كلينتون تواجه مشكلة مساعدتها هوما عابدين

جلسات تحقيق حول «تناقضات وتضارب» الوظائف التي شغلتها

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة الرئاسية مع مساعدتها هوما عابدين (غيتي)
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة الرئاسية مع مساعدتها هوما عابدين (غيتي)
TT

كلينتون تواجه مشكلة مساعدتها هوما عابدين

هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة الرئاسية مع مساعدتها هوما عابدين (غيتي)
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة والمرشحة الرئاسية مع مساعدتها هوما عابدين (غيتي)

بالإضافة إلى زيادة تعقيدات فضيحة التساهل في وثائق الخارجية الأميركية عندما كانت وزيرة للخارجية، وزيادة الانخفاض في شعبيتها، وتوقع أن ينافسها نائب الرئيس جو بايدن، أعلن قادة جمهوريون في الكونغرس أنهم سيحققون مع مساعدة هيلاري كلينتون، هوما عابدين، الهندية الباكستانية المسلمة.
أمس، قال السيناتور شارلز غراسلي (جمهوري، ولاية أيوا) إنه سيعقد جلسات تحقيق حول «تناقضات وتضاربات» في الوظائف التي شغلتها عابدين. وأشار إلى أن عابدين، عندما كانت مساعدة كلينتون في وزارة الخارجية، عملت، أيضا، في مؤسسة كلينتون الخيرية، وأيضا، في شركة «تنيو» للاستشارات السياسية والاقتصادية، ويملكها عدد من المستشارين السابقين للرئيس كلينتون عندما كان في البيت الأبيض. وحسب وثائق قدمها السيناتور غراسلي لصحيفة «واشنطن بوست»، كانت عابدين تشارك في «عمل رسمي في وزارة الخارجية»، وفي نفس الوقت، في «نشاطات خاصة خارج وزارة الخارجية». قبل عامين، بدأ غراسلي الاهتمام بموضوع عابدين. وفي ذلك الوقت، أرسل لها خطابا عن «تناقضات وتضارب» في وظائفها. وردت عليه بأن عملها مع شركة «تنيو» لا صلة له بعملها في الخارجية. وأن الخارجية منحتها «استثناء خاصا» لتعمل داخل وخارج الوزارة. أمس، قال غراسلي إن قانون الاستثناءات، الذي صدر عام 1962. يركز على أصحاب المؤهلات العلمية، وليس على مساعدين أو سياسيين. وقال إن كلينتون، عندما كانت وزيرة للخارجية، منحت عابدين هذا الاستثناء. وإن هذا «يدل على مزيد من تصرفات غير لائقة، إن لم تكن غير قانونية، خلال فترة وزيرة الخارجية كلينتون».
ويبدو أن السيدة عابدين، التي تترد مزاعم بانتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تعمل مع وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، منذ 16 عامًا، ستظل مصدر إزعاج لوقت طويل بالنسبة لكلينتون التي تدير حملة انتخابية طموحة للوصول إلى البيت الأبيض على بطاقة الحزب الديمقراطي. وتواجه عابدين، مزيدًا من الأسئلة حول نشاطاتها أثناء عملها في وزارة الخارجية الأميركية كمديرة لمكتب كلينتون، وهو ما يمكن أن يسبب - وفقا لشبكة فوكس نيوز الأميركية - إشكاليات محتملة للحملة الانتخابية للوزيرة السابقة.
وأفادت الشبكة الأميركية، أن قاضيًا فيدراليًا أصدر أمرًا إلى وزارة الخارجية يطالبها بإلزام كلينتون وعابدين ومساعدة ثانية، بتأكيد أنهن سلمن كافة سجلات البريد الإلكتروني بحوزتهن، وأن يصفن كيف كن يستخدمن حساب البريد الإلكتروني الشخصي لكلينتون لإجراء أعمال رسمية.
