تورط حزب الله في سوريا يرفع رصيده في لائحة الإرهاب الأميركية

خبير عسكري: القنطار ليس مؤثرًا على صعيد تفعيل عمل الحزب

تورط حزب الله في سوريا يرفع رصيده في لائحة الإرهاب الأميركية
TT

تورط حزب الله في سوريا يرفع رصيده في لائحة الإرهاب الأميركية

تورط حزب الله في سوريا يرفع رصيده في لائحة الإرهاب الأميركية

أنتج انخراط حزب الله اللبناني في الحرب السورية قائمة من قياديين أدرجتهم الولايات المتحدة الأميركية على قائمتها للمنظمات الإرهابية، كان آخرهم الأسير اللبناني المحرر من السجون الإسرائيلية سمير القنطار الذي أضاءت تقارير على دور له في الحرب على جبهة هضبة الجولان السوري، على خلفية «لعب دور عملاني بمساعدة إيران وسوريا في إقامة بنية تحتية إرهابية في هضبة الجولان»، بحسب ما ذكرت الخارجية الأميركية في بيانها أول من أمس.
ولم يكن القنطار شخصية قيادية معروفة في حزب الله، خلافًا لشخصيات أخرى، تتهمها واشنطن بالانخراط في الأعمال العسكرية الداعمة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا. فقد خرج اسم القنطار إلى الضوء، بعد إعلان الحزب عن استعداده للانخراط في عمليات المقاومة الشعبية التي أطلقها النظام السوري ضد إسرائيل في هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، وتحدث ناشطون وقياديون معارضون سوريون عن دور له في تنسيق مجموعات تنفذ عمليات ضد قوات إسرائيل في الجولان، وتنسيق التواصل بين دروز الجولان المحتل مع دروز البلدات السورية المحاذية لخط فض الاشتباك، انطلاقًا من كونه ينتمي إلى طائفة الموحدين الدروز.
والقنطار لم يكن قياديًا في الحزب قبل الإفراج عنه في عام 2008، ولم يُعرف أي دور عسكري له قبل عام 2013. وبناء على هذا «البروفايل» للقنطار فإن إدراج اسمه مغزاه أن «الولايات المتحدة واعية لكل تفاصيل معركة الحرب على الإرهاب»، كما يقول الباحث الاستراتيجي نزار عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن «تأثير هذا الإدراج الفعلي على الأرض يكاد يكون معدومًا». ويضيف: «لا أعتقد أن أميركا جادة بإيجاد وسيلة للنيل منه، على اعتبار انه ليس شخصًا مهمًا جدًا في المعركة في سوريا أو مؤثرًا على مستوى تفعيل عمل حزب الله، ذلك أنه ليس عماد مغنية (القيادي في الحزب إلى اغتيل في دمشق عام 2008) أو مصطفى بدر الدين (المتهم بقيادة أنشطة حزب الله في سوريا)»، مضيفًا أن القنطار «ليس ذا قيمة ميدانية واستخبارية مؤثرة في حال غيابها عن مسرح العمليات». ويشدد على أن القنطار «بحسب معلوماتي، لم يظهر كفاءات ميدانية أو كفاءات خاصة في أي عمل قيادي أو تنظيمي في العمليات العسكرية أو في العمل الأمني، كما لم يلعب دورًا لافتًا على صعيد التأثير الشعبي».
ويقول عبد القادر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، إن إدراجه على لائحة الإرهاب أمر طبيعي، على ضوء المعلوم بأنه يشارك في الحرب إلى جانب حزب الله وإيران، ومن الطبيعي أن تتحرك ضده وزارة الخزانة أو «إف بي آي»، لافتًا إلى أن اسم الرجل «مُعلّم بإشارة حمراء منذ وقت طويل، منذ تنفيذ عملية عسكرية ضد أهداف إسرائيلية في نهاريا». غير أن اسم القنطار في جنوب سوريا، بات معروفًا في أوساط القرى الدرزية الحدودية مع هضبة الجولان، منذ الحديث عن توليه تجنيد عناصر درزية، لصالح «المقاومة السورية لتحرير الجولان». ويقول مصدر سوري معارض في جنوب سوريا، إن حزب الله «أوفد في بداية 2014 القنطار للتأثير على أهالي القرى الدرزية في الجولان السوري بغرض استمالة عناصر درزية للانضمام إلى مجموعة يؤسسها»، مشيرة إلى أن مجموعته الآن المعروفة باسم «مجموعة سمير القنطار»، وتضم نحو 120 شخصًا.
واستهدفت إسرائيل مجموعتين من أفراد «المقاومة الشعبية» في أبريل (نيسان) الماضي، وأسفرت عن مقتل أربعة أشخاص. وفي يوليو (تموز) الماضي، نفذت ضربة ثانية عبر طائرة دون طيار، أسفرت عن مقتل ثلاثة مقاتلين، قال إعلام حزب الله إنهم أفراد من قوات «الدفاع الوطني» في بلدة حضر السورية المحاذية لهضبة الجولان.
وتحدثت تقارير سورية معارضة ووسائل إعلام إسرائيلية عن أن المستهدف في الضربة الأخيرة كان سمير القنطار، قبل أن تنفي صحيفة «يديعوت أحرنوت» ذلك، قائلة إن القنطار لم يكن هدفًا للهجوم.
والقنطار هو آخر المنضمين إلى لائحة الشخصيات في حزب الله المدرجة على لائحة الإرهاب الأميركية، منذ اندلاع الحرب السورية. وبينما لم يصدر عن حزب الله أي تعليق بخصوص إدراج القنطار، كان الأمين العام للحزب حسن نصر الله قال في وقت سابق هذا العام إن «التأكيد الأميركي المتجدد أخيرًا على وصف حزب الله بالإرهاب وإدراج عدد من قادته على لوائح الإرهاب الأميركية لا يقدّم ولا يؤخر ولا يؤثر في تصميمنا».

