القاهرة تكثف تحركاتها لـ«مقعد» مجلس الأمن.. رغم غياب المنافسين

الرئيس المصري في سنغافورة اليوم مستهلاً زيارة تشمل الصين وإندونيسيا

القاهرة تكثف تحركاتها لـ«مقعد» مجلس الأمن.. رغم غياب المنافسين
TT

القاهرة تكثف تحركاتها لـ«مقعد» مجلس الأمن.. رغم غياب المنافسين

القاهرة تكثف تحركاتها لـ«مقعد» مجلس الأمن.. رغم غياب المنافسين

قبيل مغادرته إلى العاصمة السنغافورية أمس في مستهل جولة آسيوية تشمل أيضا الصين وإندونيسيا، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة عددا من المندوبين الدائمين والقائمين بأعمال الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وذلك في إطار المساعي المصرية للترويج لملفها من أجل الحصول على مقعد مجلس الأمن غير الدائم لعام 2016 - 2017، الذي تعمل القاهرة عليه بكل جدية رغم عدم وجود أي منافس منظور لها في هذا المجال.
وتشير دوائر دبلوماسية مصرية وغربية إلى أن حصول مصر على مقعد مجلس الأمن «شبه محسوم، ليس فقط لعدم وجود أي مرشح منافس على المقعد الدوري الذي تستحقه منطقة شمال أفريقيا، ولكن الأكثر أهمية لأن ملف الرؤية المصرية هو الأكثر تكاملا حتى الآن من الناحيتين الأفريقية والإقليمية، ويخدم مصالح الدول المعنية بأكبر قدر ممكن».
وتظهر مصر اهتماما كبيرا بالحصول على مقعد غير دائم بمجلس الأمن في دورته 2016 - 2017، وهو ما يتضح من خلال عمل الخارجية المصرية على الملف، كما تدعمه بقوة الزيارات الرئاسية الناجحة التي يقوم بها الرئيس المصري منذ توليه الرئاسة في يونيو (حزيران) عام 2014، التي شهدت تحقيقا واسعا لمبدأ تعدد وتنوع العلاقات الخارجية بمختلف الأطياف الدولية، بحسب المراقبين.
وغادر القاهرة أمس الرئيس السيسي متجها إلى سنغافورة، في أول زيارة من نوعها لرئيس مصري؛ حيث سيلتقي غدا (الاثنين) الرئيس السنغافوري توني تان، ورئيس الوزراء لي هسين لونغ. وأوضحت مصادر مصرية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن جدول الزيارة يتضمن بحث التعاون الثنائي في عدة مجالات؛ على رأسها مجالات التقنية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإدارة الموانئ، وموارد المياه وتحليتها، وتدريب الكوادر الفنية والتعليمية، إضافة إلى بحث ملف الاستثمارات المشتركة.
وعقب ختام الزيارة، يتوجه الرئيس المصري إلى الصين بعد غد الثلاثاء، حيث يعقد قمة ثنائية مع نظيره الصيني شي جين بينغ، تتناول العلاقات الثنائية وملفات مكافحة الإرهاب والأزمات الإقليمية في الشرق الأوسط. ثم يختتم السيسي جولته الآسيوية بزيارة إندونيسيا يوم الجمعة المقبل، حيث يعقد لقاء قمة مع نظيره الإندونيسي جوكو ويدودو، لبحث مختلف أوجه العلاقات الثنائية.
وتأتي الجولة الآسيوية للرئيس المصري عقب زيارة وصفها المراقبون بـ«الناجحة» إلى روسيا، التي شهدت تفاهما كبيرا بين القاهرة وموسكو على ملفات مهمة على صعيدي العلاقات الثنائية والإقليمية.
ويقول المراقبون إن «جولات الرئيس المصري الخارجية تتسم بصدى كبير من النجاح في توصيل الرؤية المصرية إلى الأجواء الدولية، والسنة الماضية شهدت تحقيق طفرة كبيرة في التوازن في تلك العلاقات، وهو هدف تسعى إليه القاهرة منذ تولى السيسي سدة الحكم، كما أن ذلك التوجه يدعم بقوة المساعي المصرية للحصول على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن خلال العام المقبل».
وعلى هذا الصعيد، عقد بالقاهرة أمس ملتقى ضم عددا من المندوبين الدائمين للدول لدى الأمم المتحدة، وذلك تلبية لدعوة القاهرة في إطار خطة متكاملة لإبراز الأولويات المصرية تجاه القضايا الدولية في مساعيها للحصول على المقعد غير الدائم لمجلس الأمن، والانتخابات المزمع عقدها في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. واستقبل الرئيس المصري عددا من المندوبين، كما التقوا بوزير الخارجية المصري سامح شكري في الإطار ذاته.
وقال السفير الدكتور أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «دعوة المندوبين تأتي في إطار خطة متكاملة تضطلع بها وزارة الخارجية المصرية للترويج لترشيح مصر لعضوية مجلس الأمن، والملتقى يأتي في إطار هذه الخطة التي شملت زيارات وجولات قام بها الوزير شكري في الخارج، ولقاءات عقدها مع المسؤولين في الأمم المتحدة، وتكليفات صدرت لسفاراتنا بالخارج لترويج الملف المصري».
وأوضح الدكتور أبو زيد أن «هدف هذا الملتقى هو شرح رؤية مصر لفترة عضويتها المقبلة، وموقف مصر من قضايا تعدها قضايا ذات أولوية على الساحات الأفريقية والعربية والإقليمية، وذلك على اعتبار أن مصر دولة كبيرة، وحين تدخل مجلس الأمن تدخل بتصور متكامل وبرؤية تسعى لتحقيقها».
وحول عدد الوفود التي لبت الدعوة المصرية، قال الناطق باسم الخارجية: «نتحدث عن وفود تجاوزت 60 دولة، من كبار المسؤولين من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية». أما عن المنافسين المتوقعين لمصر على المقعد، فقال السفير أبو زيد: «لا يوجد منافسون، لأن مصر مرشحة عن شمال أفريقيا، ولا يوجد مرشح آخر»، موضحا أن «هذه المقاعد بالتناوب، هذا العام الدور على شمال وغرب أفريقيا، مصر مرشحة عن الشمال والسنغال عن الغرب، بالتالي لا يوجد منافس على المقعد لمصر، لكن أهمية التحرك المصري تأتي للترويج للأفكار التي تطرحها مصر والأولويات التي تراها».
ويرى دبلوماسيون ومراقبون أن فرصة مصر في الحصول على المقعد كبيرة للغاية، خاصة في ظل علاقاتها الدولية الجيدة على وجه العموم، ومع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على وجه الخصوص.
وقال دبلوماسي مصري بارز لـ«الشرق الأوسط»: «نرى علاقات متميزة مع روسيا والصين وفرنسا برزت واضحة بما لا يحمل مجالا للشك خلال الفترة الأخيرة، كما أن علاقة مصر مع كل من بريطانيا والولايات المتحدة متوازنة للغاية، مما يعني أن التصويت لن يشهد معارضة من أي من القوى الدولية الكبرى ضد الملف المصري.. كما أن علاقة مصر الدولية بأغلب دول العالم سواء العربية أو الأفريقية أو الأوروبية تحظى بمكانة مرموقة، باستثناء تركيا، التي لن يكون لها تأثير كبير على عملية التصويت على مقعد مجلس الأمن».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.