«أزمة النفايات» تفتح ملف الرئاسة في لبنان.. وانتخاب قهوجي بات شبه مؤكد

مصادر: البحث يرتكز على مخرج وفق «سيناريو السيسي».. وصهر عون لرئاسة الجيش

متظاهرون لبنانيون في باريس تجمعوا أمس قرب برج إيفل يلوحون بأعلام بلادهم وقد كتبوا على لافتة ما معناه «ريحتكم وصلت إلى باريس» (أ.ف.ب)
متظاهرون لبنانيون في باريس تجمعوا أمس قرب برج إيفل يلوحون بأعلام بلادهم وقد كتبوا على لافتة ما معناه «ريحتكم وصلت إلى باريس» (أ.ف.ب)
TT

«أزمة النفايات» تفتح ملف الرئاسة في لبنان.. وانتخاب قهوجي بات شبه مؤكد

متظاهرون لبنانيون في باريس تجمعوا أمس قرب برج إيفل يلوحون بأعلام بلادهم وقد كتبوا على لافتة ما معناه «ريحتكم وصلت إلى باريس» (أ.ف.ب)
متظاهرون لبنانيون في باريس تجمعوا أمس قرب برج إيفل يلوحون بأعلام بلادهم وقد كتبوا على لافتة ما معناه «ريحتكم وصلت إلى باريس» (أ.ف.ب)

