وزارة الحج السعودية: إجراءات تنظيمية وراء تأخر الإيفاء بمطالبات شركات حجاج الداخل

أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الأنظمة تمنع تحويل المبالغ المالية إلى حسابات الأفراد

وزارة الحج السعودية: إجراءات تنظيمية وراء تأخر الإيفاء بمطالبات شركات حجاج الداخل
TT

وزارة الحج السعودية: إجراءات تنظيمية وراء تأخر الإيفاء بمطالبات شركات حجاج الداخل

وزارة الحج السعودية: إجراءات تنظيمية وراء تأخر الإيفاء بمطالبات شركات حجاج الداخل

أرجعت وزارة الحج السعودية أسباب تأخر الإيفاء بمطالبات شركات حجاج الداخل بقيمة البرامج التي تم تسويقها على الحجاج، إلى وجود خطوات تنظيمية تتطلب الدقة والمراقبة لحجم الأموال المودعة في حساب الوزارة، مبينةً أنه يتم تحويل هذه الأموال إلى حساب الشركة فور الانتهاء من تلك الإجراءات.
وأوضح الدكتور حسين الشريف وكيل وزارة الحج السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن الشركات التي تقوم بطباعة تصاريح الحج يتم تحويل المبالغ المالية المستحقة لها وإرسال أوامر الدفع لنظام سريع لإيداعها في حساباتهم المثبتة في النظام، موضحًا أن النظام مرتبط بأوقات عمل البنوك السعودية المعتمدة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي والشركات، التي تتواصل مع الوزارة تمت إفادتهم بما يتم من إجراءات، بالإضافة إلى تزويدهم بأوامر الدفع بالتاريخ والوقت.
وأردف الشريف: «اكتشفت الوزارة خلال مراقبة الشركات، أن البعض منها وضع حسابات بنكية بأسماء لأفراد وليس باسم الشركة»، مبينًا أن الأنظمة تمنع تحويل مثل هذه المبالغ إلى حسابات الأفراد، إضافة إلى أن بعض الشركات تقدمت بطلبها نهاية الأسبوع، والتحويل لا يتم إلا في أوقات الدوام الرسمي للبنوك من الأحد إلى الخميس وقد تسبب ذلك تأخير التحويل إلى بعض الشركات التي تقدمت نهاية الأسبوع، مؤكدًا أن الوزارة حريصة على أن تتم الإجراءات وفقًا الآليات المحددة التي تضمن سلامة الإجراء بما ينعكس على الخدمة المقدمة للحجاج.
وفي المقابل، قدر أحمد كريشان رئيس شركة البركة لخدمات الحج، حجم الأموال التي تطالب بها الشركات بأكثر من 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار)، مضيفًا: «هي عبارة عن البرامج التي قامت الوزارة بتسويقها وبيعها على حجاج الداخل من خلال المنصة الجديدة للبوابة الإلكترونية»، مشيرًا إلى أن المشكلة تتفاقم على الشركات مع تأخر وصول المبالغ نظرًا لوجود ارتباطات أخرى تحتم على الشركات القيام بها، مثل عقود الإعاشة والنقل والسكن.
وقال كريشان: «نسبة كبيرة من الشركات البالغ عددها إلى 240 شركة لم تتسلم مبالغ البرامج التي تم بيعها عن طريق نظام مسار الوزارة الجديد»، مشيرًا إلى أنه تم القيام بكل الإجراءات التي طلبتها الوزارة لإتمام عملية التحويل.
إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك رقابة مالية مشددة على الشركات وبعض الحسابات، يأتي ذلك من خلال البنوك التجارية ومؤسسة النقد العربي السعودي، والجهات المسؤولة، بما يضمن سلامة تحويل الأموال وإيداعها في الحسابات المحددة وتوجيهها إلى خدمة الحجاج.
وكانت وزارة الحج أطلقت خلال الموسم الحالي نظام المسار الإلكتروني بهدف التسهيل على المواطنين والمقيمين الوصول إلى منشآت الحج المرخص لها من الوزارة، ومعرفة الخدمات التي تقدمها بكل شفافية ووضوح، من خلال الدخول والتسجيل على نظام الوزارة الموحد، إذ بات باستطاعة المواطن والمقيم معرفة نوعية الخدمات المقدمة في الحملة دون زيارة الشركة.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.