«التاكسي الوردي».. للإناث فقط في شوارع القاهرة

السائقات يخضعن لبرامج تأهيل في صيانة السيارات والدفاع عن النفس

«التاكسي الوردي».. للإناث فقط في شوارع القاهرة
TT

«التاكسي الوردي».. للإناث فقط في شوارع القاهرة

«التاكسي الوردي».. للإناث فقط في شوارع القاهرة

في محاولة لكسر الحواجز المجتمعية في مصر وتوفير وسائل مواصلات أكثر أمانًا للسيدات والفتيات، ينطلق خلال الشهر الحالي في مصر، مشروع «pink taxi» في القاهرة للمرة الأولى، فقائدوه وزبائنه، جميعهم من الإناث.
وكعادة أي شيء جديد على المجتمع المصري جاء «بينك تاكسي»، نسبة إلى اللون «الوردي» الذي يرمز إلى المرأة ويغطي لون السيارة، عكس ما هو متعارف عليه للون سيارات الأجرة داخل القاهرة، والتاكسي الأبيض الحديث، والتاكسي التقليدي ذي اللونين الأبيض والأسود، ليثير التاكسي الوردي جدلاً في الشارع المصري بين مرحبين بالفكرة التي اعتبروها تخدم الكثير من الإناث اللاتي يلجأن أحيانًا لاستقلال سيارة في أوقات ومناطق خطرة، وبالتالي فإن المشروع يوفر بالأقل شعورًا بالأمان لكثيرات.
ويرى الرافضون للفكرة أنها تمثل نوعًا من التمييز وأنها تروج لظواهر سلبية في المجتمع مثل التحرش والخطف والسرقة، وهو ما تنفيه ريم فوزي، صاحبة ومديرة المشروع، حيث قالت لـ«الشرق الأوسط» عن الهدف من وراء «التاكسي الوردي» الذي يعد الأول من نوعه في مصر، إن ظواهر مثل ارتفاع نسبة البطالة بين الفتيات وكذلك الانفلات الأمني في السنوات الأخيرة دفعاها للتفكير بتنفيذ الفكرة التي رأتها في دول أجنبية وعربية كثيرة، لافتة إلى أن من بين أهداف المشروع أيضًا «تقديم وجه حضاري لمصر أمام العالم ومدى احترام الجنس الآخر من دون فكر ذكوري».
وتتابع فوزي: «تبدأ المرحلة الأولى من المشروع خلال شهر سبتمبر (أيلول) وتقتصر على العاصمة القاهرة لتقديم الخدمة بشكل جيد وترك انطباع إيجابي لدى العميلات»، لكنها أشارت إلى الكثير من الصعوبات التي تواجه المشروع، وأبرزها «استخراج الرخص المهنية للفتيات اللاتي سيقدن التاكسي، وتخوف سائقات التاكسي والأهالي من الفكرة لكونها جديدة على المجتمع».
بالطبع، مهمة كتلك التي ستقوم بها السائقات ليست بالسهلة على الرجال فما بالنا بالإناث، لكن المشروع الجديد أخذ هذا الأمر في الاعتبار من خلال عمل برامج تأهيلية للعاملات بالمشروع، حيث تقول مديرة «بينك تاكسي» إنه تم عمل برنامج إعداد للسائقات، حتى يكن على قدر المهمة الجديدة من نوعها بالنسبة إليهن.
وتقول: «بعد توافر شروط الفتيات بأن يكن جامعيات ويجدن القيادة، ويجدن اللغة الإنجليزية، وأن تتراوح أعمارهن بين 25 و40 عامًا، نقيم دورات تأهيلية تستمر من شهرين إلى ثلاثة شهور، يتلقين خلالها مبادئ صيانة السيارة، وأهم القواعد المرورية، خاصة لأنهن سيكن محل اهتمام ومتابعة كثيفة في الشارع، علاوة على تعليمهن فنون الدفاع عن النفس لمواجهة المخاطر المحتملة، وتدريبهن على التعامل الودي مع الزبونات وكيفية مواجهة المجتمع».
وتشير ريم فوزي إلى أن الهدف من مشروعها ليس تسليط الضوء على بعض سلبيات المجتمع كما يردد البعض، وخاصة أن لها باعًا طويلاً في مجال تأجير السيارات الليموزين وشركات النقل السياحي ومشروعات مثل «تاكسي العاصمة» ذي اللون الأصفر الذي عمل بالقاهرة قبل سنوات، وتحذر ممن بدأوا يستغل اسم الشركة في وسائل الإعلام من خلال طلب فتيات يمتلكن سيارات خاصة للعمل في «بينك تاكسي» دون أن يكون لهم شركة موثقة رسميًا ما يعرض هؤلاء الفتيات للخطر. وسيكون بإمكان الراغبات في حجز توصيلة عن طريق «بينك تاكسي» الاتصال هاتفيًا بالشركة ومن ثم يتم توجيه التاكسي لهن، وليس من خلال استيقاف السائقات بالشارع، ولرفع مستوى الأمان، سيتم تزويد سيارات «بينك تاكسي» بجهاز تتبع GPS وكاميرات لتتبع مسارها وما يدور فيها، لتأمين السائقة والعميلة على حد سواء.
أخيرا تقول ريم فوزي، إن أجرة «بينك تاكسي» لن تكون مبالغًا فيها، وستزيد بنسب بسيطة عن أجرة التاكسي العادي في مصر، بهدف الحفاظ على جودة الخدمة ولتغطية تكاليف المشروع، خاصة لأن السيارات المستخدمة في المشروع حديثة وكذلك أجر الفتيات لن يكون مساويًا بالطبع لأجر الرجال.
إلى ذلك، طالبت بعض السيدات بألا تنتهي فترة عمل «pink taxi» عند الساعة الثانية عشرة في منتصف الليل، وخاصة أن هناك بعض الأمور مثل السفر وظروف العمل التي يحتجن فيها إلى وسيلة مواصلات آمنة للعودة إلى المنزل. فيما أكدت صفحة المشروع على «فيسبوك» أنه فترة العمل ستكون على مدار 24 ساعة في المستقبل، لكن من الصعب القيام بذلك في بداية المشروع الذي يتطلب العمل لوقت محدد.
ولاقت الفكرة تشجيعًا كبيرًا من متابعي الصفحة التي تجاوزت 30 ألف معجب، خاصة من الإناث، واللاتي أكدن أنهن يفخرن بالقائمات على المشروع لجرأتهن واقتحامهن أحد مجالات العمل التي اقتصرت دائمًا على الرجال.
ويعد المشروع ثاني وسيلة مواصلات مصرية مخصصة للسيدات فقط بعد عربات السيدات في مترو أنفاق القاهرة، ففي كل قطار هناك عربتان للسيدات إحداهما طوال اليوم، والأخرى حتى التاسعة مساء.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».