المصريون يرفعون شعار «بلاها لحمة».. والصحف تنوه ببدائل البروتين

مقاطعة اللحوم الحمراء بعد تخطيها المائة جنيه

جابر القرموطي مذيع برنامج «مانشيت» شارك في الحملة
جابر القرموطي مذيع برنامج «مانشيت» شارك في الحملة
TT

المصريون يرفعون شعار «بلاها لحمة».. والصحف تنوه ببدائل البروتين

جابر القرموطي مذيع برنامج «مانشيت» شارك في الحملة
جابر القرموطي مذيع برنامج «مانشيت» شارك في الحملة

«قاطع اللحوم دعمًا للغلابة» بهذا الشعار أعلن المصريون حربًا ضروسًا ضد غلاء أسعار اللحوم الحمراء، بحملة بدأت، السبت الماضي، على موقع «فيسبوك» تحت شعار «بلاها لحمة»، وهي تشجع الأسر المصرية على الاستغناء عن اللحوم والاستعاضة عنها بالبدائل الغذائية الأخرى لمدة 20 يومًا، حتى يضطر الجزارون إلى خفض سعرها.
جاءت الحملة في أعقاب ارتفاع سعر الكيلوغرام من اللحم إلى 180 جنيهًا في المناطق الراقية، و110 جنيهات في المناطق والأحياء المتوسطة، بينما في الأحياء الشعبية وصلت إلى 85 جنيهًا. وهي تأتي في أعقاب موجة كبيرة من الاحتجاجات سادت بين طبقات المواطنين المصريين قبل شهر مضى حول ارتفاع سعر «البامية» ووصولها إلى 20 جنيهًا للكيلوغرام.
وتلقى حملة «بلاها لحمة» قبولاً واسعًا لدى شرائح اجتماعية مختلفة من المصريين، ولا يكاد شارع مصري يخلو من الحديث عن أزمة اللحوم، حيث أصبحت اللحوم «حديث الساعة» في المتاجر ووسائل المواصلات والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة. وأعلن مؤسس الحملة على «فيسبوك» شريف الصيرفي: «اللحمة هنا مجرد رمز.. للفساد وللمحسوبية.. رمز لعدم تكافؤ الفرص، رمز للفساد الذي أكل أموال الشعب، رمز للتعليم الفاشل.. رمز للإرهاب الذي يأكل شباب البلد.. نحن (الغلابة) لا نستطيع أكل اللحم يا حكومة.. (شير ولايك) دعما للغلابة».
لم تكن تلك الحملة الأولى التي يدشنها الصيرفي على «فيسبوك»، وإنما هي الثالثة؛ فهو يعد من النشطاء السياسيين الشباب حيث دشن من قبل صفحة «البلاك بلوك»، وصفحة لدعم الجيش المصري ضد «الإخوان»، ويضيف الصيرفي: «منذ زمن بعيد و(اللحمة) تمثل فارقا رمزيا بين الطبقات الاجتماعية في مصر، ولكن آن الأوان أن يتوقف هذا التمييز ولا بد من تطبيق العدالة الاجتماعية، ويجب على الحكومة أن تدعم الأعلاف التي تتغذى عليها اللحوم حتى لا يحصل عليها التجار والجزارون بسعر مرتفع يرهق المواطن»، وأكد: «الحملة لا تهاجم الجزارين، نحن نعلم جيدا أن الجزارين مظلومون، وهم يحصلون على اللحوم بسعر عالٍ من المورد».
وأعلنت الحملة على صفحتها أن لها منسقين في مختلف المحافظات المصرية، وحاليا يتم تنظيم اجتماعات لبحث الخطوات التصعيدية المقبلة.
وبدأت وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية المصرية في الحديث عن بدائل البروتين لتشجيع المواطنين على مقاطعة اللحوم، وضجت البرامج الحوارية المسائية باستهجان المواطنين من الارتفاع الجنوني للأسعار، حتى إن الإعلامي جابر القرموطي، مذيع برنامج «مانشيت» على قناة «أون تي في» خرج في إحدى الحلقات مرتديا زي الجزارين وممسكا بـ«فخذة لحم» معترضا على استغلال المواطنين وضياع فرحتهم بالعيد، كما أعلنت الفنانة الاستعراضية شريهان دعمها للحملة وانضمامها إليها عبر حسابها الشخصي على موقع «تويتر»، كما أعلن عدد كبير من الإعلاميين المصريين تضامنهم مع الحملة.
وأدت الحملة لإضراب بعض الجزارين وإغلاق محالهم اعتراضا على الخسائر التي تسببت فيها الحملة، خصوصا في ظل ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف وتعرض اللحوم للتلف بشكل سريع.
من جانبه، طالب محمد وهبة، رئيس شعبة الجزارين، المواطنين بعدم توجيه الحملة ضد الجزارين فقط، بل بتصعيد الحملة لمطالبة الدولة بالتحرك، وناشد الحكومة تنمية الثروة الحيوانية وعدم اللجوء للاستيراد الذي يكلف الدولة والمواطنين مبالغ كبيرة.