وشدد على «أننا في حزب الله ليست لدينا مشاريع مالية أو تجارية. وقلنا بوضوح إننا نحصل على دعم مالي من إيران».
وخرجت القائمة الأميركية بحق قياديين في حزب الله، في يوليو 2015، وضمت مصطفى بدر الدين وفؤاد شكر وإبراهيم عقيل «بسبب عملهم من أجل حزب الله أو نيابة عنه»، ومعاقبة عبد النور شعلان «بصفته مسهلاً لأعمال حزب الله»، بحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية، «في إطار مساعيها المستمرة لكشف أعمال الحزب الإرهابية والتصدي لدعمه المستمر والناشط لنظام بشار الأسد».
ومصطفى بدر الدين، متهم من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري. وذكرت وزارة الخزانة الأميركية في يوليو الفائت أن بدر الدين «هو مسؤول عن عمليات حزب الله العسكرية في سوريا منذ عام 2011، بما في ذلك عمليات نقل مقاتلي الحزب من لبنان إلى سوريا بغية دعم النظام السوري». وكانت صحيفة «دايلي بيست» الأميركية قالت في شهر أغسطس (آب) الماضي إن بدر الدين نفسه كان هدفًا للغارة، لكنه لم يكن ضمن المجموعة التي تعرضت للضربة.
وورد اسم القنطار أخيرًا ضمن بيان الخارجية الأميركية، أعلن عن إدراجه وثلاثة قياديين آخرين من حماس على لائحتها السوداء «للإرهابيين الدوليين». وأوضح البيان أن هذا الإجراء القانوني في مكافحة الإرهاب الذي تقرره الخارجية الأميركية بانتظام، يؤدي إلى تجميد كل الممتلكات التي قد تعود إلى «الإرهابيين الدوليين» في الولايات المتحدة ومنع أي مواطن أميركي من التعامل معهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.