الحكومة المصرية تبحث الرد على أحكام تعرقل الانتخابات البرلمانية

رفض طعن أحمد عز.. واشتعال أزمة «الدستور».. ودعوى لمنع مرشحي «النور»

الحكومة المصرية تبحث الرد على أحكام تعرقل الانتخابات البرلمانية
TT

الحكومة المصرية تبحث الرد على أحكام تعرقل الانتخابات البرلمانية

الحكومة المصرية تبحث الرد على أحكام تعرقل الانتخابات البرلمانية

بينما تعقد الحكومة المصرية اجتماعات لبحث الآثار المترتبة على أحكام ربما تؤثر على سير عملية انتخابات البرلمان المصري التي يبدأ الاقتراع فيها الشهر المقبل، ارتفعت سخونة الأحداث داخل أروقة الأحزاب والقوى السياسية، التي تشهد كثيرا من الارتباك خلال الوقت الحالي مع فتح باب التقدم بأوراق الترشح. فيما أكد حكم قضائي استبعاد رجل الأعمال أحمد عز، الأمين العام السابق للحزب الوطني المنحل، نهائيا من الترشح للانتخابات.
وأكدت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أن المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة قضت أمس برفض الطعن المقدم من عز، الذي يطالب من خلاله بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، الذي صدر خلال فترة فتح باب الترشح للمرة الأولى في شهر فبراير (شباط) الماضي، باستبعاده من الانتخابات البرلمانية المقبلة.
من جانبه، عقد المستشار إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب، أمس اجتماعًا مع اللجنة الفنية لقوانين الانتخابات، لتجهيز مذكرة قانونية للرد على حكم القضاء الإداري، الصادر أول من أمس، بشأن بطلان تقسيم بعض دوائر محافظتي قنا (في صعيد مصر) وشمال القاهرة.
وأكد اللواء رفعت قمصان، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، في تصريح إعلامي، أن المستشار إبراهيم الهنيدي، رئيس لجنة تعديل قوانين الانتخابات، شكّل لجنة لدراسة الحكم والرد عليه، مؤكدا أن «ما تم بخصوص دوائر قنا هو استدراك وتصحيح مسميات، والحكومة تحترم أحكام القضاء، ولكن ندرس كيفية الرد سواء بالطعن على الحكم أو تنفيذه». وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع الجهات الحكومية المختصة بهذا الشأن لمعرفة آخر تطوراته، لكن المسؤولين أكدوا أنهم «في اجتماعات ولا يمكنهم الإدلاء بتصريحات لحين انتهاء أعمالهم».
ويأتي ذلك فيما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن عدد الراغبين في الترشح في انتخابات مجلس النواب المقبلة الذين تقدموا بطلبات ترشحهم منذ فتح باب الترشيح وحتى مساء الاثنين بلغ 4 آلاف و273 شخصا.
وأشار المستشار عمر مروان، المتحدث الرسمي للجنة العليا للانتخابات، إلى أن حزب النور تقدم بقائمتين عن شرق الدلتا والصعيد؛ ليصبح بذلك إجمالي القوائم الانتخابية المقدمة 3 قوائم.
في غضون ذلك، تلقت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة أمس دعوى تطالب اللجنة العليا للانتخابات بعدم قبول أوراق ترشيح حزب النور لعضوية البرلمان القادم. وأوضح المحامي سمير صبري، مقيم الدعوى، أن «الشعب المصري بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) أدرك حقيقة تيار الإسلام السياسي، وأن كل الأحزاب الدينية على اختلاف مسمياتها تقول عكس ما تبطن، ولها نفس الغرض وهو الوصول إلى السلطة من أجل تحقيق مخطط لتفتيت الوطن العربي، وكذلك لتنفيذ أجندات أجنبية كلها تآمرية»، مؤكدا في دعواه أن «هذه الأحزاب بشكل عام هي إحدى أذرع جماعة الإخوان الإرهابية، وبصفة خاصة يعد حزب النور حزبا دينيا وأقر في أكثر من تصريح بأنه ذو مرجعية دينية».
من جانبه، شهد حزب الدستور الليبرالي صراعا كبيرا في أروقته بعد إعلان الهيئة العليا للحزب عن موافقتها على المشاركة في الانتخابات، رغم قرار الحزب السابق بالمقاطعة.
وأوضح القائم بأعمال الحزب تامر جمعة، أول من أمس، أن الهيئة العليا للحزب قررت الموافقة على خوض الانتخابات البرلمانية، موضحا في بيان أن «الهيئة العليا للحزب كانت أعلنت من قبل رفضها المشاركة في الانتخابات البرلمانية لأسباب عدة، انتهى جزء منها، وبعضها مستمر ومرتبط بالواقع السياسي والحزبي»، مشيرا إلى أن المكتب السياسي للحزب أوصى بوجوب المشاركة في الانتخابات البرلمانية لضمان مكان للحزب على الخريطة السياسية في مصر، وفي الوقت نفسه السماح بالانسحاب لدى رصد أي تجاوزات للنزاهة المفترضة في العملية الانتخابية.
لكن عددا من الأمانات العامة للحزب في المحافظات استنكرت تصرف هيئته العليا، مؤكدة أن «ولاية الهيئة منتهية، ومهمتها الوحيدة هي تسيير أعمال الحزب لحين إجراء الانتخابات الداخلية به»، معلنة إصرارها على المقاطعة، بعد إجراء استطلاعات رأي بين أعضاء الحزب في المحافظات.
وأكدت أمانة الحزب في محافظة بني سويف أن قرار الهيئة بالمشاركة يعد «مخالفة»، و«يأتي على غير رغبة غالبية أعضاء الحزب»، بل «يعبر عن رغبات شخصية لمتخذيه»، مؤكدة أن قرار المشاركة في الانتخابات لم يتبع الإجراءات اللائحية السليمة لاتخاذ مثل هذا القرار، ودون وضع معايير لاختيار المرشحين باسم الحزب.
كما أعلنت أمانة الحزب في الإسكندرية قرارها بإيقاف التعامل مع الهيئات المركزية للحزب وعدم الاعتراف بأي قرار يصدر عنها إلى حين الانتهاء من الانتخابات الداخلية.
من جانبه، يستعد حزب التجمع لعقد مؤتمر صحافي غدا الخميس للإعلان عن برنامجه الانتخابي والبيان السياسي له، كما يعلن خلاله عن أسماء المرشحين على المقاعد الفردية.
بينما عقد تحالف الجبهة الوطنية مساء أمس اجتماعا لدراسة الموقف من الانتخابات بعد قرار القضاء الإداري بإعادة تقديم الكشوف الطبية للمرشحين والطعن على دوائر قنا. وقال عماد الشهاوي، المتحدث الرسمي للتحالف، إن التحالف لم يتخذ قرارا حتى الآن بالانسحاب من الانتخابات، وأشار إلى أن التحالف ينتظر موقف قائمة «صحوة مصر» التي انضم لها التحالف، والتي تدرس الانسحاب من الانتخابات.
يشار إلى أن ائتلاف الجبهة المصرية كان قد قرر الطعن على قرار محكمة القضاء الإداري، والتي قضت ببطلان قرار العليا للانتخابات بسريان إجراء الكشوف الطبية التي أجريت في فبراير (شباط) الماضي على المرشحين المتقدمين للانتخابات المقبلة، حيث إنه في حال التزام اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية بقرار محكمة القضاء الإداري ربما يتم تغيير الجدول الزمني للعملية الانتخابية برمتها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم