أوروبا تشرع حدودها للاجئين.. واليابان تشدّد قواعدها

المهاجرون يتدفقون على الحدود النمساوية والمجرية

أوروبا تشرع حدودها للاجئين.. واليابان تشدّد قواعدها
TT

أوروبا تشرع حدودها للاجئين.. واليابان تشدّد قواعدها

أوروبا تشرع حدودها للاجئين.. واليابان تشدّد قواعدها

في الوقت الذي أجبرت أسوأ أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، أوروبا على خفض الحواجز وقبول آلاف المهاجرين، تفكر اليابان التي لم تقبل سوى 11 لاجئا العام الماضي في تشديد القواعد أكثر.
وقال مسؤول ياباني إنّ السلطات تفكر في اجراءات منها ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلباتهم وتقييد اعادة تقديم الطلبات وفرز أولي لطالبي اللجوء الجدد في اطار التعديلات التي تفكر في ادخالها على نظام الهجرة.
ويقول ناشطون إنّه في حالة تطبيق هذه التعديلات ستصبح اليابان من الدول البعيدة المنال التي يصعب الدخول إليها. واليابان هي بالفعل من أقل الدول المتقدمة قبولا للاجئين وقبلت نحو عشرة طلبات لجوء فقط عام 2014.
وقال هيرواكي ساتو المسؤول بوزارة العدل الذي يدرس المقترحات "نحن لا نسعى لزيادة أو خفض أعداد اللاجئين الوافدين على اليابان بل ضمان تقييم طلبات اللجوء الحقيقية بسرعة".
وشارك أمس، نحو مائة أجنبي يحملون "افراجا مؤقتا" من مركز احتجاز المهاجرين من بينهم عدد كبير من طالبي اللجوء، في مسيرة وسط الحي الذي تتركز فيه الهيئات الحكومية في طوكيو مطالبين بالحصول على تأشيرات اللاجئين.
وقال علي جعفري (54 سنة) وهو إيراني ذكر أنّه جاء إلى اليابان كلاجئ سياسي "النظام صعب بالفعل. وتشديده هو ببساطة قسوة".
وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة يوم الثلاثاء، انها تتوقع ان يتوجه 850 ألف شخص إلى أوروبا هذا العام عدد كبير منهم لاجئون من سوريا التي تعصف بها حرب منذ أكثر من اربع سنوات. ودفع حجم الازمة الاتحاد الاوروبي للتحرك صوب الاتفاق على حصص لقبول طالبي حق اللجوء.
وقال ساتو إنّ الحكومة اليابانية لا ترى أنّ الفرار من الحرب سبب مشروع لطلب اللجوء ولا تعتزم توسيع معايرها لتشمل الفرار من الصراعات.
وحتى تقبل الطلبات، يجب أن يثبت طالب اللجوء أنّه شخصيا يتعرض للاضطهاد على أساس الدين أو العرق أو المعتقدات السياسية.
ويقول الخبراء في سياسة اللجوء إنّ التفسير المتشدد لقانون اللاجئين وبعد البلاد الجغرافي والثقافي عن الشرق الاوسط يجعل السوريين يحجمون عن طلب اللجوء إلى اليابان. ومنذ عام 2011 لم يتقدم سوى 63 شخصًا بطلبات لجوء إلى اليابان.
على صعيد متصل، أعلنت الشرطة النمساوية اليوم، أنّ تدفق اللاجئين على الحدود مع المجر استؤنف بعد تراجع تلا عبور عشرات الآلاف منهم كانوا عالقين في المجر إلى ألمانيا حوالى نهاية الاسبوع.
وأفادت حصيلة بأنّ أكثر من ثلاثة آلاف شخص عبروا الحدود في نيكلسدورف خلال الليل، بينهم 1700 في فترة الذروة بين منتصف الليل والساعة الثالثة (22:00 تغ و1:,00 تغ).
وتكفلت طواقم الاغاثة بحوالى 2800 مهاجر في البلدة النمساوية حيث تقدم الغذاء والعلاج والمأوى لهم، بينما ستُخصّص قطارات وسيارات لنقلهم نهارًا إلى المانيا الوجهة النهائية لمعظم هؤلاء المهاجرين.
من جهة أخرى، أعلنت الشرطة المجرية اليوم، أنّها سجلت رقما قياسيًا جديدًا في عدد الواصلين إلى المجر بلغ 3321 مهاجرًا في يوم واحد الاربعاء، مرّ معظمهم عبر الحدود الصربية. وكان العدد القياسي السابق سجل في الثالث من سبتمبر (أيلول) وبلغ 3313 مهاجرًا.
ومنذ ليل الرابع إلى الخامس من سبتمبر، مرّ أكثر من عشرين ألف مهاجر من المجر إلى النمسا متوجهين إلى المانيا، عبر ممر أقيم بحكم الأمر الواقع.
لكن العدد تراجع تدريجيا بعدما بلغ أوجه في عطلة نهاية الاسبوع عندما سجل 15 الف مهاجر خلال 48 ساعة.
ومن المتوقع أن يتدفق عدد كبير من المهاجرين قبل 15 سبتمبر موعد دخول قانون جديد في المجر، ينص على عقوبة السجن على كل من يجتاز السياج الحدودي بشكل غير قانوني وعلى نشر الجيش على الحدود وإقامة مراكز ايواء للمهاجرين.
ودفاعًا عن موقف بلاده، قال وزير العدل المجري لاسلو تروكساني للصحافيين أمس، إنّ اتفاقية الامم المتحدة بشأن اللاجئين "تنص في مادتها 31 بوضوح على منع العبور غير القانوني للحدود إذا كان الشخص قادمًا من بلد حياته فيه غير مهددة (...) لا يوجد أي تهديد لحياة أي كان في صربيا على حد علمي".



