«شاي الفقاعات».. مشروب جديد يجتاح بريطانيا

يصل هذا العام إلى أسواق الشرق الأوسط

أحد فروع «بابلولوجي» في سوهو لندن
أحد فروع «بابلولوجي» في سوهو لندن
TT

«شاي الفقاعات».. مشروب جديد يجتاح بريطانيا

أحد فروع «بابلولوجي» في سوهو لندن
أحد فروع «بابلولوجي» في سوهو لندن

مثلما انتشرت مقاهي «ستاربكس» في أنحاء العالم لبيع القهوة بأنواعها، يحاول رجل أعمال بريطاني أن يكرر النجاح مع مشروب الشاي المفضل في العالم ولكن بنكهات جديدة. المشروب الجديد هو شاي بطعم الفواكه المختلفة مع كرات من التابيوكا، وهي مواد نشوية بالسكر، تشبه الفقاعات في المشروب. ولذلك يطلق أحيانا على المشروب اسم «شاي الفقاعات».

* قصة الشراب
بداية هذا النوع من الشاي كانت في تايوان، حيث كانت محلات الشاي تتنافس في تقديم أنواع جديدة للعمال حتى بدأ بعضها في تقديم مذاقات جديدة بطعم الفواكه. وسرعان ما انتشرت الصرعة الجديدة وانتقلت من تايوان إلى نيويورك. وفي الثمانينات كان هناك نحو ثمانية آلاف مقهى لهذه الأنواع من الشاي في تايوان وحدها.
والتقط الفكرة رجل الأعمال البريطاني أسعد خان الذي كان يعمل مصرفيا استثماريا في نيويورك ونقل الفكرة إلى لندن، وافتتح أول فرع له في منطقة سوهو في قلب لندن، وأطلق عليه اسم «بابلولجي» (Bubbleology) بقرض مصرفي قدره 175 ألف إسترليني، وذلك في عام 2011. وسرعان ما توسعت الفكرة وافتتحت الشركة فروعا لها ضمن محلات هارفي نيكولز في نايتسبردج، ثم في نوتنغ هيل غيت. وتبيع هذه المقاهي 23 نوعا مختلفا من أنواع الشاي المفعم بطعم الفواكه وحبات التابيوكا.
والآن تعتبر الشركة أكبر مصدر لأنواع الشاي بالفواكه، وتنتشر عملياتها في مناطق ساوث كنسنغتون ومحلات توب شوب في شارع أكسفورد. ومؤخرا، افتتحت الشركة فرعا في شمال لندن في منطقة «انجيل»، كما افتتحت عدة فروع في مدن بريطانية أخرى مثل ليدز وشيفيلد.
كما توسعت في العام الأخير عمليات أوروبية شملت فتح فروع في سويسرا والجمهورية التشيكية وبولندا والجمهورية السلوفاكية وروسيا. وفي منطقة الخليج فتحت الشركة فروعا في الإمارات والكويت. وتعمل الشركة حاليا من خلال 45 فرعا في أنحاء العالم. وهي توفر فرص «فرانشايز» للشركات المهتمة بفتح فروع جديدة في بلدانها.
ويتوقع رجل الأعمال خان أن يتوسع هذا العام في أنحاء أوروبا والشرق الأوسط، وأن يتوجه في العام المقبل إلى أسواق أميركا اللاتينية. وهو يطمح في أن يكرر قصة نجاح ستاربكس التي حققتها مع مشروب القهوة. وهو يقول إن المشروب، الذي يعرف باسم «بابل تي»، مشهور في مواقع كثيرة من العالم لكن أسواقه مفتتة. ويضيف أن المشروع بدأ يلفت أنظار المستثمرين الكبار خصوصا بعد أن وصل حجم المبيعات في العام الأخير إلى 4.5 مليون إسترليني (6.75 مليون دولار).
