«نساء من مصر».. مبادرة نسائية تدعو المصريات للفضفضة

شعارها دعوهن يروين حكاياتهن بأنفسهن

«نساء من مصر».. مبادرة نسائية تدعو المصريات للفضفضة
TT

«نساء من مصر».. مبادرة نسائية تدعو المصريات للفضفضة

«نساء من مصر».. مبادرة نسائية تدعو المصريات للفضفضة

في واحدة من المبادرات التي تسعي إلى الاهتمام بالإنسانية في ظل قسوة الحياة وتأثيرها خصوصا على المرأة المصرية وتسجيل رحلة كفاحها على مدار اليوم، وما تمر به من أحداث ومواقف وما يشغل بالها من أحلام وطموحات، جاءت فكرة صفحة «نساء من مصر» على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» كمتنفس للتعبير عن اهتمامات السيدات والفتيات في شكل صورة مع تعليق عما تحلم به أو تخاف منه، أو حلم بعيد تسعى إليه.
مي فتحي، صاحبة المبادرة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «تأثرت بشدة بصفحة (هيومانز أوف نيويورك) التي أنشأها مصور يلتقط صورا لأناس يعيشون في أنحاء مدينة نيويورك، يروون قصصهم وما يخطر على بالهم أثناء مصادفتهم للمصور في الطريق، وتساءلت: لماذا لا تكون لنا نحن المصريات مساحة حرة للتنفيس عن همومنا وما يشغل بالنا؟ لأنني أرى أن المرأة المصرية لديها رحلة كفاح خاصة سواء في طريقها للجامعة أو العمل، أو في عودتها للبيت محملة بطلبات المنزل وهموم الأسرة، المرأة هنا لا تعني الشابات فقط، بل المصريات جميعا في مختلف الأعمار».
وتضيف مي: «في بداية إنشائي للصفحة لاقت إعجابا من قبل صديقاتي المتحمسات مثلي للتعبير عن أنفسهن، وتسليط الضوء على همومنا، وفي بداية الأمر كنت أصور صديقاتي، ثم تشجعت أكثر ونزلت إلى الشارع من دون أي معيار لاختيار الفتاة، مجرد أن أتحدث معها قليلا من خلال أسئلة بسيطة مثل: ما أكثر ما يسعدك؟ أكثر ما يقلقك من المستقبل؟ تلك الأسئلة التي تصنع قصة ما في حياة الجميع عادة، ثم أنشرها على الصفحة من دون اسم الفتاة مع صورتها، وفي بعض الحالات تعود الفتاة وصديقتها بالتعليق على الصور ونشر الصورة على صفحتها الشخصية.. فهذا أمر يعود إليها في البداية والنهاية».
ويذكر أن مي فتحي درست إدارة الأعمال، وتعمل مشرفة لأحد المواقع الاجتماعية، لكنها ترى في الفوتوغرافيا رسالة أوضح من الكلام، فتقول: «في بعض الأوقات تستطيع الصورة أن تتحدث عن نفسها من دون أي حوار جانبي، لكني أفضل دائما أن أعطي الفرصة للفتيات للتعبير عن أنفسهن». وتتابع مي: «أغلب الفتيات والسيدات يتكلمن عن التفاصيل الصغيرة التي تُحدث فارقا في سير يومهن إلى الأفضل أو إلى الأسوأ، يناقشن طموحاتهن المهنية أكثر من العاطفية، مثل (أريد آن اعمل في مجال كذا، أريد أن أدرس كذا)، كالفتاة التي جاءت من محافظة الدقهلية إلى القاهرة لدراسة الإعلام والعمل في الصحافة، وكيف أنها خاضت نقاشات عديدة مع أسرتها لرفضهم حياتها في العاصمة بعيدا عنهم. وهي ترى أن الميزة في عائلتها أنهم يتركونها تتحمل مسؤولية قراراتها، ولكنها في النهاية تفتقد هدوء مدينتها الأم بعد الحياة في العاصمة».