​أوروبا تحبس أنفاسها على أعتاب ولاية ترمب الثانية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)
TT

​أوروبا تحبس أنفاسها على أعتاب ولاية ترمب الثانية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة لبروكسل 25 مايو 2017 (رويترز)

العالم الذي يبدأ فيه دونالد ترمب ولايته الثانية رئيساً للولايات المتحدة، لا يشبه كثيراً العالم الذي فاز فيه برئاسته الأولى عام 2016. في أوروبا تخوض روسيا حرباً ضروساً ضد أوكرانيا منذ ثلاث سنوات، والاتحاد الأوروبي ما زال يتردد في وضع الركائز الأساسية لاستراتيجية دفاعية موحدة تحجز له مقعداً في الصف الأمامي من المشهد الجيوسياسي الجديد، فيما تقضّ تصريحات ترمب المتعاقبة وتهديداته مضاجع المسؤولين في باريس وبرلين وبروكسل، وتطرب لها آذان القيادات الحاكمة في روما وبودابست ومن لفّ لفيفها من القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تتطلع إلى «عصر ذهبي» تتفتح براعمه خلال الحقبة الترمبية الثانية.

لم تعد المؤسسات الأوروبية الكبرى تخفي قلقها من تداعيات الرياح الأميركية الجديدة، التي بدأت تهب على العالم حتى قبل جلوس ترمب في المكتب البيضوي، وها هو رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يعلن قُبيل سفره إلى واشنطن لحضور حفل التنصيب، أن ولاية ترمب الثانية ستطلق أجنحة اليمين الأوروبي الجديد، ويبشّر أوربان بحقبة ذهبية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويقول: «أعلن انطلاق المرحلة الثانية من الهجوم الكبير الذي يهدف إلى احتلال أوروبا».

أميركي يعتمر قبعة عليها صورة ترمب بواشنطن الاثنين (رويترز)

وخلافاً لما كان عليه الوضع إبّان ولايته الأولى، حين كانت الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا مجرد مشاريع هامشية في المشهد السياسي، أصبح حلفاء ترمب الأوروبيون اليوم على جانب من النفوذ، في الحكم وخارجه، وعلى تناغم تام مع أفكاره ومواقفه الراديكالية حول الهجرة والبيئة والقضايا الاجتماعية، ويشاطرون رؤيته الجيوسياسية لعالم تقوم فيه التحالفات على المصالح التجارية وليس على الأفكار والمعتقدات السياسية. ولم يعد سراً أن المخاوف الأوروبية الكبرى ليست مقصورة على التدابير التجارية المزمعة للرئيس الأميركي الجديد، بل إن أخطرها قد يأتي من «وصفته» لإنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا، ومن مصير العباءة الدفاعية التي يؤمنها الحلف الأطلسي للدول الأوروبية.

