اليونان تدرس طلبًا أميركيًا لمنع روسيا من استخدام أجوائها دعما للأسد

مصادر معارضة: الروس نقلوا محطة استطلاع إلى قمة النبي يونس لمراقبة طيران التحالف الدولي

اليونان تدرس طلبًا أميركيًا لمنع روسيا من استخدام أجوائها دعما للأسد
TT

اليونان تدرس طلبًا أميركيًا لمنع روسيا من استخدام أجوائها دعما للأسد

اليونان تدرس طلبًا أميركيًا لمنع روسيا من استخدام أجوائها دعما للأسد

قال مسؤول يوناني، أمس، إن الولايات المتحدة طلبت من اليونان منع روسيا من استخدام مجالها الجوي في عبور طائرات الإمدادات المتجهة إلى سوريا وذلك بعد أن أبلغت واشنطن موسكو بقلقها العميق من تقارير عن تعزيزات عسكرية روسية في سوريا.
وقالت وزارة الخارجية اليونانية إنه يجري فحص الطلب. وقالت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية للأنباء إن اليونان رفضت الطلب الأميركي ونقلت عن مصدر دبلوماسي قوله إن روسيا تطلب إذنا بتسيير الرحلات حتى 24 سبتمبر (أيلول).
إلى ذلك، أكدت مصادر سورية مطلعة أن النظام السوري حول مطارا (غير عسكري) في طرطوس على الساحل السوري، إلى مطار عسكري تشغله قوات روسية خاصة. وقالت إن «السلطات السورية تقوم بتوسيع مطار اللاذقية الدولي لتستخدمه لأغراض عسكرية». وقالت المصادر التي طلبت إغفال اسمها، لوكالة «آكي» الإيطالية للأنباء: «بناء على رغبة روسية، تم تحويل مطار طرطوس الزراعي إلى مطار عسكري، وهو مطار كانت السلطات السورية تنوي تحويله إلى مطار مدني عام 2012، وتقوم بتشغيله واستخدامه الآن قوات روسية».
وأضافت: «كذلك تقوم السلطات السورية بتوسيع مطار اللاذقية الدولي، الذي يعرف باسم (مطار الباسل الدولي)، القريب من جبلة والقرداحة، بإقامة مسارب طيران جديدة لتؤهله للاستخدامات العسكرية، وكذلك الأمر بأن يشرف خبراء روس على هذه التعديلات وعلى التوسعة، فضلا عن تشغيل المطار، ومن غير المستبعد أن تقلص الرحلات الجوية المدنية التي تعمل منه وإليه»
وأكدت مصادر الكرملين، أمس، استمرار تعاون موسكو مع السلطات السورية، وأشار ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس فلاديمير بوتين، إلى أنه لا يملك أي معلومات بشأن زيادة حجم المعونات العسكرية الروسية لسوريا. هذا في الوقت الذي قالت فيه وزارة الخارجية الروسية، إن «موسكو لم تخف قط أنها أمدت الحكومة السورية بمعدات عسكرية».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أبلغ نظيره الروسي، السبت الماضي، أن الولايات المتحدة تشعر بقلق بشأن التقارير التي تشير إلى أن موسكو تتحرك باتجاه حشد عسكري كبير في سوريا، ينظر له، على نطاق واسع، على أنه يهدف إلى تعزيز الرئيس بشار الأسد.
وترسل روسيا التي لها قاعدة بحرية في ميناء طرطوس السوري، طائرات بانتظام إلى اللاذقية تستخدم أيضا في إعادة الرعايا الروس الذين يريدون الرحيل إلى بلادهم.
ونقلت الوكالة عن ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية قولها، أمس، إن «روسيا لم تخف قط حقيقة تزويد سوريا بمعدات عسكرية بهدف محاربة الإرهاب». وأضافت زاخاروفا أن «وزير الخارجية سيرغي لافروف أبلغ نظيره الأميركي جون كيري في مكالمة هاتفية، أن (الوقت سابق لأوانه) للحديث عن مشاركة روسيا في عمليات عسكرية في سوريا».
من جهته، أكد العميد الركن أحمد رحال، ابن مدينة اللاذقية المنشق عن النظام السوري لـ«الشرق الأوسط»، أن الروس يقومون حاليا بتأهيل مطار حميمين في منطقة جبلة، وهو مطار عسكري – مدني يتم إعداده حاليا لاستقبال طائرات كبيرة، لافتا إلى أنّهم يقومون أيضا بدعم وتوسيع مطار طرطوس وهو مطار بسيط لم يكن يستخدم. وقال: «كما أنّه يتم إعداد قاعدتين عسكريتين في طرطوس وحميمين».
وتحدث رحال عن وجود نحو ألف عسكري روسي في أطراف اللاذقية حيث يتم إنشاء مدينة سكنية صغيرة ليمكثوا فيها، لافتا إلى أن هؤلاء لا يخوضون معارك على الأرض بل يوجدون فقط في غرف العمليات، وأشار إلى أن طيران روسيا شوهد يحلق يوم أمس الاثنين فوق منطقة إدلب.
وأوضح رحال أنّه تم أخيرا نقل أكبر محطة استطلاع كانت موجودة في مقر قيادة القوى البحرية في اللاذقية إلى قمة النبي يونس في جبل الأكراد لمراقبة طيران التحالف الدولي، مشيرا إلى إنشاء محطة استطلاع جديدة قرب حميمين في جبلة. وقال: «أما مركز التجسس الروسي الموجود في القابون في دمشق ما بين مقر قيادة القوات الخاصة والأكاديمية العسكرية العليا، والذي كان يقتصر فقط على التجسس على الاتصالات، فقد تحول لمقر القيادة الرئيسي حيث يوجد حاليا فيه أكثر من ألف خبير روسي».
ورد رحال الدخول الروسي الكبير على خط الأزمة الروسية لما يحكى عن قرب التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، «وكما هو معلوم فإن روسيا تريد حصة في منطقة الساحل». وقال: «هناك سببان رئيسيان للتحرك الروسي المستجد في الداخل السوري، أولا أن الحفاظ على المصالح الروسية الذي يتطلب وجودا روسيا على الأرض، وثانيا، لسبب اقتصادي وهو موضوع حقول الغاز في منطقة قارة وفي البحر المتوسط».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.