قصص الفتيات تتغير مع كل صورة جديدة، لكنها دائما تحمل في طياتها قلقا وحيرة مختلطين بتحد وأحلام كثيرة متناثرة في أرجاء المشهد، ففتاة أخرى تبلغ من العمر 23 سنة ترى أن هذه هي السن المطلوبة لإحداث تغيير في حياتها والسعي وراء هدف خصوصا في حياتها المهنية بتقديم أفكار تلمس حاجة المجتمع إليها وتؤثر في حياة الناس بشكل مباشر وليس نظريات ورقية فقط.
وعن صدمة التعامل مع العالم الخارجي تقول فتاة أخرى: «منذ 3 سنين قبل تخرجي في الجامعة كنت أكثر انطلاقا وتفاؤلا، كقدرتي على تغيير جزء صغير من الكون على الأقل وليس الكون كله، وحين وصلت لهذا الجزء الذي أرغب في تغييره تساءلت: هل الجزء سيحدث فرقا في كل هذا السوء الذي حولي الآن؟».
ولا تقتصر الصفحة على تقديم آراء الفتيات المراهقات والشابات، فهناك صورة لسيدة تجلس على باب مسجد السلطان حسن بالقاهرة الفاطمية تنتظر نتيجة الثانوية العامة لابنتها التي ذهبت مع والدها لمعرفتها من المدرسة، لكنها لم تستطع الذهاب معهم لقلقها الشديد، فتوجهت إلى المسجد الأثري الذي لم تزره من قبل وجمعتها الصدفة بزيارته يوم النتيجة.
وعن تجربة الفقد والحزن تقول شابة في الثلاثين من عمرها: «كنت أنا ووالدتي صديقتين مقربتين إلى أقصى درجة، وكانت أمي نشيطة وتتحرك كثيرا وفي كل مكان مستمتعة بحياتها معنا، وأصيبت وهي في الأربعينات من عمرها بجلطة في القلب، وتدهورت حياتها إلى أن فارقت الحياة منذ عام مضى.. من وقتها وأنا قررت أن أعيش حياتي، من تلك اللحظة التي فارقتني فيها من دون تأجيل، ولا أشغل تفكيري بالمستقبل كثيرا بقدر استمتاعي بالحاضر لأن العمر قصير».
وعن المواقف المميزة التي قابلت مي أثناء التقاطها للصور تقول: «كانت هناك بائعة (ذرة مشوي) جاءت من الفيوم إلى القاهرة لتعمل مع زوجها (حارس فيلا) في إحدى المناطق الراقية، لكنها تخرج منذ ثلاث سنوات لبيع الذرة المشوي في الطريق لمساعدته في مصاريف البيت، وحين طلبت منها أن ألتقط لها صورة مع الذرة رفضت بشدة خوفا من ظهور صورتها في التلفزيون قائلة: (عندنا في البلد هيعملوا مشاكل لو عرفوا)، ثم أوضحت لها أن الصور ستنشر على الإنترنت وليس التلفزيون فرفضت أيضًا لأن شقيق زوجها يستخدم الإنترنت دائما، فضحكت معها وطلبت مني في النهاية أن أصور الذرة المشوي!.. حينها شعرت بأن هذا الصحن المعدني وما يحمله من حطب مشتعل وحوله (أكواز) كثيرة من الذرة، هو جزء منها ومن هويتها وتكوينها».
وعن أمنيات مي لتلك المبادرة أشارت إلى رغبتها في الذهاب إلى محافظات مصر المختلفة وتصوير العديد من السيدات لتوثيق اللهجات المختلفة والعادات والتقاليد التي تتميز بها كل محافظة عن الأخرى.



«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
مسلسل «6 شهور» (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
TT

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)
مسلسل «6 شهور» (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام من خلال «التمسك بالشغف».

وتصدر المسلسل قائمة «الأكثر مشاهدة في مصر» على منصة «watch it»، خلال الأسبوع الثاني على التوالي من عرضه.

ويبدأ العمل، الذي يقوم ببطولته الممثل الشاب نور النبوي، أحداثه بإشادة أستاذ جامعي بذكاء وموهبة طالب سابق لديه يُدعى مراد في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويشيد بمشروع تخرجه، متوقعاً أن يكون قد تبوأ مكانة مرموقة في عالم رجال الأعمال و«البيزنس الإلكتروني».

لكن تكشف الأحداث أن مراد يعمل موظف «كول سنتر» في شركة صغيرة لصناعة الغسالات، بعد فشله في تحويل مشروعه إلى واقع بسبب ضعف الإمكانيات المادية.

لقطة من المسلسل المصري «6 شهور» (صفحة الفنان نور النبوي على «فيسبوك»)

وتتوالى الأحداث حيث ينتقل مراد إلى التدريب تحت الاختبار في شركة عقارات لمدة 6 شهور، ويدخل في منافسة شرسة للفوز بالوظيفة مع لطيفة «نور إيهاب»، وفي سبيل ذلك يخوض الشابان مجموعة من المغامرات التي تمتزج فيها الكوميديا بالمعاناة.

وللمسلسل «طابع جديد غير نمطي» وفق الناقد محمود مطر، الذي وصف المسلسل بأنه «دراما شبابية بامتياز، لا تركز على قصص الحب، بل تناقش قضايا أخرى أصبحت أكثر إلحاحاً في المجتمع، وهي صعوبات النجاح في الحياة العملية في ظل الأزمة الاقتصادية».

وقال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العمل يكاد يكون أول مسلسل يخوض في عالم العقارات بتفاصيله الدقيقة، وهو عالم أثار استياء المصريين وسخريتهم أخيراً؛ بسبب كثرة ملاحقة العاملين فيه للجمهور عبر الهاتف، عارضين فيلات فاخرة بالملايين، ولعل هذا المسلسل يكون قد نجح في الكشف عن أسباب هذه الملاحقة، وارتباط ذلك بالعائد المادي الضخم الذي يحصلون عليه عند إتمام البيع».

والمسلسل المكون من 10 حلقات من تأليف عمرو أبو زيد وأحمد هشام، وإخراج مصطفى الصولي، ويشارك في البطولة مراد مكرم، وسلوى محمد علي، وبسمة نبيل، وباهر النويهي، ومروان فارس، وأحمد فاضل، ونورا عبد الرحمن، وأمجد الحجار، فضلاً عن عدد من ضيوف الشرف مثل بدرية طلبة، وعلاء مرسي، ومحمد عبد العظيم.

«يقود العمل الشباب إلى بداية الطريق، ويساعدهم على أن يعرفوا كيف يمكن أن يتحول الحلم إلى واقع»... هكذا بدأ المخرج مصطفى الصولي حديثه عن فكرة «6 شهور»، واصفاً المسلسل بأنه «يلمس فئة واسعة من الشباب المصري».

الفنانة نور إيهاب في لقطة من المسلسل (حساب WATCH IT على «فيسبوك»)

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يتناول المسلسل معاناة الشباب بعد التخرج من الجامعة، وكيف يظلون لعدة سنوات في حالة تشتت (توهان)، لا يعرفون ماذا يريدون، وما هي قدراتهم، وما هو شغفهم الحقيقي، وذلك من خلال الأحداث التي يمر بها مراد ولطيفة ومجموعة أخرى من شباب (الكول سنتر) و(السيلز)».

وأضاف: «يسير المسلسل تدريجياً معهم إلى أن يأخذ المشاهدين لمعرفة أسلوب التفكير السليم، والتمسك بالشغف؛ مما يجعلهم قادرين على اكتشاف أنفسهم، وتحديد أهدافهم وتحقيقها؛ وبذلك يخرج بهم من دائرة التشتت إلى الطريق الصحيح».