من باب «قضية النفايات» التي أنتجت تحركات شعبية لبنانية تجاوزت الأحزاب والطوائف فتح ملف رئاسة الجمهورية اللبنانية على مصراعيه بعد فراغ بلغ السنة والأربعة أشهر، بحيث بات يعدّ لمخرج على طريقة «السيناريو المصري» وتحديدا «سيناريو السيسي» (الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي)، أي انتخاب قائد الجيش جان قهوجي رئيسا، وفق ما كشفت مصادر في قوى «14 آذار»، لـ«الشرق الأوسط».
وقد يكون خير دليل على أنّ الاهتمام السياسي في لبنان اليوم بات ينصب في مكان آخر غير مطالب المتظاهرين الذين هدّدوا بالتصعيد إذا لم تحقق مطالبهم قبل يوم غد، استبعاد أي إمكانية لاستقالة وزيري الداخلية والبيئة نهاد المشنوق ومحمد المشنوق، وهو ما أكّده وزير البيئة، فيما سبق لوزير الداخلية أن أعلن أن نتائج التحقيقات في إطلاق النار على المتظاهرين الأسبوع الماضي، سيعلن عنها يوم الأربعاء.
وتقول مصادر «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط»، بأن «النقمة الشعبية على السلطة لا بدّ أن تنتهي في مكان ما أو عند حدث معين، إذ وفي حين يبقى إسقاط الحكومة أمرا مستحيلا في غياب رئيس للبلاد تقدم له استقالتها، من غير الوارد إجراء انتخابات نيابية جديدة في ظل عدم رغبة الأطراف اللبنانية فيها، باستثناء رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون الذي يأمل أن تؤدي إلى انتخابه رئيسا، كذلك بعد سقوط فكرة المؤتمر التأسيسي، نتيجة كل ما يحصل في سوريا والعراق، وبالتالي بات الشيعة بشكل عام وحزب الله بشكل خاص يفضلون المحافظة على المكتسبات التي يتمتعون بها في الوقت الحالي. وبالتالي وأمام هذا الواقع أصبح المخرج الوحيد اليوم هو انتخاب رئيس ومن ثم تأليف حكومة جديدة».
وفي حين تؤكّد المصادر أنّ القرار الدولي لانتخاب رئيس في لبنان كان قد اتخذ إثر الاتفاق النووي الإيراني - الأميركي وبات اليوم على نار حامية نتيجة الحراك الشعبي الأخير، توضح أن «سيناريو السيسي» أي انتخاب قائد الجيش رئيسا بقرار دولي، بات شبه مؤكّد، بينما يرتكز الآن البحث في بعض محاذير تطبيقه انطلاقا من التجارب اللبنانية السابقة غير الناجحة مع قادة الجيش السابقين، الذين يفقدون سيطرتهم على الجيش بعد وصولهم إلى سدّة الرئاسة.
وفيما من المتوقّع أنّ تلعب ورقة التفاهم بين «حزب القوات اللبنانية» وتيار عون دورا في إنتاج رئيس، لا سيّما أن عون المرشّح للرئاسة كان يعلن رفضه القاطع لانتخاب قهوجي وتحول مقاطعته وفريق «8 آذار» لجلسات الانتخاب دون تأمين نصاب الجلسة، فإنه من المرجّح أن تتضمن التسوية تعيين صهر عون العميد شامل روكز قائدا للجيش، وهو ما كان عون يطالب به أيضا.
وبعدما كان حراك «طلعت ريحتكم» قد أمهل الحكومة اللبنانية 72 ساعة لتحقيق مطالبه مهددا بالتصعيد ابتداء من يوم الثلاثاء، أكّدت مصادر الرئيس تمام سلام أنّ وزيري الداخلية والبيئة نهاد ومحمد المشنوق ليسا في وارد الاستقالة، وقالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لن يستقيل وزير البيئة تحت الضغط ولن يكون كبش محرقة لملف شائك عمره عشرات السنوات تراكمت مشكلاته نتيجة التقصير والإهمال وبالتالي ليس من المنصف تحميله وحده المسؤولية». وفيما يتعلّق بمحاسبة المسؤولين عن إطلاق النار خلال مظاهرة يوم السبت من الأسبوع الماضي، ذكّرت المصادر بما سبق أن أعلنه وزير الداخلية وبأنه يقوم بتحقيقات جدية في هذا الإطار وسيعلن عنها يوم الأربعاء المقبل.
وحدّد الحراك مطالبه في مظاهرة أول من أمس باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق، ومحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق ومعرفة من أطلق النار على المتظاهرين وإيجاد حل بيئي وصحي للنفايات، وحصول انتخابات نيابية شرعية.
وكانت المظاهرة الحاشدة التي دعا إليها المجتمع المدني وشارك فيها عشرات آلاف اللبنانيين رفضا للفساد في الدولة، محط اهتمام ومتابعة من قبل مختلف الأطراف السياسية والدينية والأحزاب، لا سيما أنها كانت لافتة لجهة الأعداد المشاركة بعيدا عن أي غطاء حزبي أو سلميتها باستثناء بعض المواجهات مع القوى الأمنية التي سجّلت في نهايته اجتياز الأسلاك الشائكة. ويوم أمس، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن توقيف 10 أشخاص، قالت: إنهم قاموا بأعمال شغب خلال المظاهرة، لافتة إلى أنّ التحقيقات جارية بإشراف القضاء، وكاشفة عن إصابة عنصرين لقوى الأمن بجروح طفيفة.
وتعليقا منه على مظاهرة يوم أول من أمس، قال رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «يعممون الفساد على الجميع وقد نسوا أنهم من هذا الجميع»، متسائلا: «هل المطلوب تجهيل الفاسد الحقيقي وتبرئته؟»، علما بأن عون، الذي هو جزء من هذه السلطة وله وزيران في الحكومة، كان قد دعا مناصريه للتظاهر يوم الجمعة المقبل للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد، وفق ما أعلن.
في المقابل، رأى رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، أنّ معظم شعارات المظاهرة محقة لكن يبقى دراسة آلية التنفيذ. وقال في تغريدات له على «تويتر» «على المسؤولين عن حركة أو تيار طلعت ريحتكم أن يدرسوا الأمر بدقة من أجل منع الأحزاب، كل الأحزاب دون استثناء، من استغلال هذا التحرك العفوي وإجهاضه»، معتبرا أنّه عبّر عن الأوجاع الحقيقية للمواطن اللبناني الذي لا يملك أو لا يتجرأ حزب على الإجابة عليها ناهيك عن معظم الطبقة السياسية، والأهم هو هذا الجمع العفوي خارج الاصطفاف التقليدي العقيم المسمى 14 و8 آذار.
وأضاف جنبلاط: «لا أدعي امتلاك أجوبة لأنني جزء من الطبقة السياسية التي أدانها الجمهور بالأمس، لكن اسمحوا لي بملاحظة ولو على سبيل المزاح وليس الأمر من باب الاستغلال، أن إقفال مطمر الناعمة كشف نفايات الطبقة السياسية والأحزاب برمتها دون استثناء»، وحول كيفية المعالجة، فأكد أنه لا يملك «جوابا في هذه اللحظة لكن ومن باب الإنصاف فإن تحميل رئيس الحكومة تمام سلام الملامة فيه تجنٍ». واعتبر أن «سلام أتى في أصعب الظروف وورث موبقات الأحزاب والطبقة السياسية وجميع أنواع الشلل».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.