وقد يجد البعض تجربة هذا المشروب المثلج الذي يحتوي على كرات سوداء في أسفله غريبة بعض الشيء، ولكن من خاضوا التجربة يؤكدون أنه بعد التجربة الأولى سوف يصبح الإقبال على هذا المشروب شيئا عاديا ومفضلا عن المشروبات الأخرى. وهو يحتوي على مكونات طبيعية بلا إضافات ولا سكر، ويتمتع بطعم منعش طيب.
ولا يشير الاسم «بابل تي» (Bubble Tea) إلى كرات التابيوكا في قاع الكوب، وإنما إلى الرغوة على سطح الكوب التي تتكون عند صب الشاي. وتقول شركة «بابلولجي» إنها يمكن أن توفر مشروبات الشاي بالفواكه إلى المناسبات والحفلات في لندن.
كما توفر لزبائنها إمكانية مزج أنواع الفواكه بالأسلوب الذي يروق لهم لابتكار مذاقات جديدة. ويمكن تقديم هذه الأنواع الجديدة من الشاي ساخنة أو باردة. وتتيح الشركة فرصة استئجار غرف خاصة للحفلات في فرعها في نوتنغ هيل غيت غرب لندن. ويوفر الفرع أيضا توصيل 25 نوعا مختلفا من الشاي بالفواكه إلى المنازل. كما يمكنها الحضور للحفلات الخاصة لتقديم أنواع الشاي.
ويعرض موقع «تريب أدفايزر» تعليقات أكثر من مائة من زبائن «بايلولجي» تراوحت بين الامتياز من ثلث المشاركين إلى الرفض التام من ثمانية زبائن. وقال أحدهم إنه وجد التجربة غريبة بعض الشيء لكنه على استعداد لتكرارها مرة أخرى. وشبه التجربة بوجوده في معمل للتذوق.
وقال آخر إنه يعترض على التعليقات السيئة الخاصة بهذه الأنواع من الشاي والتي يبدو أنها جاءت من أشخاص لا يحبون أي نوع من أنواع الشاي. وهو يسأل لماذا ذهب هؤلاء لتناول مشروب هم لا يفضلونه أصلا! وفيما اعترض البعض على الأسعار الباهظة، اعتبر البعض الآخر أن هذه المشروبات مخصصة للسياح وأنها صرعة سرعان ما تتغير.
ومما يذكر أن موجة الإقبال على شاي الفواكه بدأت في تايوان وانتشرت منها أولا إلى دول آسيوية مجاورة مثل سنغافورة وماليزيا وهونغ كونغ. لكنها الآن انتقلت إلى الغرب وكادت تندثر في الشرق.
ويقول بعض من خاضوا التجربة في موقع سوهو في لندن إنه كان مزدحما ظهر يوم سبت قبل عدة أسابيع، وإن تحضير المشروبات استغرق الكثير من الوقت. ولاحظ الزبائن أن عمال المقهى الثلاثة كانوا يتخبطون ويعترضون بعضهم البعض عند تحضير المشروبات من مكونات مختلفة. كما لاحظ البعض وجود مدير للمقهى يرتدي بدلة ويراقب ما يجري من دون أن يحاول مساعدة الموظفين في تحضير المشروبات أو تنظيم أنفسهم.
وعبر بعض الآسيويين من السياح في لندن عن خيبة أملهم في تجربة شاي الفواكه في لندن. وقال بعضهم إن التجربة كانت سيئة على أكثر من صعيد، فالأسعار باهظة بالمقارنة مع الدول الآسيوية، والطعم مختلف ويبدو غير أصلي خصوصا أن بعض المكونات يتم استخدامها من مساحيق وليس من مكونات أصلية.
ولكن هذا لا يخفي الإعجاب الكبير من الشباب والإقبال الشديد الذي يجعل هذه المقاهي مزدحمة بالرواد معظم الوقت. ويكتب الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي تجاربهم في الحصول على مشروباتهم المفضلة، وينصحون بعضهم البعض بتناول أنواع جديدة من الشاي بطعم الفانيليا أو الفراولة.



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».