أزمة النفايات تراوح مكانها.. وسلام أوعز بتشكيل لجنة جديدة تقترح الحلول

مبادرة بري الحوارية بانتظار قرار عون.. والحراك الشعبي يتجدد خلال الساعات المقبلة

منظفون يزيلون النفايات من أحد شوارع بيروت أمس (أ.ف.ب)
منظفون يزيلون النفايات من أحد شوارع بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

أزمة النفايات تراوح مكانها.. وسلام أوعز بتشكيل لجنة جديدة تقترح الحلول

منظفون يزيلون النفايات من أحد شوارع بيروت أمس (أ.ف.ب)
منظفون يزيلون النفايات من أحد شوارع بيروت أمس (أ.ف.ب)

من المتوقع أن يُعلن القيمون على الحراك الشعبي الذي تشهده البلاد منذ 22 أغسطس (آب) الحالي خطوات تصعيدية جديدة مساء اليوم الثلاثاء مع انقضاء مهلة الـ72 ساعة التي حددوها من دون تحقيق أي من مطالبهم، وعلى رأسها استقالة وزير البيئة ومحاسبة وزير الداخلية، في ظل مراوحة فاضحة تشهدها أزمة النفايات التي لا تزال تجتاح الشوارع اللبنانية من دون التداول بأي حلول، وقرار رئيس الحكومة تمام سلام تكليف لجنة جديدة البحث في الملف بعد فشل اللجنة الوزارية المعنية بتحقيق أي خرق يُذكر في هذا المجال.
وأوضح مروان معلوف، الناشط في حملة «طلعت ريحتكم» التي تقود التحركات الشعبية، أنّهم يتوجهون لتصعيد تحركاتهم مساء اليوم الثلاثاء في حال انقضاء مهلة الـ72 ساعة من دون الاستجابة للمطالب الـ3 الرئيسية التي رفعناها، وهي استقالة وزير البيئة، محاسبة وزير الداخلية واستقالته في حال ثبت أنّه أعطى الأوامر لقوى الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين، وسجن كل عنصر أقدم على إطلاق النار على المدنيين العزل. وعمّا إذا كان الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيؤدي لتنفيس الاحتقان وتراجعهم عن التصعيد، اكتفى معلوف بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «أي حوار يجب أن يتم داخل المؤسسات الدستورية وليس خارجها».
وبرز يوم أمس تطوران لافتان على صعيد أزمة النفايات التي لم توضع بعد على سكة الحل، على الرغم من تصاعد النقمة الشعبية والتي تجلت يوم السبت الماضي بتظاهرة كبيرة شارك فيها عشرات الآلاف من اللبنانيين.
وقرر رئيس الحكومة تمام سلام بعد فشل اللجنة الوزارية الموكل إليها إيجاد حلول لأزمة النفايات بمهمتها، «وسعيا لإيجاد مقاربة جديدة وفاعلة يكون من شأنها إيجاد حلول سريعة لهذه الأزمة الوطنية الكبرى التي تتخبط فيها البلاد»، تكليف وزير الزراعة أكرم شهيب ترؤس لجنة من الخبراء وأصحاب الاختصاص، «تكون مهمتها النظر في الملف واقتراح مخارج وحلول فورية للأزمة، تأخذ في الاعتبار التوجه الذي عبر عنه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة إضافة إلى أية أفكار مفيدة أخرى»، بإشارة إلى تحميل البلديات مسؤولياتها بحل الأزمة بعد إعطائها الأموال المطلوبة.
وكان قد سبق قرار سلام إعلان وزير البيئة محمد المشنوق استقالته من اللجنة الوزارية المولجة معالجة ملف النفايات، علما أن الحراك الشعبي لا يزال يصر على تقديم المشنوق استقالته من الحكومة وليس من اللجنة فحسب «بسبب فشله بمهامه».
وتتجه الأنظار بعد ظهر اليوم إلى اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الذي يرأسه العماد ميشال عون لتبيان موقفه من دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعقد حوار وطني يبحث في رئاسة الجمهورية، عمل مجلس النواب، وعمل مجلس الوزراء، وماهية قانون الانتخابات، وماهية قانون استعادة الجنسية، ومشروع اللامركزية الإدارية، وموضوع دعم الجيش اللبناني.
