اتهام صحافيين فرنسيين اثنين رسميًا بابتزاز المغرب

طالبا بـ3 ملايين يورو مقابل عدم نشر كتاب عن الملك محمد السادس

مغربي يطالع في جريدة محلية أمس تفاصيل محاولة الابتزاز التي قام بها صحافيان فرنسيان في حق المغرب (أ.ف.ب)
مغربي يطالع في جريدة محلية أمس تفاصيل محاولة الابتزاز التي قام بها صحافيان فرنسيان في حق المغرب (أ.ف.ب)
TT

اتهام صحافيين فرنسيين اثنين رسميًا بابتزاز المغرب

مغربي يطالع في جريدة محلية أمس تفاصيل محاولة الابتزاز التي قام بها صحافيان فرنسيان في حق المغرب (أ.ف.ب)
مغربي يطالع في جريدة محلية أمس تفاصيل محاولة الابتزاز التي قام بها صحافيان فرنسيان في حق المغرب (أ.ف.ب)

وجهت التهمة رسميا الليلة قبل الماضية في باريس إلى صحافيين فرنسيين يشتبه بأنهما حاولا ابتزاز المملكة المغربية، وذلك بعد تخليهما عن تأليف كتاب يتضمن معلومات، يعتقد أنها مسيئة للملك محمد السادس لقاء ثلاثة ملايين يورو.
وأكد مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية توجيه التهمة رسميا إلى إريك لوران وكاترين غراسييه، اللذين كانا يعدان كتابا حول ملك المغرب، يفترض أن يصدر في مطلع العام المقبل بحسب دار النشر «لوسوي». وأطلق سراح الصحافيين المستقلين، اللذين صدرت لهما حتى الآن عدة كتب ولا سيما حول المغرب، بكفالة، مما يحظر عليهما الاتصال بينهما، أو مع أي طرف آخر ضالع في القضية.
وأوقف الصحافيان الخميس لدى خروجهما من لقاء مع ممثل عن المغرب جرى خلاله «تسليم وقبول مبلغ مالي»، وفق مصدر مطلع على الملف. واعترف اريك لوران (68 عاما) بالوقائع، حسبما أكدت ثلاثة مصادر مطلعة على الملف لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، لكن من غير أن تحدد بشكل دقيق فحوى الاعترافات، فيما أقر إريك موتيه، محامي كاترين غراسييه بوجود «صفقة مالية».
وكشف إريك دوبون موريتي، المحامي الذي يمثل المغرب في هذه القضية، أن الصحافي الفرنسي إريك لوران كان قد اتصل بالديوان الملكي في 23 يوليو (تموز) الماضي ليعلن أنه بصدد التحضير لنشر كتاب حول المغرب، بالاشتراك مع الصحافية كاترين غراسييه، لكنه أعرب بالمقابل عن استعداده للتخلي عن ذلك، مقابل تسليمه مبلغ ثلاثة ملايين يورو. وفي 11 من أغسطس (آب) الحالي التقى لوران بممثل عن الديوان الملكي المغربي، وطالب بدفع المبلغ المذكور، مقابل عدم نشر الكتاب لما فيه من معلومات قد تضر بملك المغرب.
وسبق للصحافيين أن ألفا في سنة 2012 كتابا بعنوان «الملك المفترس»، يتحدث عن ثروة الملك محمد السادس. وكان لوران قد ألف في سنة 1993 كتابا في شكل حوار مع العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني بعنوان «ذاكرة ملك»، هي عبارة عن مذكرات ترصد مختلف مراحل حكمه.
وأوضح المحامي موريتي في مقابلة مع إذاعة «إر تي إل» الفرنسية، أوردتها وكالة الأنباء المغربية، أنه بعد اجتماع أولي بينه وبين الصحافي الفرنسي، قررت المملكة المغربية وضع شكوى في الموضوع لدى النائب العام بباريس. وكشف المحامي أن اجتماعا ثانيا عقد مع الصحافي الفرنسي تحت مراقبة الشرطة والنيابة العامة، جرى خلاله تسجيل أقوال لوران وأخذ صور للاجتماع، وخلال الاجتماع الثالث، الذي عقد الخميس تحت مراقبة الشرطة أيضا، جرى تسليم مبالغ مالية للصحافي لوران والصحافية غراسييه، اللذين قبلاها، بل وقعا على عقد، وهو توقيع يؤكد تورطهما واقترافهما للابتزاز.