العهد الأميركي الجديد يعرف أن «أحصنة طروادة» التي تفاخر بنصرته في أوروبا لم تعد تلك الأحزاب المنبوذة، التي فرضت عليها القوى التقليدية حجراً صحياً منذ عقود، ومنعت وصولها إلى مواقع القرار والسلطة، بل أصبحت في مراكز الحكم وتتوثّب اليوم، مدعومة بسخاء من الأوليغارشية الرقمية، لتوسيع دائرة شعبيتها ونفوذها المباشر بعد أن صارت تشكّل الكتلة الثالثة في البرلمان الأوروبي.

اجتماع سابق لترمب مع قادة «الناتو» في بروكسل (أرشيفية - رويترز)

وهي لم تنم فحسب على الصعيد الانتخابي، في ألمانيا وفرنسا والنمسا وإيطاليا وإسبانيا ورومانيا، بل إن أفكارها وطروحاتها أصبحت تلقى تجاوباً واسعاً في أوساط الرأي العام، وتكاد تتطابق مع تلك التي يطلقها ترمب مثلاً حول الهجرة، أو حول الحرب في أوكرانيا. فكرة الجدار لمنع دخول المهاجرين مثلاً كانت مرفوضة على امتداد المشهد السياسي والاجتماعي في أوروبا، أما اليوم فإن عدداً من الدول الأوروبية يدرس سياسات لمنع الهجرة غير الشرعية التي لا تقلّ راديكالية عن فكرة الجدار.

الانتخابات الأوروبية، التي أجريت مطالع الصيف الماضي أظهرت مدى صعود الموجة اليمينية المتطرفة، وزعزعت أركان الحكم في فرنسا وألمانيا، وأثمرت البرلمان الأوروبي الأكثر جنوحاً نحو اليمين منذ تأسيسه. لكن ذلك لم يكن سوى انعكاس مباشر لواقع ملموس منذ سنوات في الدول الأعضاء، وأصبح اليمين المتطرف اليوم طرفاً في ائتلافات حاكمة، أو طرفاً أساسياً داعماً لها، في إيطاليا والسويد وفنلندا والجمهورية التشيكية وهولندا والمجر وكرواتيا، وهو يتفاوض حالياً للوصول إلى الحكم في النمسا، فضلاً عن أن القوى اليمينية المتطرفة تتطلع إلى زيادة شعبيتها ونفوذها في الانتخابات الألمانية أواخر الشهر المقبل، والرومانية في الربيع، والتشيكية في خريف العام الحالي.

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان 28 يونيو 2019 (أرشيفية - رويترز)

تكفي نظرة سريعة على قائمة المدعوين الأوروبيين إلى حفل التنصيب في واشنطن، لنتبيّن حجم «جبهة الإسناد» الأوروبية لترمب داخل الاتحاد الأوروبي: من الإيطالية جورجيا ميلوني إلى المجري فيكتور أوربان، ومن الإسباني سانتياغو أباسكال، إلى تينو شروبالا من «البديل من أجل ألمانيا»، ومن الفرنسي إريك زمور إلى البرتغالي أندريه فينتورا. ميلوني هي الوحيدة بين قادة الاتحاد التي قررت حضور حفل التنصيب، فاتحة بذلك ثغرة جديدة مع شركائها الأوروبيين، يرجح أن تتعمق أكثر في الأشهر المقبلة. لكن الأخطر من ذلك هو أن عودة ترمب تمنح هذه الأحزاب جواز عبور إلى المشهد السياسي الطبيعي في أوروبا، وتتيح للإدارة الجديدة التأثير المباشر في السياسات الأوروبية، والقدرة على زرع الشقاق لفتح الطريق أمام سياساتها التجارية والتكنولوجية، خاصة بعد دخول اصطفاف الشركات التكنولوجية الضخمة إلى جانب الرئيس الأميركي الجديد، ومساعيها المعروفة للالتفاف على القواعد الأوروبية.

ترمب من جهته أوضح غير مرة أنه يريد تصحيح الخلل في الميزان التجاري مع أوروبا، عن طريق رفع الرسوم الجمركية، وزيادة الاستثمارات الأوروبية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مطالبته برفع نسبة مساهمات الأعضاء الأوروبيين في ميزانية الحلف الأطلسي، وزيادة مشاركتهم في جهود إعمار أوكرانيا. لكن الهاجس الأوروبي الأكبر يبقى في الحفاظ على وحدة الصف والموقف أمام الضغوط والتهديدات الأميركية.