مخاوف أميركية من نشر آلاف الجنود الروس في سوريا.. وغارات جوية دعمًا للأسد

تحركات موسكو قد تفاقم الفوضى وتتقاطع مع عمليات التحالف الدولي

مخاوف أميركية من نشر آلاف الجنود الروس في سوريا.. وغارات جوية دعمًا للأسد
TT

مخاوف أميركية من نشر آلاف الجنود الروس في سوريا.. وغارات جوية دعمًا للأسد

مخاوف أميركية من نشر آلاف الجنود الروس في سوريا.. وغارات جوية دعمًا للأسد

أفاد مسؤولون بالإدارة الأميركية، أول من أمس، أن روسيا قد أرسلت فريقًا عسكريًا متقدمًا إلى سوريا وتتخذ خطوات أخرى تخشى الولايات المتحدة أنها تشير إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخطط لزيادة المساعدات العسكرية إلى الرئيس السوري بشار الأسد وبشكل كبير.
وتعد الخطوات الروسية، ومن بينها نقل المئات من الوحدات السكنية سابقة التجهيز، والمصممة لإعالة عدد كبير من الناس، إلى أحد المطارات السورية مع تسليم محطة محمولة لمراقبة الحركة الجوية هناك.
كما تقدم الجانب الروسي أيضًا بطلبات التحليق لطائراته العسكرية لدى بعض الدول المجاورة لسوريا خلال الشهر الحالي.
ويقر المسؤولون الأميركيون بأنهم ليسوا على يقين حيال النيات الروسية حاليًا، ولكن بعضًا منهم أفاد بأن الوحدات السكنية المؤقتة تشير إلى احتمال نشر روسيا لما يقرب من ألف مستشار عسكري أو غيرهم من الأفراد العسكريين في المطار القريب من محل إقامة عائلة الرئيس الأسد، حيث يخدم المطار المذكور مدينة اللاذقية الساحلية السورية الرئيسية.
ويبحث محللو الاستخبارات الأميركية كذلك في شحنات السفن الروسية للوقوف على ما يمكن توجيهه منها إلى سوريا، ويتكهن أحد المسؤولين بالاستخبارات الأميركية أن نشر القوات الروسية قد يصل في نهاية المطاف إلى ألفين أو 3 آلاف فرد.
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن هناك بعض التحركات المثيرة للقلق، لكن لا يوجد تأكيد على أن هناك أعدادًا كبيرة من الجنود الروس أو من الطائرات أو الأسلحة الثقيلة قد وصلت إلى سوريا بعد.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، جون كيربي: «لقد أعربنا مرارًا وتكرارًا، وبصورة منتظمة، عن قلقنا إزاء الدعم العسكري الروسي لنظام الأسد. ولكننا نراقب أيضًا تحركاتهم وبعناية فائقة. فإذا ما تأكدت صحة تلك التقارير، فهي تعبر عن تحول شديد الخطورة في مسار الصراع السوري وتدعو إلى التشكيك في الالتزام الروسي بالتسوية السلمية».
وقد يشكل الدعم العسكري الروسي المتزايد للحكومة السورية مشكلاً للولايات المتحدة من عدة نواح، فإذا كانت نيات بوتين هي دعم الأسد وليس الحكومة السورية فقط، فمن شأن ذلك أن يقوض من ادعاءات كيري بأنه يلزم الرئيس السوري التخلي عن السلطة كجزء من أي حل سياسي للصراع في البلاد.
وفي حالة شن الطيارون الروس غاراتهم الجوية، كما يقول مسؤولو الإدارة الأميركية، فإن اختيار أهداف القصف قد يؤدي إلى تفاقم حالة الفوضى المتنامية هناك بالفعل، حيث يمكن للغارات الجوية الروسية ضد مواقع تنظيم داعش أن تتشابك مع، أو على أدنى تقدير تعمل على تعقيد، العمليات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تجري بالفعل داخل سوريا ضد التنظيم الإرهابي. ولكن إذا استهدفت روسيا الجماعات المتمردة المعارضة للأسد، فقد يقصفون مواقع بعض المقاتلين السوريين المعتدلين الذين تم تدريبهم على أيدي وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع الأميركية هناك.
والاحتمال الآخر هو أن تتخذ روسيا من تلك الخطوات ذريعة لحماية مصالحها في حالة انهيار حكومة الأسد، والوصول إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع المعارضة أو استبدالها بحكومة جديدة.
من جانبه، رفض بوتين، أول من أمس، تقارير إخبارية تفيد بأن روسيا قد أرسلت قوات برية للقتال في سوريا، ووصف الأمر بأنه «سابق لأوانه». وأضاف في مؤتمر صحافي على هامش المنتدى الاقتصادي المنعقد في فلاديفوستوك: «إننا نبحث في مختلف الخيارات، ولكن حتى الآن ما تتحدثون عنه ليس مطروحًا على جدول أعمالنا»، ولكنه أكد أن روسيا كانت تورد الأسلحة إلى الحكومة السورية بموجب تعاقدات يعود تاريخها إلى 5 - 7 سنوات مضت. وأضاف الرئيس الروسي: «لقد قدمنا دعمًا جادًا إلى سوريا من خلال المعدات وتدريب الجنود والأسلحة. وإننا نرغب فعليًا في إيجاد نوع من التحالفات الدولية لمكافحة الإرهاب والتطرف».
وتوضيحًا لفكرته إزاء التسوية الدبلوماسية المحتملة، أشار بوتين إلى أنه يتعين الاضطلاع بتلك المهمة بالتوازي مع محاربة المتطرفين، وأنه يجب أن يلعب السيد الأسد دوره في العملية السياسية.
وتابع بوتين قائلاً: «يتفق الرئيس السوري، كحقيقة واقعة، مع ذلك. بما في ذلك عقد الانتخابات المبكرة، والانتخابات البرلمانية، وإقامة الاتصالات مع ما يسمى بقوى المعارضة (الصحية)، واستقدامهم إلى الحكومة»، غير أنه لم يعرج على الشروط التي تعتبر المعارضة بموجبها «صحية»، على الرغم من أن موسكو كانت على خلافات، بصورة دورية، مع المعارضة في المنفى والمدعومة من قبل الحكومات الغربية.
من جانبه، صرح عادل الجبير, وزير الخارجية السعودي، ان بلاده تسعى لتأكيد ما إذا كان الجانب الروسي قد قدم المساعدات العسكرية المباشرة إلى سوريا من عدمه. ولكنه أعرب عن قلقه حيال ذلك الاحتمال. وقال الجبير في مؤتمر صحافي عقد في واشنطن: «إذا تأكدت تلك الشكوك، فسوف يشكل الأمر تصعيدًا خطيرًا، بل إنه تصعيد شديد الخطورة».
في غضون ذلك، قال جيفري وايت، الضابط السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الذي يدرس الآن القضية السورية لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن «نيات بوتين حيال سوريا كانت واضحة». وأضاف يقول إن «كل ذلك يخبرني بأن الجانب الروسي لن يتراجع عن دعم نظام الأسد».
*خدمة «نيويورك تايمز»



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.