في حين أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري د. خالد حنفي، في مؤتمر صحافي بمجلس الوزراء المصري، عن تواصله مع منظمي الحملة، وأنه سيتم التعاقد على 75 ألف رأس ماشية من السودان بجانب 30 ألف رأس، إضافة إلى التعاقد على 10 آلاف من الأغنام، وكذلك التعاقد على لحوم مبردة من جنوب أفريقيا وإيطاليا لمواجهة أي غلاء في الأسعار وزيادة المنتجات في الأسواق ومنع أي احتكار.
وأكد أنه سيتم زيادة معدلات ضخ منتجات اللحوم في الأسواق بشكل مستمر حتى حلول عيد الأضحى المبارك، بهدف توفير اللحوم للمواطنين وزيادة الكميات المطروحة لمنع غلاء الأسعار، على أن يبدأ سعر الكيلوغرام بسعر 40 جنيها للحوم السودانية و45 جنيها للضاني.
ورغم أن الدولة توفر نظاما لدعم السلع التموينية المختلفة التي تغطي احتياجات البيت المصري بداية من الخبز وحتى السكر والزيت والطحين والبقوليات، فإن ارتفاع مستوى المعيشة بشكل متواتر يثقل كاهل الأسر المصرية.«طبعا سنقاطع إلى أن تصل إلى 50 جنيهًا» بهذه الجملة قال أحمد عبد الهادي، موظف متقاعد، متحديا: «خليها عندهم لحد ما تبوظ، احنا حناكل طيور وأسماك، مش كفاية إننا راضين باللحمة اللي ملهاش طعم ولا ريحة كمان يبقى الكيلو يساوي ربع المعاش، طيب واللي عنده أولاد في مدارس يعمل ايه؟ يشحت بيهم؟».
وفضلا عن موسم شراء مستلزمات عيد الأضحى، فإن غلاء أسعار اللحوم المبالغ فيه يأتي أيضًا قبيل موسم الدراسة الذي من المقرر أن يبدأ بعد عيد الضحى مباشرة، ووسط استهجان كبير من المواطنين الذين تكبلهم فعليا الأسعار الجنونية للمدارس الخاصة في مصر، فضلا عن تكاليف التعليم غير الرسمي من دروس خصوصية وحصص في المعاهد التعليمية.
وأرجع سامي سويلم، موظف حكومي، ارتفاع الأسعار إلى جشع التجار واستغلالهم لموسم عيد الأضحى، قائلا: «كل سنة ترتفع أسعار اللحوم، لكن هذه السنة ارتفعت مبكرا وبشكل مبالغ فيه، قبل ثورة يناير، كان سعر الكيلوغرام لا يتعدى 50 جنيها، والآن وبعد ثورتين وشعارات العدالة الاجتماعية لن يتمكن المصري من الطبقة المتوسطة العليا من شراء كيلوغرام واحد من اللحوم، للأسف لا توجد لدينا بدائل سوى المقاطعة والترحم على الزمن الجميل حينما كانت اللحوم تابع بالرطل والوقّة وبقروش قليلة».
وبخفة ظل مصرية قالت سامية سعد الله، ربة منزل: «يعني إحنا أسقطنا رئيسين وعملنا ثورتين مش حنعرف نسقط الجزارين ونخرب بيتهم، ده احنا لسه مفوقناش من غلو البامية والفاكهة.. كده كتير.. عادة أنا بشتريها بالشهر وعلى كده عايزه لي ثروة عشان اشتري للشهر اللي جاي والعيد».
أما السيدة ماجي رمزي، موظفة بشركة أوراق مالية، أضافت: «الأسعار فاقت الحدود ولا توجد أسرة مصرية تتحمل هذا الغلاء المبالغ فيه، لا أعلم السبب في غلاء أسعار الأطعمة والفواكه والخضراوات واللحوم رغم أننا دولة غنية بكل هذا، أقمت لفترة في إيطاليا وفي اليونان ولم أجد غلاء في أسعار الطعام مثل الذي نعيشه في مصر، لذا قررت أنا وصديقاتي الانضمام للمقاطعة تضامنا مع الطبقات غير ميسورة الحال لأننا في النهاية نعيش في وطن واحد، وربنا يكون في عون الغلابة».
وكانت غرفة التجارة بالقاهرة قد أعلنت في تقرير صدر قبل عدة أيام أن أسعار لحوم الأضاحي حققت ارتفاعًا يتجاوز 25 في المائة منذ عام 2011 حتى الآن. وأن الأسعار ارتفعت من 22 جنيهًا للكيلوغرام الحي في موسم عيد الأضحى عام 2011، إلى نحو 32 جنيهًا للكيلوغرام الحي في موسم العيد العام الحالي. وأفاد التقرير بأن أسعار العجالي (الجاموسي) ارتفعت من مستوى 24 جنيهًا للكيلوغرام القائم الحي إلى مستوى 27 جنيهًا، فيما ارتفعت أسعار العجالي البقري من 24 إلى 28 جنيهًا للكيلوغرام القائم الحي، وارتفع سعر كيلو الخراف القائم الحي من 25 إلى 35 جنيهًا، وارتفع سعر الجملي الصغير من 25 إلى 35 جنيهًا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».