إمام مسجد بميتشيغن يزور أقدم معتقل أميركي في إيران

بادرة للإفراج عن أمير حكمتي بعد سنوات من التعذيب في السجون

إمام مسجد بميتشيغن يزور أقدم معتقل أميركي في إيران
TT

إمام مسجد بميتشيغن يزور أقدم معتقل أميركي في إيران

إمام مسجد بميتشيغن يزور أقدم معتقل أميركي في إيران

في تطور مفاجئ، سمحت السلطات القضائية الإيرانية الأسبوع الماضي لرجل دين مسلم شهير من الولايات المتحدة الأميركية، بزيارة الضابط البحري السابق أمير حكمتي، الذي يعتبر أقدم معتقل أميركي في إيران.
وجاء السماح بزيارة حكمتي (32 عاما) ليوحي بقرب الإفراج عن السجين الأميركي الذي اعتقل منذ أكثر من أربع سنوات أثناء زيارة لجدته الإيرانية للمرة الأولى، وأُلقي القبض عليه بتهمة التجسس عن طريق عملاء لأجهزة الأمن.
وعادة ما تسمح إيران للأقرباء المباشرين فقط بزيارة ذويهم من السجناء.
وكان الإمام محمد علي إلهي، الزعيم الروحي لبيت الحكمة الإسلامي في ديربون هايتس بولاية ميتشيغن، قد تعرف على عائلة حكمتي في مدينة فلنت بنفس الولاية، حسب مقابلة عبر الهاتف الأربعاء. وأضاف أنه استطاع ترتيب الزيارة أثناء حضوره لاحتفال ديني في إيران.
وأفاد أنه لم يخبر عائلة حكمتي بالولايات المتحدة بأمر الزيارة في حينه، حتى لا تصاب بخيبة أمل في حال قوبل طلبه بالرفض.
ويضيف الإمام «كنت محظوظا جدا، إذ إنه بمحض الصدفة والتوفيق استطاع التحدث إلى بعض رجال القضاء الإيرانيين الذين استطاعوا ترتيب الزيارة مع السيد حكمتي بسجن (أيفين) بطهران في الخامس والعشرين من أغسطس (آب) الماضي».
وتم إبلاغ حكمتي بأن «شخصا ما سوف يزوره، غير أنه لم يعرف من هو هذا الشخص»، حسب الإمام، مضيفا: «وكان مرتبا للقاء أن يستمر لنصف ساعة، غير أن اللقاء امتد لخمس وخمسين دقيقة، وكنا بمفردنا في الغرفة».
وقبل دخوله إلى منطقة الزيارة بالسجن، اتصل الإمام بوالدي حكمتي وأيقظ أمه وتدعى «باز»، التي لم تنطق بكلمة ولم تعرف ماذا تقول سوى أن «طلبت أن أقبله وأحتضنه نيابة عنها»، حسب الإمام. وأكد أحد ممثلي عائلة حكمتي اللقاء.
ولم يسهب الإمام في تفاصيل الحوار الذي دار بينهما، غير أنه وصفه بالمرونة والحيوية قائلا: «كان الحوار عاطفيا، وكان من الطبيعي أن تنساب الدموع، إلا أنه سرعان ما استعاد تماسكه وواصل الحديث قي أمور إيجابية»، حسب الإمام. وقال الإمام إلهي الذي عاد لمدينة ميتشيغن بعدها بعدة أيام «وأحس بالتفاؤل لحالة حكمتي أكثر من ذي قبل».
وكانت عائلة حكمتي قد طالبت إيران مرارا بإطلاق سراحه، ونشرت العائلة رواياته عما لاقاه من تعذيب، وسوء المعاملة، والأوضاع المزرية في السجون الإيرانية، خاصة العنابر المليئة بالحشرات.
وكانت تهمة الجاسوسية وحكم الإعدام قد خُفف إلى اتهامات بمساعدة دولة معادية، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات.
أنكر حكمتي كل التهم المنسوبة إليه، ووصف نفسه كمسجون سياسي وكضحية لحالة العداء بين إيران والولايات المتحدة.
وكان عضو الكونغرس الديمقراطي دان كيلدي قد تبنى استصدار قرار يدعو إيران للإفراج عن حكمتي إضافة إلى اثنين أميركيين آخرين معتقلين في إيران، وطالب إيران كذلك بالإفصاح عن معلومات تتعلق بأميركي رابع كان قد اختفى منذ ثماني سنوات، وتم تمرير قرار الكونغرس بالإجماع.
ساعد إبرام الاتفاق النووي الإيراني في يوليو (تموز) الماضي على أن يسود جو من التفاؤل حول الإفراج عن حكمتي وغيره من المعتقلين الأميركيين، وأشار مسؤولون أميركيون لاحتمال تبادل السجناء. وصرحت وزارة الخارجية الإيرانية الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة تعتقل 19 إيرانيا بدعوى خرق العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.
ولم يعلق المسؤولون الأميركيون على تأكيدات الخارجية الإيرانية في هذا الشأن، إلا أنهم أشاروا إلى أنه لم تجر مفاوضات حول تبادل السجناء.
وإضافة إلى حكمتي، تعتقل إيران جاسون رزياني (39 عاما)، مراسل واشنطن بوست في طهران، وهو من مقاطعة مارين كاليف بولاية كاليفورنيا، وسعيد عبديني (35 عاما)، قس مسيحي من مدينة بويس بولاية أيداهو الأميركية.
قضى رزياني أكثر من 13 شهرا في السجن بتهم تشمل الجاسوسية والقيام بأعمال معادية ضد إيران، وهي التهم التي اعتبرتها «واشنطن بوست» ليس لها أساس من الصحة. وعلى مدار الأسابيع الماضية وحسب الاتهامات الموجه لرزيان، يُتوقع صدور حكم بسجنه لعشرين عاما.
وكان قد صدر ضد عبديني حكم بالسجن لثماني سنوات عام 2013 بتهمة الإضرار بالأمن القومي عن طريق إعطاء دروس خاصة في الإنجيل ببعض المنازل، غير أنه دفع ببراءته من تلك الاتهامات.
أميركي رابع يدعي وبرت لافنسون (67 عاما)، عميل متقاعد لمكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» من جنوب فلوريدا، كان قد فُقد في إيران منذ عام 2007.

* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.