات حسب موقعها من تسلسل العمليات العسكرية، وهي تستخدم إما لإسناد القوات البرية أو تستخدم مثل الدبابة، وتختلف في مرونتها وحريتها وسرعتها، وتحمل كمية كبيرة من النيران العالية».
وذكر المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أن العمل العسكري في محافظة مأرب، ما زال في بدايته، ونسعى من خلال قوات التحالف إلى السيطرة الكاملة على مأرب، مثلما جرى العمل في المحافظات الجنوبية.
وأضاف: «وجود تنظيم مسلح خارج نطاق قانون الدولة، يعتبر من أهم الأسباب التي دعت الحكومة الشرعية اليمنية للاستعانة بالقوات التحالف، وتنظيم القاعدة وكذلك داعش، وجد باليمن، بسبب الميليشيات الحوثية والموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أضعفوا الدولة بالمشاكل المستمرة، حتى أصبح هناك فراغات أمنية داخل اليمن، وقامت تلك الجماعات المسلحة باستغلالها».
وحول حماية الحدود السعودية، قال المتحدث باسم قوات التحالف، إن القوات المسلحة السعودية، تستخدم كل الإمكانات المتوفرة، وكذلك نعمل على جلب غير المتوفر، وذلك بهدف تأمين الحدود السعودية، بحيث يكون الشريط الحدودي مع اليمن، آمنا ومستقرا، لكن نحن نخوض عمليات قتالية، وهؤلاء اليمنيون بعضهم قد غرر بهم، وجعلوهم يندفعون من داخل اليمن، نحو الحدود السعودية، على هيئة انتحاريين.
وأضاف: «(الشهداء) من القوات البرية، وحرس الحدود، والحرس الوطني، قدموا أرواحهم للدفاع عن بلادهم، في المقابل بعض من غرر بهم من اليمنيين، الذين يرسلون بواسطة الميليشيات الحوثية ومن وراءهم، نحو الحدود السعودية، حيث تتصدى لهم القوات السعودية قبل وصولهم إلى الحدود، وقتل منهم العشرات، وهذه بعض الصفات التي جلبتها إيران للشعب اليمني، بدلا من أن تبحث عن تنمية وتقدم، ولم نسمع عن إيران إقامتها لمشاريع تنمية في الدول التي يوجدون فيها، من لبنان إلى العراق، وسوريا، وأخيرًا في اليمن».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.