ووصف المحامي موريتي الملف بأنه «خطير على نحو استثنائي»، مشيرا إلى أنه جرى فتح تحقيق قضائي من طرف النيابة العامة لباريس، ويتولى ثلاثة قضاة تحقيق البحث في هذا الملف. وقال موريتي إنه ينبغي محاكمة الصحافيين الفرنسيين على «أفعالهما البالغة الخطورة»، والتي يمكن أن تكون لها «تداعيات جيوسياسية كبيرة».
وأوضح المحامي أن «هذا الشخص (إريك لوران) الذي يقدم نفسه كصحافي، حاول ممارسة ابتزاز مباشر تجاه رئيس دولة. إنه أمر غير مسبوق.. إنها جرأة حمقاء». وذكر موريتي بأن المغرب «يشكل بانتظام موضوع كتب، بعضها ألفه إريك لوران، لا تخفى مقاربتها المفرطة في السوداوية». كما تساءل المحامي عن دوافع هذا الابتزاز بقوله «هل هو الجشع؟ ألم يتم توظيف هذا الرجل وهذه المرأة من قبل جماعة ما؟»، متحدثا بشكل خاص عن قضية الإرهاب.
وكان جيل بيرو قد أصدر في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي، كتاب «صديقنا الملك»، الذي يرصد 30 سنة من حكم الملك الراحل الحسن الثاني.
وتعليقا على هذا الحادث، قال عبد الله البقالي، رئيس نقابة الصحافيين المغاربة لـ«الشرق الأوسط» إن المؤشرات المتوفرة تفيد بأن اعتقال الصحافيين الفرنسيين جرى في حالة تلبس، وهما يتسلمان مبلغا ماليا، بالإضافة إلى توقيعهما على عقد يلتزمان فيه بعدم نشر الكتاب، كما أن السلطات الأمنية قامت بتصوير اللقاء، لذلك، يضيف البقالي: «يصعب تصديق ما قاله دفاع المتهمين من أن الملف مفبرك».
وألف لوران الكثير من الكتب الاستقصائية، وكان من المرتقب أن يصدر كتابه الجديد «المصارف تحصل على المليارات ونحن نحصل على الأزمات»، في التاسع من سبتمبر (أيلول) المقبل، كما صدر له كتاب «الجانب الخفي للنفط» عن دار بلون عام 2006، و«الجانب الخفي للمصارف» و«بوش وإيران والقنبلة». أما غراسييه، فقد أصدرت عام 2013 كتابا بعنوان «ساركوزي القذافي.. التاريخ السري للخيانة»، يؤكد فيه مسؤول ليبي سابق اتهامات بشأن تمويل القذافي لحملة نيكولا ساركوزي الرئاسية.
وتأتي هذه القضية في وقت تشهد فيه العلاقات بين المغرب وفرنسا تقاربا بعد خلاف استمر عاما كاملا، بسبب مسألة قضائية بعد فتح تحقيق فرنسي حول اتهامات تعذيب، وجهت إلى رئيس أجهزة مكافحة التجسس المغربية عبد اللطيف حموشي.
وخصصت معظم الصحف المغربية صفحاتها الأولى أمس لـ«عملية الابتزاز» هذه، إذ رأت صحيفة «لوماتان» المقربة من الديوان الملكي أن القضية قد تكون «مقدمة لجدل حول موضوعية الصحافة الدولية وصدقها»، وهي تتهم بانتظام بتبني مواقف سلبية تجاه الملك والإسراف في انتقاده. فيما وصفت صحيفة «الحدث» المستقلة في افتتاحيتها الصحافيين بأنهما «منحرفان»، ورأت أن القضية لا «تبرر الارتياب بالصحافة الفرنسية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.