لبنان: خطة النفايات تصطدم بـ«رفض مناطقي» وجهود سياسية لاستيعاب ردود الفعل

اللجنة الوزارية تتحدث عن خيارات أخرى متاحة ولكن أكثر تكلفة

لبنان: خطة النفايات تصطدم بـ«رفض مناطقي» وجهود سياسية لاستيعاب ردود الفعل
TT

لبنان: خطة النفايات تصطدم بـ«رفض مناطقي» وجهود سياسية لاستيعاب ردود الفعل

لبنان: خطة النفايات تصطدم بـ«رفض مناطقي» وجهود سياسية لاستيعاب ردود الفعل

لم تنجح الحكومة اللبنانية بعد باحتواء أزمة النفايات على الرغم من توافق أعضائها ليل الأربعاء على خطة للحل تعتمد على مرحلتين انتقالية ومستدامة، إذ جوبهت هذه الخطة وبالتحديد مرحلتها الأولى بمعارضة شعبية واكبها المجتمع المدني بمقابل انكباب القوى السياسية على محاولة استيعاب ردود الفعل الناقمة لمنع نسف الخطة التي طال انتظارها.
وينطلق السخط الشعبي - المناطقي من اعتماد الخطة وفي مرحلتها الأولى على إعادة فتح مطمر الناعمة الواقع جنوب بيروت لـ7 أيام فقط، لطمر النفايات المتراكمة في شوارع العاصمة وجبل لبنان منذ أكثر من شهر ونصف، كما يحتج أهالي منطقة عكار شمال لبنان والمصنع شرق البلاد، على اعتماد هذه الخطة على مطمرين صحيين فيهما يتم تحضيرهما وفق المعايير البيئية، بحسب بيان صادر عن مجلس الوزراء.
وفيما أكدت بلدية منطقة الناعمة عدم موافقتها على إعادة فتح المطمر «حتى ولو لساعة واحدة»، أعلنت بلديات عنجر ومجدل عنجر والصويري، في مؤتمر صحافي مشترك يوم أمس رفضها لقرار مجلس الوزراء بنقل النفايات من بيروت إلى منطقة المصنع الحدودية، لافتة إلى أنّها قررت اتخاذ سلسلة خطوات للمواجهة كان أولها قطع الطرق بدءا من ساحة شتورا وصولا إلى المصنع.
وأوضحت مصادر في الحزب «التقدمي الاشتراكي» أنّهم يقومون بسلسلة اتصالات ولقاءات مع المعنيين في منطقة الناعمة لإقناعهم بفتح المطمر لـ7 أيام فقط، كما تنص عليه خطة الوزير شهيب، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب يضمن أن لا يتم تمديد مهلة الـ7 أيام، كما يضمن تنفيذ الحوافز التي لحظها قرار مجلس الوزراء. وحثّت المصادر على وجوب التعاون لإخراج البلد من المأزق الذي هو فيه.
وأكد وزير الزراعة أكرم شهيب في تصريح أدلى به عطفا على قرار مجلس الوزراء بالموافقة على مشروعه لمعالجة أزمة النفايات: «الالتزام التام بمهلة الأيام السبعة التي حددت لاستخدام مطمر الناعمة للمساعدة على الخروج من المأزق العميق الذي وصلت إليه البلاد، مع التأكيد أن هذا الاستخدام المؤقت للمطمر لن يمتد لساعة واحدة بعد انقضاء هذه المهلة».
وشدد الوزير شهيب على «إنجاز كل الخطوات والحوافز المطلوبة التي كان تم الاتفاق عليها مع البلديات للاستفادة من المطمر لإنتاج الطاقة للقرى المحيطة».
واعتبر بسّام القنطار، عضو اللجنة الوزارية التي أشرفت على وضع خطة النفايات التي وافقت عليها الحكومة أن ردود الفعل المناطقية كما رد فعل حملات المجتمع المدني والخبراء البيئيين على المرحلة الانتقالية «كلها طبيعية ومنتظرة باعتبار أن هذه المرحلة أصلا لا تلحظ حلا بيئيا، فهي مرحلية مؤقتة بخلاف المرحلة الثانية التي أثنى عليها الجميع والتي ستكون مستدامة وبيئية وتؤمن لا مركزية الحل بعد إعادة الأموال إلى البلديات»، مؤكدا أن «إعادة فتح مطمر الناعمة لـ7 أيام سيتم بعد مباشرة العمل في مطمري عكار والمصنع بهدف إقناع المحتجين على فتح مطمر الناعمة، وأنّه لن يتم تمديد المهلة المحددة بعد بدء سريان تطبيق كل بنود الخطة».
