مجلس النواب الليبي يحسم موقفه من رئاسة حكومة الوفاق الوطني

من بينهم امرأة.. وشخصيات محسوبة على نظام العقيد القذافي

مجلس النواب الليبي يحسم موقفه من رئاسة حكومة الوفاق الوطني
TT

مجلس النواب الليبي يحسم موقفه من رئاسة حكومة الوفاق الوطني

مجلس النواب الليبي يحسم موقفه من رئاسة حكومة الوفاق الوطني

حسم مجلس النواب الليبي أمس موقفه من رئاسة حكومة الوفاق الوطني الجديدة، التي تسعى بعثة الأمم المتحدة إلى تشكيلها بهدف إنهاء الأزمة السياسية في البلاد، باختيار 12 مرشحا، من بينهم امرأة، لتولي منصب رئيس الحكومة ونائبه، خلفا للحكومة الحالية التي يترأسها عبد الله الثني.
وبعد ماراثون من المداولات بين أعضائه، اختار المجلس الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا مؤقتا له، أربعة مرشحين من المنطقة الجنوبية والغربية والشرقية، تمهيدا لتقديم القائمة إلى لجنة حوار الأمم المتحدة لاختيار الرئيس الجديد للحكومة لاحقا. وضمت القائمة التي أقرها المجلس، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، شخصيات محسوبة على نظام العقيد الراحل معمر القذافي، مثل عبد الرحمن شلقم، وجاد الله الطلحي الذي تولى مرتين رئاسة اللجنة الشعبية العامة (حكومة القذافي) في الثمانينات. كما رشح مجلس النواب مصطفى الهوني ومحمد أعبيد ونبيل الغدامسي عن الجنوب، بينما رشح أبو بكر بعيرة، عضو وفد المجلس لحوار الأمم المتحدة، وفتحي المجبري وزير التعليم بحكومة الثني، ومحمد يونس عن المنطقة الشرقية.
وظهر اسم عارف النايض، سفير ليبيا حاليا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، كأحد المرشحين الأربعة عن المنطقة الغربية، كما اعتمد المجلس ترشيح عضوته آمال الحاج عن كتلة النساء للمنصب، بعدما اختار أيضا مرشحين من الأقليات العرقية (التبو والطوارق).
من جهته، استبق محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، جولة الحوار السياسي الليبي، التي من المقرر أن تعقد اليوم (الخميس) برعاية بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، بالتحذير من ترشيح ما وصفه بشخصيات جدلية لتولي منصب في رئاسة الحكومة. واعتبر صوان في بيان وزعه أمس أن اختيار مثل هذه الشخصيات سيؤدي إلى رفض الحكومة بالكامل من بعض أطراف الحوار، وطيف من الشعب الليبي، مما قد يؤدي إلى إفشال الحوار الوطني برمته.
وكان برناردينو ليون، مبعوث الأمم المتحدة ورئيس بعثتها لدى ليبيا، قد اجتمع أول من أمس في تركيا مع وفد، ضم 34 من أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، والمنتهية ولايته في طرابلس، لمناقشة تحفظات البرلمان غير المعترف به دوليا على المساعي المبذولة للتوصل لحل سلمي للأزمة السياسية والنزاع العسكري في ليبيا. وكرر ليون خلال الاجتماع مناشدته للأطراف الليبية إعلاء مصلحة ليبيا الوطنية، والانخراط بشكل بناء في المناقشات لتسريع عملية الحوار.
ويشترط البرلمان السابق إقالة الفريق خليفة حفتر من منصبه كقائد للجيش، بالإضافة إلى حصوله على نصف عدد مقاعد مجلس الدولة الجديد للموافقة على الدخول في حكومة وفاق وطني، لإنهاء الصراع المحتدم على السلطة منذ العام الماضي.
من جهة أخرى، واصلت السلطات الحاكمة في العاصمة الليبية طرابلس الاحتفال على طريقتها الخاصة بالذكرى الـ46 للانقلاب العسكري، الذي قاده القذافي للإطاحة بنظام حكم العاهل الليبي الراحل إدريس السنوسي عام 1969، من خلال نشر المزيد من الصور الفوتوغرافية لبعض رموز القذافي المعتقلين، وهم يرتدون داخل محبسهم بدلة الإعدام الحمراء اللون.
