أخيرا.. «الهامفي» الأميركية «تتقاعد» وعربة تكتيكية جديدة تحل محلها

رغم تحصينها ظلت تعاني من نقاط ضعف خاصة في حرب العراق

نموذج من العربات التكتيكية الخفيفة المشتركة التي ستقوم شركة «أوشكوش» الصناعية الأميركية بتصنيعها للجيش الأميركي (أ.ف.ب)
نموذج من العربات التكتيكية الخفيفة المشتركة التي ستقوم شركة «أوشكوش» الصناعية الأميركية بتصنيعها للجيش الأميركي (أ.ف.ب)
TT

أخيرا.. «الهامفي» الأميركية «تتقاعد» وعربة تكتيكية جديدة تحل محلها

نموذج من العربات التكتيكية الخفيفة المشتركة التي ستقوم شركة «أوشكوش» الصناعية الأميركية بتصنيعها للجيش الأميركي (أ.ف.ب)
نموذج من العربات التكتيكية الخفيفة المشتركة التي ستقوم شركة «أوشكوش» الصناعية الأميركية بتصنيعها للجيش الأميركي (أ.ف.ب)

بعد تجهيزه بالجيب ثم الهامفي، سيعتمد الجيش الأميركي طرازا جديدا من العربات العسكرية، وهو العربة التكتيكية الخفيفة المشتركة (جوينت لايت تاكتيكال فيهيكل)، التي ستصبح الرمز الأحدث للقوة العسكرية الأميركية، حيث أعلن البنتاغون الأسبوع الماضي أنه اختار شركة «أوشكوش» الصناعية الأميركية لتصنيع هذه الآلية الجديدة، وذلك في آخر مرحلة من عملية بدأت منذ عام 2003، أي بعيد إطلاق الحرب في العراق.
وكانت القوات الأميركية قد استخدمت عند اجتياح العراق عربة «الهامفي» التي كانت مفيدة بفضل سرعة تحركها، غير أنها أظهرت عن بعض نقط ضعفها بعد تضاعف الهجمات بالألغام والعبوات اليدوية الصنع، التي كان المتمردون يزرعونها على الطرقات في العراق، خاصة وأن شكلها المسطح القعر لم يكن يجعلها محصنة ضد انفجار عنيف يقع تحت هيكلها، كما أن تصميمها لم يكن يسمح بتشتيت الطاقة المنبعثة من الانفجار، حيث كانت تتصاعد نحو الأعلى عبر الآلية، مما يحد من فرص نجاة الجنود بداخلها.
ورغم أن الجيش الأميركي حصن عربات الهامفي، لكنها بقيت تعاني من نقاط ضعف، فأطلق برنامجا سريعا لبناء أكثر من 24 ألف عربة جديدة مقاومة للألغام، عرفت بـ«المركبة المحصنة ضد الألغام والكمائن»، بتكلفة قاربت 45 مليار دولار. إلا أن هذه الآليات الجديدة كانت ثقيلة وبطيئة، مما يخالف سعي البنتاغون لامتلاك قوة عسكرية أكثر سرعة وخفة.
وفازت شركة «أوشكوش» بالعقد الذي تقدر شريحته الأولى بـ6.75 مليار دولار، فيما تتوقع القوات البرية الأميركية شراء 50 ألفا من هذه العربات الجديدة قبل عام 2040، بالإضافة إلى 5500 للمارينز، وتقدر القيمة الإجمالية للعقد حتى تلك الفترة بثلاثين مليار دولار.
وأوضح جون براينت، نائب رئيس البرامج العسكرية لدى «أوشكوش»، أنه تم أخذ خطر الألغام بعين الاعتبار في تصميم الآلية الجديدة لأنها مصممة بحيث تتفكك، وتؤدي إلى تشتيت الطاقة، عكس الهامفي، موضحًا أن «بعض أجزاء الآلية ستتطاير، وهي مصممة من أجل ذلك. سوف ترون مستويات دمار عالية في بعض أجزاء العربة، لكن مقصورة الطاقم تبقى سالمة، ويبقى الطاقم على قيد الحياة».
وتبقى المواصفات الفنية للآلية الجديدة سرية في الوقت الحاضر، لكن جون براينت كشف أنها مصممة لتتكيف مع تطور حاجات القوات، كما يمكن تجهيزها عند الضرورة ببرج مسلح يتحكم به جندي، أو بسلاح يثبت على سطحها ويتم التحكم به عن بعد. وهذه القدرة على التكيف تجعل من السهل نسبيا تطوير نسخة دون طاقم يتم تسييرها عن بعد، أو تجهيز الآلية بمحرك هجين، مما سيجعل من الممكن للقوافل العسكرية تسيير آلية دون طاقم في مقدمتها، تنفجر دون وقوع ضحايا في حال صدمت لغما، أو سارت فوق عبوة ناسفة.
إضافة إلى كل ذلك، تمتلك العربة التكتيكية الخفيفة المشتركة جزءا أماميا ضخما يحتوي على محرك قوي، وهي مجهزة بزجاج مصفح ضيق، وسريعة بحيث يمكنها السير أسرع بـ70 في المائة من أي آلية عسكرية أخرى في أرض وعرة، كما أنها خفيفة ويمكن نقلها بواسطة مروحية من طراز «شينوك». ومثل سابقتها الهامفي التي تعتمدها عدة جيوش أجنبية، فإن العربة الجديدة تثير الاهتمام خارج الولايات المتحدة أيضا، بحسب جون براينت، الذي قال إنه «يبدو أن الحاجة إلى سرعة الحركة مع التحصين والحماية وقدرات الدفع الرباعي الممتازة، مطلوبة في كل أنحاء العالم».
وغداة حرب الخليج الأولى اكتسبت عربة الهامفي شهرة عالمية بفضل كاميرات نشرات الأخبار التي صورتها تزمجر في الصحاري الرملية، وانتشر صيتها إلى حد أن شركة «إيه إم جنرال» صنعت منها نسخة مدنية تم تسويقها باسم هامر.
وسينحسر أسطول آليات الهامفي لدى الجيش الأميركي بسرعة وبشكل تدريجي، غير أن هذه العربات تبقى مطلوبة من الجيوش الأجنبية، حيث صادقت الإدارة الأميركية العام الماضي على بيع أكثر من 3300 منها للجيش المكسيكي.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.