الشاعرة السورية مرام المصري تخلد الحب في زمن الثورة السورية بكتاب جديد

قالت لـ («الشرق الأوسط») : أخجل أن أكتب عن حزن يومي غير الحزن الذي ينتابني

الشاعرة السورية مرام المصري
الشاعرة السورية مرام المصري
TT

الشاعرة السورية مرام المصري تخلد الحب في زمن الثورة السورية بكتاب جديد

الشاعرة السورية مرام المصري
الشاعرة السورية مرام المصري

تستعد الشاعرة السورية مرام المصري لإصدار كتاب جديد اختارت له عنوان «حب في زمن الثورة»، يحتوي على مائة قصيدة لشعراء معروفين وغير معروفين. تشير مرام إلى أن الثورة السورية دفعت الكثير من الناس إلى كتابة قصائد جيدة، وقالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركتها في إحدى فعاليات الدورة العشرين من المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء، التي اختتمت مساء أول من أمس «أحاول تخليد الحب في زمن الثورة السورية، وكيف يصبح عندما يكون حولك الدم ومليون قتيل، وكيف يستطيع الحب أن يصمد».
وأوضحت مرام أن الكتاب هو عبارة عن قصائد للآخرين، جمعتها وترجمتها إلى اللغتين العربية والفرنسية، اعترافا منها بقصيدة الآخر ومحاولة تثبيت هذه المرحلة التي يعيشها الشعب السوري، مفيدة بأنها صار لها ثلاثون سنة بعيدة عن سوريا، وقالت «أعيش هذا البعد بألم، كما أقول دائما إننا نعيش مع أمراضنا، وحنيني إلى بلدي نوع من المرض».
وبخصوص ديوانها الأخير الذي أصدرته منذ سنة، ذكرت مرام أنها ودت التعبير عن حب أكبر من حب الرجل والطبيعة، وهو حب الشعب السوري الذي يعاني منذ ثلاث سنوات من فظائع لا تستطيع وصفها، وقالت «إني أعيشها لهذا أردت أن أنقل ما أعيشه بجسدي وبروحي وبكلماتي عن وقائع هذه الثورة»، مبرزة أنه ليس على التاريخ أن ينسى أن هذه الثورة بدأت سلمية، وأن هذا الشعب أبدى الكثير من النبل والتضحيات، وإلى الآن لا يزالون يشكون في نبل هذه الثورة ويحاولون دعسها وكأنها مرض سرطاني عليهم أن يبتروه من جذوره.
وترى مرام أن كتابها هو توثيق لما يحدث في سوريا، مؤكدة أنها لا تريد أن ينسى التاريخ ما يجري للسوريين، وأن الشعر هو شاهد موثوق. وشددت على أنه ليس هناك مفر إلا الكتابة عن هذه الثورة، ومضت تقول «في الحقيقة أخجل أن أكتب عن حزن يومي غير الحزن الذي ينتابني مما يحدث في بلدي».
تقرأ مرام لأجانب في إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا، بيد أنها لا توجه قصائدها للقارئ العربي، حيث ذكرت أن من سوء حظها أنها تعيش في فرنسا، وقليلا ما دعيت إلى مهرجانات عربية، وعزت ذلك لكون دواوينها ممنوعة في سوريا وحتى في بعض البلدان العربية، موضحة أنه بالنسبة لهم ما يحدث في سوريا هو مؤامرة كونية ضد الفلسطينيين وضد العرب، لذلك تعتبر نفسها تحمل شعرا وتهديه للآخر في ترجمات كجسر بين ضفتين، إذ ترجمت أيضا لخمسين شاعرة عربية وقدمتهن للجمهور الفرنسي، في محاولة منها لتكسير المفاهيم القديمة حول النساء والشاعرات العربيات.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».