وقالت الشبكة الأميركية، إن الثلاث كان أمامهن حتى يوم الجمعة الماضية لتقديم كافة المعلومات «تحت طائلة المسؤولية». وتواجه كلينتون بالفعل مشكلات بسبب استخدامها حسابات بريد إلكتروني شخصية أثناء وجودها على رأس الدبلوماسية الأميركية خلال الفترة من 2009 إلى 2013.
وسلمت الوزيرة السابقة ما يزيد على 55 ألف صفحة من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة لكنها حذفت الرسائل التي تبدو شخصية، مما أثار شكوكًا بشأن مصداقيتها، وفقا لاستطلاعات للرأي أجريت مؤخرًا.
وكانت المرشحة الجمهورية السابقة للرئاسة ميشيل باكمان قالت، إن «والد السيدة عابدين الراحل ووالدتها وأخاها لهم صلات وثيقة بقيادات ومنظمات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وموقعها بالقرب من وزيرة الخارجية كلينتون يخولها الاطلاع عن قرب على عملية صنع القرار في واشنطن»، ورغم انتقاد عدد من أعضاء الكونغرس هذه التصريحات فإن باكمان أصرت على مزاعمها.
وولدت هوما في كالامازو (ولاية ميشيغان) عام 1975 (عمرها الآن أربعون عاما) من أب هندي مسلم، سيد زين العابدين، وأم باكستانية مسلمة، صليحة محمود. حصل كل من الوالدين على دكتوراه في جامعات أميركية. ثم عملا أستاذين في العلوم الإسلامية والاجتماعية في جامعات أميركية. ثم انتقلا، مع هوما، إلى السعودية، حيث قضت هوما عشر سنوات. وعندما بلغ عمرها 18 عاما، جاءت إلى الولايات المتحدة، والتحقت بجامعة جورج واشنطن (واشنطن العاصمة). بعد أن تخرجت، عملت متدربة في البيت الأبيض خلال عهد الرئيس بيل كلينتون. وبعد أن ترك كلينتون وزوجته هيلاري البيت الأبيض، ساعدتهما في تأسيس مؤسسة كلينتون الخيرية. ثم عملت مساعدة للسيناتور هيلاري كلينتون. ثم في حملتها الانتخابية عام 2008. في ذلك العام، عندما اختار الرئيس باراك أوباما كلينتون وزيرة للخارجية، عملت عابدين مساعدة لها. وفي الوقت الحاضر، تعمل عابدين مستشارة في حملة كلينتون الانتخابية. في أبريل (نيسان) الماضي، عندما أعلنت كلينتون ترشيحها لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي، تحدث عابدين للصحافيين، في واحدة من مرات قليلة. وأشادت بتجارب كلينتون، ومن دون أن تشير إلى عمر كلينتون الذي امتد على مسافة ثلاثة أجيال (67 عاما)، خوفا من انتقادات بأن كلينتون كبرت على رئاسة الجمهورية. وركزت عابدين على إنجازات كلينتون، سواء العائلية، أو السياسية، أو الاجتماعية. وركزت خاصة على إنجازاتها في السياسة الخارجية. وقالت إنها أول مرشحة في تاريخ أميركا الحديث، جمعت خبرات كثيرة عن السياسة الخارجية الأميركية.
في ذلك الوقت، قدم تلفزيون «سي إن إن» برنامجا عن الذين وراء كلينتون، وفيه إشارات إلى عابدين. وإلى أنها وراء شريط فيديو نشر يوم إعلان ترشيح كلينتون. وهو عن حياة كلينتون، وعن تجاربها. وتظهر فيه كلينتون، وهي تمسك كوب قهوة مصنوعا من الورق المقوى، وتتحدث مع أميركيين كبار في السن، وتجلس معهم حول طاولة بسيطة، في مقهى ريفي بسيط. وفي مناظر أخرى، تظهر كلينتون وهي تتحدث مع أميركيين عاديين، في منازلهم وحدائقهم.
وحسب «سي إن إن»، اشتركت عابدين في تقديم «صورة شعبية» لكلينتون، ستركز عليها حملة كلينتون الانتخابية، خاصة بسبب أخبار وتعليقات بأن كلينتون تتعالى على عامة الأميركيين.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.