ونشرت مؤسسة الإصلاح والتأهيل، التي تدير سجن الهضبة في وسط العاصمة طرابلس على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، صورة للبغدادي المحمودي، آخر رئيس حكومة في عهد القذافي وهو يرتدي بدلة الإعدام، بالإضافة إلى نشر صور لمسؤولين آخرين يواجهون نفس العقوبة.
وكانت نفس المؤسسة قد نشرت أول من أمس صورا لعبد الله السنوسي، صهر القذافي وآخر رئيس لجهاز مخابراته، بالإضافة إلى أبو زيد عمر دوردة، الذي تلاه في شغل نفس المنصب بزي السجن الأحمر اللون. ولم تفصح المؤسسة عن دوافع نشرها لهذه الصور التي ذيلتها بالتأكيد على أنها صور لمحكوم عليهم بالإعدام رميا بالرصاص. كما رفض مسؤولون في المؤسسة الرد على أسئلة وجهتها لهم «الشرق الأوسط» هاتفيا، حول ما إذا كان نشر هذه الصور، يعتبر بمثابة تمهيد لتنفيذ حكم الإعدام أم لا.
وتتبع مؤسسة الإصلاح المسؤولة عن سجن الهضبة وزارة العدل في الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا، لكنها تسيطر على العاصمة طرابلس بدعم من ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة.
وأصدرت محكمة جنايات العاصمة طرابلس في شهر يوليو (تموز) الماضي حكما غيابيا بإعدام سيف الإسلام، نجل القذافي، وثمانية آخرين، من بينهم السنوسي وأبو دوردة، بتهم ارتكاب جرائم حرب، تشمل قتل متظاهرين خلال الاحتجاجات التي انتهت بإسقاط نظام القذافي ومقتله عام 2011. وقد أثارت الأحكام انتقادات واسعة في الخارج، كما نظم أنصار القذافي عدة مظاهرات نادرة في الداخل للتنديد بهذه الأحكام التي صدرت عقب محاكمة بدأت منتصف العام الماضي.
إلى ذلك، قالت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الجيش المفاجئ بمنع رعايا اليمن وإيران وباكستان من دخول ليبيا، يستهدف التقليل من قدرة التنظيمات المتطرفة على تجنيدهم في صفوفها داخل الأراضي الليبية، والحد من ظاهرة الهجرة غير المشروعة». وبرر الفريق حفتر القرار، الذي وقعه ويقضي بمنع دخول هذه الجنسيات، بالإضافة إلى قرار سابق بمنع دخول رعايا السودان وبنغلاديش، بأنه نتيجة للظروف الأمنية الراهنة وحفاظا على أمن الوطن واستقراره.
وتكررت اتهامات حفتر للسودانيين والفلسطينيين والسوريين بالانضمام إلى جماعة أنصار الشريعة وجماعات متشددة أخرى. كما اتهم يمنيين بالانضمام إلى المتطرفين، علما بأن رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني أعلن العام الماضي أن السودان حاول نقل أسلحة وذخائر جوا إلى الإدارة المنافسة في طرابلس، بينما نفت الخرطوم ذلك بقولها إن «الأسلحة كانت مرسلة إلى قوة حدودية مشتركة بموجب اتفاق ثنائي».
إلى ذلك، استمرت المواجهات العنيفة بين قوات الجيش والمتطرفين في محور بوعطني بمدينة بنغازي في الشرق الليبي، بعدما قصفت طائرات الجيش مواقع تابعة لما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي وأنصار الشريعة في المدينة.
في المقابل، اتهم حزب الإخوان، الجيش الوطني الذي يقوده الفريق خليفة حفتر بالمسؤولية عما وصفه بتصاعد وتيرة قتل واختطاف، وتعذيب مشايخ ومحفظي القرآن الكريم في مدينة بنغازي داخل الأحياء والمناطق التي تقع تحت سيطرة قوات ما يعرف بعملية الكرامة، التي أطلقها حفتر العام الماضي ضد المتطرفين في المدينة.
وحث الحزب المجتمع الدولي على إيلاء أهمية قصوى وعاجلة لمدينة بنغازي والقيام بدوره للحد من هذه الجرائم، كما طالب المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية منها والدولية بالقيام بدورها في توثيق هذه الجرائم، التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، على حد قوله.
وتقول مصادر عسكرية إن «الجيش الموالي للسلطات الشرعية في ليبيا، يواجه معضلات كثيرة في حسم المعارك لصالحه ضد الجماعات المتشددة في بنغازي منذ العام الماضي بسبب نقص السلاح وقلة خبرة مقاتليه».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».