واختيار عالم العقارات كمحيط اجتماعي أساسي تدور داخله أحداث المسلسل لم يكن فقط بهدف التجديد أو مجرد عرض تخصص غير مطروق كثيراً في الدراما المصرية، إنما كان ثمة مبرر درامي يخدم القصة، بحسب الصولي «يبرز هذا العالم مدى المعاناة التي يتعرض لها حديثو التخرج في مصر؛ فذلك المجال يتطلب منهم جهداً كبيراً ومهارات خاصة، ورغم ذلك يسبب لهم إحباطات ولحظات فشل وإحراج كثيرة، وهو نموذج لمجالات كثيرة يضطرون للعمل فيها».

وفي سبيل محاكاة عالم «السيلز» بكل تفاصيله قام مخرج العمل بقضاء أيام كاملة داخل شركات العقارات، والتقى خلالها بالمديرين والموظفين؛ ليتعرف على حياتهم اليومية وأسلوب عملهم، والمصطلحات المتداولة بينهم؛ وهو ما أسفر عن «محاكاة الواقع» الذي أشاد به الجمهور والنقاد، وفق الصولي.

وتزامناً مع هذه المعاناة الشبابية في التوظيف بالمجتمع المصري، يتطرق المسلسل إلى قضايا إنسانية أخرى؛ لتتشابك الأبعاد الدرامية بتصاعد الأحداث، فيكتشف المشاهد وجود ترسبات نفسية داخلية لدى بطلي العمل؛ إذ يعاني مراد الذي توفي والده صغيراً وتولت أمه تربيته، من الإحساس الدائم بالذنب والحزن الشديد على حاله، لأنه غير قادر على التخفيف عنها، ولا على تحقيق توقع أبيه له بأنه سيصبح ذا شأن عظيم.

ومن جهة أخرى تعاني لطيفة من الإحساس المرضي بأنها «تحت المجهر» دوماً؛ مما يدفعها إلى الكذب المستمر، إلى جانب معاناتها من غياب الدفء الأسري؛ بسبب انفصال والديها، وهكذا ينتقل المشاهد من خلال هذه الأحداث ما بين الصراع الخارجي بين الشخصيتين الرئيسيتين للمسلسل سعياً وراء الفوز بفرصة العمل من جهة، وما بين الصراع الداخلي لدى كل منهما من جهة أخرى.

الفنان نور النبوي في لقطة من المسلسل (صفحة الفنان على «فيسبوك»)

ويأتي هذا التشابك بين الخطوط الدرامية المتعددة مقصوداً؛ بهدف بناء الشخصيات ومنحها عمقاً يبرر تصرفاتها في المسلسل بحسب الصولي الذي يوضح: «لم يكن تناول المشكلات الأخرى لمراد ولطيفة نوعاً من الحشو أو (المزايدة الاجتماعية)، إنما جاء لمزيد من فهم المشاهد لهما، فلولا هذه المعالجة ما كانت أفعالهما قد اكتسبت المنطقية، وما كان الجمهور ليتفاعل معهما بالقدر الكافي».

ويُعدّ المسلسل الذي ينتمي إلى الدراما الاجتماعية الكوميدية الخفيفة، هو العمل الدرامي الأول للمخرج الذي عمل طويلاً في مجال الإعلانات، وهو ماً أثار بعض التعليقات «السوشيالية» التي ربطت بين أسلوب إخراج المسلسل وهذا المجال.

وحول هذا الأمر يقرّ الصولي: «لا أنكر أنني تأثرت كثيراً خلال إخراج المسلسل بكوني مخرجاً للإعلانات، وشكل ذلك ميزة مهمة من وجهة نظري؛ لأن الإعلانات تقوم على تقديم كل ما تريده في ثوانٍ معدودة، وهو نفس الفكر الذي اتبعته في (6 شهور)؛ ولذلك جاء إيقاعه سريعاً بشكل لافت، إضافة إلى التكثيف الدرامي، والطابع الحيوي الجذاب، رغم أن العمل يتصدى لقضية شائكة تسودها المعاناة والإحباط».