أول اجتماع للجنة الوزارية الفرنسية ـ الفلسطينية المشتركة مُنتِج تنمويًا وقاصر سياسيًا

باريس تتناسى تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن وتركز على تشكيل «مجموعة الدعم الدولية»

رئيسا الحكومة الفرنسية مانويل فالس والفلسطينية رامي الحمد الله في فندق ماتينيون أمس (أ.ب)
رئيسا الحكومة الفرنسية مانويل فالس والفلسطينية رامي الحمد الله في فندق ماتينيون أمس (أ.ب)
TT

أول اجتماع للجنة الوزارية الفرنسية ـ الفلسطينية المشتركة مُنتِج تنمويًا وقاصر سياسيًا

رئيسا الحكومة الفرنسية مانويل فالس والفلسطينية رامي الحمد الله في فندق ماتينيون أمس (أ.ب)
رئيسا الحكومة الفرنسية مانويل فالس والفلسطينية رامي الحمد الله في فندق ماتينيون أمس (أ.ب)

تمثل باريس في الزمن الراهن، الوجهة الأساسية للتحرك الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني. فقبل أسابيع قليلة، زارها وزير الخارجية رياض المالكي. وبالأمس، التأم اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة بإشراف رئيسي حكومة الطرفين، مانويل فالس ورامي الحمد الله. وبعد أيام سيصلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لـ«التشاور والتنسيق» مع الرئيس فرنسوا هولاند، قبل بدء اجتماعات الجمعة العامة للأمم المتحدة وتفحص نوع التحركات التي ينوي الطرفان القيام بها.
بيد أن يوم أمس يعد «معلمًا» في العلاقات الثنائية، لأنها المرة الأولى التي تجتمع فيها اللجنة المشتركة بعد شهور من التأجيل. والمناسبة شهدت حضورًا جماعيًا لوزراء فلسطينيين ونظرائهم الفرنسيين، وتوقيع بروتوكول للتشاور السياسي والدبلوماسي واتفاقين تنمويين، فضلاً عن اتفاقية لتجديد المساعدة المالية الفرنسية للميزانية الفلسطينية، ورسالة نوايا لتجديد المنح لمصلحة القطاع الخاص الفلسطيني. لكن الجانب السياسي المرتبط بجمود العملية السياسية والاستيطان والتحرك في مجلس الأمن وداخل الاتحاد الأوروبي، كان حاضرًا، إن خلال اجتماع وزيري الخارجية رياض المالكي ولوران فابيوس أو في الجلسة العامة.
في المؤتمر الصحافي المشترك عقب عملية التوقيع، أسمع فالس الوفد الفلسطيني كلامًا جميلاً، إذ أعاد تأكيد «تعبئة الجهود الفرنسية من أجل إعادة إطلاق المسار السياسي ومفاوضات ذات صدقية غرضها إقامة دولة فلسطينية». وذهب فالس إلى حد القول، إنه «إذا كان هناك من بلد بقي ثابتًا على مواقفه من النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، فهذا البلد هو فرنسا». وأضاف أن دعم بلاده هو «ترجمة لمبادئها»، والدليل على ذلك أنها تنوي التصويت لصالح فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة (أمس)، وتحث أوروبا على الاحتذاء بها. كما أن دعمها يرتدي طابعًا «حسيًا» على شكل مشاريع تمولها باريس، فضلاً عن أن فلسطين هي الدولة الأولى الأكثر استفادة من المساعدات المقدمة للميزانية العامة، من بين التي تستفيد من الدعم الفرنسي. وبحسب فالس، فإن السلطة ستححصل لعام 2015، على مساعدة ثنائية تبلغ 40 مليون يورو.
ورد رامي الحمد الله التحية الفرنسية بأجمل منها، إذ اعتبر «استثمار فرنسا في دعم الدولة الفلسطينية هو استثمار في الديمقراطية والسلام والاستقرار في المنطقة بأكملها»، مضيفًا أن الفلسطينيين يعولون «دائمًا على الدور الفرنسي، ليس فقط في دعم التنمية، إنما أيضًا لمد يد العون لهم للخلاص من الاحتلال وتحصيل الحقوق الفلسطينية المشروعة من الحرية والاستقلال والعودة». وأشار الحمد الله إلى أن النقاش تناول «سبل تفعيل الجهود الفرنسية» ودعم أبو مازن في مساعيه لاستصدار قرار من مجلس الأمن إنهاء الاحتلال، مع تحديد سقف زمني. وهو ما عجز الفلسطينيون عن تحقيقه في ديسمبر ومن العام الماضي، وكذلك «المبادرة الفرنسية لتفعيل العملية السياسية في إطار دولي إحياء العملية السلمية».
هذه الإشارة من الحمد الله، ثم جواب فالس عن سؤال يتناول مصير «المبادرة» الفرنسية التي كانت باريس تنوي طرحها، يعيد تأكيد محددات السلام وتحديد سقف زمني للمفاوضات، بدا وكأنه «دفن رسمي» للمبادرة الفرنسية التي أجهضها الرفض الإسرائيلي القاطع واللامبالاة الأميركية، كما ظهر ذلك خلال زيارة الوزير فابيوس الأخيرة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وعندما سألت «الشرق الأوسط» فالس مباشرة، عن مصير هذا المشروع، ركز في رده على أن الوزير فابيوس «قدم مجموعة أفكار»، مسهبًا في عرض مشروع إيجاد «مجموعة دعم دولية» تتشكل من أعضاء الرباعية ومن دول أوروبية وعربية ويكون غرضها، بحسب رئيس الحكومة الفرنسية، إيجاد دينامية سلام جدية وتهدئة الأوضاع ميدانيًا وتوفير شروط التفاوض؟ وأردف فالس: «وفي الوقت المناسب، سنكون بحاجة إلى انخراط مجلس الأمن في العملية».
وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس «لن تقدم الآن على طرح مشروع قرار في مجلس الأمن إذا كان مصيره الفيتو الأميركي»، الأمر الذي سيؤدي إلى إجهاضه. لذا، فإن قول الحمد الله لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرف الفلسطيني «يطلب تفعيل المبادرة التي تحدد سقفًا زمنيًا لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس»، يبدو كأنه صرخة في وادٍ. كذلك فإن طلبه أن تعترف باريس «اعترافًا كاملاً بالدولة الفلسطينية» لن يتحقق في المستقبل القريب.
يبقى أن باريس تمثل الدولة الأكثر قربًا من الموقف العربي والفلسطيني من بين مجموع البلدان الأوروبية، وهي تحاول حقيقة المساعدة، إن من خلال الاتحاد الأوروبي أو في مجلس الأمن أو من خلال عملها الدبلوماسي الثنائي. لكن محاولات فرنسا كبيرة وقدرتها على التأثير محدودة، خصوصًا عندما لا تكون حاصلة على دعم واشنطن في موضوع «حساس» للإدارة الأميركية كالملف الفلسطيني.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.