لى خطى حملة «تمرد» التي كانت الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، وأطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي بعد عام من توليه السلطة، تشكلت حملة «لا للأحزاب الدينية»، والتي تطالب بحل جميع الأحزاب الدينية في مصر وفي مقدمتها «النور»، و«البناء والتنمية» حزب «الجماعة الإسلامية»، و12 حزبا آخر.
وبينما قال مدير الحملة، محمد الحوتي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هدفنا عدم تكرار تجربة حزب الإخوان الذي استحوذ على أغلبية مقاعد آخر برلمان»، مضيفا: «قاربنا على جمع مليون توقيع لرفض الأحزاب الدينية، ونهدف الوصول إلى 25 مليون توقيع»، أكدت مصادر مسؤولة في الأزهر، أن «المشيخة موقفها ثابت وهو عدم إقحام الدين في السياسة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»، أنها «مع فكرة عدم وجود أحزاب ذات صبغة دينية وفقا لما يقره الدستور المصري».
من جهته، قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، الدكتور محيي الدين عفيفي في تصريحات له، إنه «لا يصح إقامة حزب على أساس ديني يستقطب الجمهور ويلعب على وتر العاطفة الدينية لدى المصريين ولا يعتمد على برامج وأفكار»، وتابع بقوله: «تكفينا تجارب الأحزاب الدينية الفاشلة من الحرية والعدالة والنور التي أساءت للدين في الفترات السابقة».
وأثارت الحملة الوليدة جدلا داخل أحزاب تيار «الإسلام السياسي»، وأبدت مصادر داخل عدد من الأحزاب الدينية تخوفها من مصير «حزب الإخوان» الذي جرى حله مؤخرا. لكن محمد صلاح، المتحدث الإعلامي باسم حزب النور، قال إن حزبه «وضعه القانوني والدستوري سليم ولا تشغله تلك الدعاوى لحل حزبه».
وتأسست الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، والتي أنهت ثلاثة عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتشكلت معظم «الأحزاب الإسلامية» بموجب قانون الأحزاب الذي عدل منتصف عام 2011. ولا توجد إحصائيات محددة لعدد هذه الأحزاب لأن أغلبها تحت التأسيس؛ لكن أشهرها «النور، والأصالة، والوطن، والفضيلة، والإصلاح، والنهضة، والراية»، بجانب «مصر القوية، والعمل الجديد، والوسط، والثورة المصرية، والحضارة، والتوحيد العربي، والبناء والتنمية (ذراع الجماعة الإسلامية)، والحزب الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الجهاد)».. وهناك أحزاب صوفية. ويقول مراقبون إن «تلك الأحزاب استغلت نزعة المصريين الدينية واكتسبت شعبية كبيرة خلال حكم (الإخوان) لخدمة مصالحها السياسية».
وأعلنت الحملة الشعبية «لا للأحزاب الدينية» أنها تقدمت بالتماس للجنة شؤون الأحزاب لنظر المذكرات المقدمة لحل الأحزاب الدينية. وقال الحوتي إن «لجنة شؤون الأحزاب لم ترد على المذكرات، وإنه حال استمرار تجاهل مطلب الحملة فسيتم رفع دعوى قضائية مباشرة».
ولجنة شؤون الأحزاب هي المنوط بها دستوريا حق تحريك دعوى قضائية أمام مجلس الدولة لحل الأحزاب. وقضت المحكمة الإدارية العليا في يوليو (تموز) الماضي برفض حل حزب النور وتجميد نشاطه، وقال محمد الحوتي، إن «جميع القضايا التي تم رفعها لحل النور رفضت من حيث الشكل وليس المضمون، بسبب أن من تقدموا بها ليسوا ذوي صفة أو تقدموا بها لمحكمة غير مختصة، بينما يشترط القانون أن تقوم لجنة الأحزاب بنفسها بتحريك الدعوى لحل أي حزب».
وأضاف الحوتي «لدينا إلى الآن في الحملة 1430 متطوعا في المحافظات، وجمعنا في أسبوع واحد 580 ألف استمارة، ونوشك خلال يومين على تكملة المليون استمارة، فضلا عن جمع توقيعات المصريين بالخارج»، قائلا: «سوف نعمل على جمع 25 مليون استمارة تأييد لحل هذه الأحزاب (وهو العدد الذي صوت على دستور يناير عام 2014)، لتقديمها إلى لجنة شؤون الأحزاب».
وتؤكد قيادات مسؤولة داخل أحزاب تيار الإسلام السياسي أنها «لم تؤسس على أساس ديني، وإنما هي أحزاب مدنية لها تطلعات سياسية ومجتمعية؛ ولا تنص في لائحتها الداخلية على أنها مؤسسة على مرجعية دينية». لكن السلطات المصرية تنظر إليها على أنها أحزاب تستغل الدين لأغراض حزبية وانتخابية. وتنص المادة 74 من دستور البلاد على أنه «لا يجوز تكوين الأحزاب السياسية أو مباشرتها لأي نشاط على أساس ديني».
كما ينص الدستور في مادة حل الأحزاب القائمة على أساس ديني، على أنها «تطبق على الأحزاب التي يكون في برنامجها أو ممارساتها ما يقول إنها تمثل الدين، أو تستخدم الشعارات الدينية في الانتخابات أو الاستفتاءات، أو أن تستند في تعاملاتها مع الشارع إلى أساس ديني».
وشارك حزب النور في صياغة خارطة المستقبل المصرية، عقب عزل مرسي في 3 يوليو من العام قبل الماضي الماضي. وأكد الحوتي، مدير الحملة، أن حملته «ليس لها خلاف مع (النور)؛ لكن الخلاف في الفكر»، لافتا إلى أن «(النور) أعلن عن بعض التنازلات خلال الفترة الماضية ومنها أنه يحترم السلام الوطني، الذي اعتبر نوابه في برلمان (الإخوان) أن الوقوف له حرام شرعا».
وحل النور ثانيا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أواخر عام 2011. ويسعي للمشاركة بنسبة متوازنة في البرلمان المقبل قدرها بنحو 20 في المائة، وهي تقارب النسبة التي حصل عليها في آخر انتخابات برلمانية، بحسب القيادي بالنور.
في السياق ذاته، دخل الأزهر على خطى مطالبات حل الأحزاب الدينية، وبينما «تؤكد مصادر في المشيخة أن «الأزهر يرفض خلط الدين بالسياسة»، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، في تصريحات له: «عانينا معاناة شديدة وما زلنا نعاني من توظيف الدين لأغراض حزبية وانتخابية، لأن بعض الأحزاب السياسية لا تزال تتخذ من بعض الجمعيات الدينية أجنحة دعائية لها، تخدم أهدافها السياسية».
بينما قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أحد ممثلي الأزهر في لجنة الخمسين التي عدلت دستور عام 2012، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعض الأحزاب تجهر بممارساتها السياسية على أساس ديني وتحتمي بالدين»، لافتا إلى أنه «من المفروض حل الأحزاب القائمة التي تعمل على أساس ديني».
حملة جديدة على خطى «تمرد» تطالب بحل «الأحزاب الإسلامية» في مصر
تستهدف 14 حزبًا في مقدمتها «النور» و«البناء والتنمية» و«الوطن»
حملة جديدة على خطى «تمرد» تطالب بحل «الأحزاب الإسلامية» في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة