مباحثات سودانية ـ أميركية حول العقوبات وقائمة الدول الراعية للإرهاب

سيناريوهات مشابهة لاتفاق جوبا بانتظار الخرطوم لإرغامها على إنهاء النزاع

مباحثات سودانية ـ أميركية حول العقوبات وقائمة الدول الراعية للإرهاب
TT

مباحثات سودانية ـ أميركية حول العقوبات وقائمة الدول الراعية للإرهاب

مباحثات سودانية ـ أميركية حول العقوبات وقائمة الدول الراعية للإرهاب

بدأت في الخرطوم مباحثات ومساومات أميركية - سودانية على العقوبات وقائمة الدول الراعية للإرهاب، مع أكبر وأرفع وفد أميركي يزور البلاد منذ وقت طويل، يقوده السفير دونالد بوث، مبعوث الرئيس باراك أوباما الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان.
ورغم أن الخرطوم وواشنطن لم تكشفا فحوى المباحثات الجارية، حيث اكتفت الأولى بالإعلان عن وصول وفد بوث، بعد أن كانت قد رفضت التعامل معه ومنحه تأشيرة دخول للبلاد، مثلما لم تكشفا أسرار زيارة وزير الخارجية إبراهيم غندور إلى الولايات المتحدة إبان فترة عمله مساعدا للرئيس البشير، ونائبا له في الحزب الحاكم، فإن صحيفة سودانية نقلت عن ألبرتو فرنانديز، القائم بالأعمال الأميركي السابق في الخرطوم، قوله صراحة إن استمرار العقوبات الأميركية، ووجود الخرطوم ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، مرهونان بـ«أسباب سودانية داخلية»، وهو ما يكشف عن طبيعة المباحثات الجارية منذ ثلاثة أيام بتكتم شديد في العاصمة السودانية.
في غضون ذلك، يرى عدد من المراقبين والمحللين السياسيين أن ما حدث في جوبا، وعلمية لي الذراع التي مارسها المجتمع الدولي على رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، بإجباره على توقيع اتفاقية سلام يرفض الكثير من بنودها غير القابلة للتعديل، وانحنائه للضغوط الدولية والإقليمية العنيفة، يشبه إلى حد كبير الوضع في السودان، لأنه يعاني هو الآخر حروبا أهلية، جهد المجتمع الدولي والإقليمي في الوصول إلى حلول سلمية لتجاوزها، لكنه واجه باستمرار دروبا مسدودة، وهو ما قد يضطره لسلك السلاح نفسه لمعالجة أزمة الخرطوم.
وحسب بعض المراقبين، فإن تأمل «التجربة الجنوبية» يكشف أن عهدا جديدا بدأ في السياسة الدولية، قد يتجه فيه الاتحاد الأفريقي إلى تشغيل آليات الضغط والتهديد لإنهاء النزاعات الدامية داخل القارة وفرض السلام بالقوة، استنادا على «تكشيرة» الاتحاد الأفريقي الأخيرة في قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي 539، الذي ضرب بلاءات الخرطوم بشأن الحوار الوطني عرض الحائط، حيث دعا إلى عقد مؤتمر تحضيري لبناء الثقة بين الفرقاء، رغم قولها إنها لن تفاوض أيا كان في الخارج، وطلب الشروع في عملية تفاوضية في غضون 90 يوما مع أطراف النزاع المسلح، والوصول لاتفاق وقف العدائيات، كما دعا لاستئناف عملية تفاوضية واحدة بمسارين، مما يعني أن اتفاقية سلام الدوحة بدأت تلفظ أنفاسها، ولم يبق منها سوى الإشادة الخجولة في القرار بـ«التمويل القطري» لمشروعات إعادة التوطين والتنمية في دارفور.
ويرى الدكتور محمد محجوب هارون، مدير معهد أبحاث السلام بجامعة الخرطوم، أن التطورات الأخيرة قربت بين موقف الاتحاد الأفريقي ومواقف المجتمع الدولي، وبالتالي فإن رهان الخرطوم على وجود موقفين غير صحيح، وقال هارون بهذا الخصوص «بالتأكيد تحدث أوباما عن السودان، ولو على هامش زيارته، وما يحدث لا يمكن عزله عن هذه الزيارة». وقطع هارون بأن أفريقيا لم تعد حريصة على موقف معارض لمواقف المجتمع الدولي، مما يجعل من السيناريو الذي حدث في جنوب السودان ممكنا، مع أخد الفوارق بين وضع وظروف البلدين بعين الاعتبار.
من جهته، يرى المحلل السياسي الجميل الفاضل أن هناك عدة محاولات غربية وأميركية لتليين موقف الخرطوم، بدأت بزيارة إبراهيم غندور، مساعد الرئيس وقتها، ووزير الخارجية السابق علي كرتي، إلى الولايات المتحدة، وفتح أبواب خلفية مع الإدارة الأميركية، أثمرت عن رفع جزئي للعقوبات.
ويوضح الفاضل أن العقوبات لم تؤد إلى تليين موقف الحكومة السودانية، لكن التجربة أثبتت أيضًا أن الخرطوم تستجيب تحت الضغوط، مثل قبولها بعثة حفظ السلام في دارفور (يوناميد) بعد تعنت، وبالتالي «فقد تحقق المباحثات الجارية في الخرطوم تقاربا سودانيا أميركيا، ينتج عن ممارسة الطرف الأميركي لضغوط ناعمة تقبلها الخرطوم، وأميركا تعرف تركيبة حكومة الخرطوم، لذا تحرص على سرية المفاوضات حماية للتيار الحليف أو القريب منها، وعدم تعريضه لضغوط ومواجهة مباشرة مع التيارات المتشددة داخل النظام السوداني».
ويرجع الفاضل عودة الخرطوم للتعامل غير المعلن مع الأميركيين إلى ما سماه بـ«حالة الانفتاح الأخيرة للنظام مع دول الخليج العربي وحلفاء أميركا في المنطقة»، مضيفا أن الخرطوم «قد تقبل ضغوطا ناعمة لا تضعها في حرج مواجهة تيارات الإسلاميين المتشددين داخلها، قد تصل إلى قبول (إطار انتقالي) معلنا أو غير معلن».
وحسب الفاضل أيضًا، فإن الخرطوم درجت على التعامل بحساسية مفرطة مع الشروط الأميركية، لكنها قد «تبلع» ضغوط الاتحاد الأفريقي، والتعامل مع قراراته بدرجة حساسية أقل.
من جهته، يصف الشفيع خضر، القيادي بالحزب الشيوعي المعارض، حلول المجتمع الدولي بأنها عادة ما تكون «هشة ومعقدة»، وتركز على الشراكة في السلطة، في وقت تجاوزت فيه الأزمة السودانية تقاسم السلطات، معتبرا أن تزايد الضغوط على الخرطوم كان نتيجة التعنت والتعامل وكأنها تملك إرادة فوق كل الإرادات الدولية.
من جانبه، يرى البروفسور حسن مكي، المدير السابق لجامعة أفريقيا العالمية، أن ما حدث لجنوب السودان لا يمكن حدوثه بالنسبة للخرطوم، لأن حالة الحرب هناك ضيقت خيارات الرئيس سلفا كير ميارديت، ومن بينها وضع عائدات البترول في حساب دولي، بما يجعله يقبل توقيع اتفاق يتحفظ عليه تحفظات، ويكسب منه المزيد من الوقت.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.