وقال القنطار لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن لدينا كلجنة خيارات أخرى متاحة وحلولا أخرى في حال الإصرار على رفض الخطة، كما هي لكنها خيارات أكثر كلفة وستلغي تلقائيا كل الحوافز التي تتضمنها الخطة الحالية»، في إشارة إلى المبالغ المالية التي أقرتها الحكومة لإنشاء مشاريع تنموية في عكار والبقاع وتأهيل مكب برج حمود.
وتضامنت حملات المجتمع المدني، الذي نظّم مساء الأربعاء مظاهرة حاشدة للضغط على الحكومة لحل أزمة النفايات، تلقائيا مع أهالي المناطق الرافضة إنشاء مطامر فيها وبالتحديد أهالي منطقة الناعمة. وقالت رانيا غيث، الناشطة في حملة «بدنا نحاسب» إن في الخطة التي أقرها مجلس الوزراء «انتصارًا للحراك الشعبي، وبالتحديد في المرحلة الثانية التي تعتمد لا مركزية الحل وإعادة أموال البلديات»، لافتة إلى أن هذه الخطة كان يجب أن تكون متكاملة فلا تلحظ إعادة فتح مطمر الناعمة وتوكيل شركة «سوكلين» بمهام جديدة.
وتساءلت غيث في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا على أهالي الناعمة أن يقبلوا بأن تأتي إلى منطقتهم كل نفايات بيروت وجبل لبنان المتراكمة منذ أكثر من شهر ونصف شهر؟». وأضافت: «لن نقبل بإعادة فتح المطمر لا ليوم واحد ولا ليومين، هناك خيارات أخرى طرحها الخبراء يمكن اللجوء إليها».
وشدّدت غيث على أنّه حتى ولو حظيت الخطة بموافقة كل الفرقاء السياسيين فهذا لا يعني أننا سنرضخ لها من دون مناقشتها، وقالت: «اليوم معركتنا الأساسية هي للتوصل لصياغة حل بيئي ومستدام لأزمة النفايات، أما معركتنا اللاحقة التي بدأنا عمليا بها فهي بملف الكهرباء إذ إننا لن نكتفي بالمطالبة بتأمين الكهرباء بل بمحاسبة كل فاسد ومرتكب وبكشف المنظومة الفاسدة، على أن تكون المعارك اللاحقة مصوبة باتجاه القضاء وإقرار قانون جديد للانتخابات يعتمد النسبية وخارج القيد الطائفي».
من جهته، أكد الناشط البارز في حملة «طلعت ريحتكم» مروان معلوف لـ«الشرق الأوسط»، أن حراكهم مستمر حتى الخروج بحل «جذري ومستدام» لأزمة النفايات يراعي الشروط البيئية، مشددا على أنّهم لن يقبلوا بأي حل لـ«ترقيع» الأزمة أو «بأي وعود تطلقها هذه السلطة السياسية التي لا ثقة بها على الإطلاق».
وأوضح معلوف أن «الحراك والمظاهرات لا تقتصر فقط على ملف النفايات بل تتعداها للدفع باتجاه إجراء انتخابات نيابية مبكرة بعدما فشلت الحكومة الحالية بحل أزمات اللبنانيين، وما دام المجلس النيابي الحالي غير شرعي وممددا لنفسه مرتين». وقال: «أما طاولة الحوار التي يجتمعون حولها فمرفوضة شكلا ومضمونا، باعتبارها بدعة من خارج مؤسسات الدولة، والمطلوب العودة لبناء هذه المؤسسات وتطبيق الدستور».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.