وبينما بدا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مرحبا ومؤيدا تماما لدعوة بري الحوارية، أكد زعيم تيار المستقبل سعد الحريري في تغريدة عبر موقع «تويتر» أنه يلتقي مع بري في الدعوة إلى حوار يناقش البنود التي أوردها في خطابه، قائلا: «نحن بالتأكيد سننظر بإيجابية إلى موضوع الحوار عندما نتلقى الدعوة»، لافتا إلى أن «الاتفاق على بتّ موضوع رئاسة الجمهورية يشكل المدخل السليم للبحث في القضايا الأخرى، كما التمسك بالحكومة وتفعيل عمل المجلس النيابي يشكلان قاعدتين للاستقرار المطلوب في هذه المرحلة». وبدوره، عبّر حزب الله عن تأييده الكامل للمبادرة الحوارية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطابه بذكرى تغييب الإمام موسى الصدر. ورأى فيها «فرصة جديّة لإيجاد منفذ يؤدي إلى حلحلة الكثير من القضايا العالقة في البلاد، وصولاً إلى إيجاد حل دائم ومستقر للأزمة السياسية وما ينتج عنها من أزمات اقتصادية واجتماعية تهدد المواطن اللبناني».
ومن المتوقع أن يكون لمعظم الفرقاء مواقف إيجابية من الحوار الذي دعا إليه بري وسيشمل إلى الرئيس سلام رؤساء الكتل النيابية، لكن الكل يترقب موقف النائب عون الذي لم يكن على علاقة جيدة بحليفه المفترض رئيس المجلس النيابي على خلفية أكثر من ملف.
وأوضح ماريو عون، الوزير السابق والقيادي في تيار عون، أنّه «وقبل إعطاء موقف من الحوار الذي دعا إليه الرئيس بري، يجب النظر بمضمون هذا الحوار خاصة وأن بند رئاسة الجمهورية مدرج على طاولة البحث»، لافتا إلى أن موضوع الرئاسة «محسوم» بالنسبة لفريق عون، «ومفاده انتخاب الرجل المسيحي الأقوى رئيسا للبلاد، أما العودة لنغمة الرئيس التوافقي فتنسف أي حوار قبل انطلاقه».
وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «نحن من حيث المبدأ مع أي حوار، وهي سياسة ننتهجها مع الجميع دون استثناء لكننا ننتظر إيضاحات من الرئيس بري حول مضمون الحوار الذي دعا إليه، وخصوصا بما يتعلق ببند الانتخابات الرئاسية، كما نتوقع أن يكون لديه طروحات جدية للجلوس على الطاولة».
ويستمر تيار عون بالإعداد لتظاهرة يسعى لتكون حاشدة يوم الجمعة المقبل في ساحة الشهداء في وسط بيروت للمطالبة بـ«تحقيق الشراكة المسيحية الحقيقية وإنجاز قانون جديد للانتخابات للحد من حالة التفكك التي تشهدها البلاد ووضع حد للطبقة السياسية الحالية»، بحسب القيادي ماريو عون الذي أضاف: «نحن مصرون على النزول إلى الشارع، وحركتنا هي بعكس حراك المجتمع المدني الذي لا نعرف من يقوده ولأي غايات وهو يجرنا إلى الهاوية والفوضى الأمنية، علما أن القيمين عليه يتمادون بسرقة شعاراتنا».
وفي سياق الحركة الحاصلة لكسر الجمود السياسي المتمادي في البلاد، عقدت يوم أمس قمة مسيحية روحية في مقر البطريركية المارونية في بكركي شرق بيروت، شارك فيها رؤساء الطوائف المسيحية الذين أكدوا دعمهم لجهود رئيسي الحكومة تمام سلام والنواب نبيه بري لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بسرعة، معتبرين أن في اللجوء إلى الشارع «خطورة عندما تكون النفوس مشحونة».
واقترحت القمة المسيحية في بيانها الختامي خريطة طريق للأزمة السياسية التي تعصف بلبنان تقوم على انتخاب فوري لرئيس الجمهورية وفقًا للأصول الدستورية، وتأليف حكومة تتولى معالجة كل القضايا السياسية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية بدءا من قانون جديد للانتخاب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.