سعود بن نايف يختتم في المنطقة الشرقية أول برنامج لرفع كفاءة رؤساء المراكز

معهد الإدارة العامة: وفر نحو 125 ألف فرصة تدريبية للسعوديين

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية يعلن أن الهدف من هذه الدورة هو رفع مستوى الخدمات للمواطنين والمقيمين
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية يعلن أن الهدف من هذه الدورة هو رفع مستوى الخدمات للمواطنين والمقيمين
TT

سعود بن نايف يختتم في المنطقة الشرقية أول برنامج لرفع كفاءة رؤساء المراكز

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية يعلن أن الهدف من هذه الدورة هو رفع مستوى الخدمات للمواطنين والمقيمين
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية يعلن أن الهدف من هذه الدورة هو رفع مستوى الخدمات للمواطنين والمقيمين

اختتمت في المنطقة الشرقية بالسعودية، أمس دورة هي الأولى من نوعها، لتنمية القدرات الإدارية لرؤساء المراكز في محافظات المنطقة.
وأعلن الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، أن الهدف من هذه الدورة هو رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين.
وكانت إمارة المنطقة قد أطلقت برنامجًا تدريبيًا اختتم أمس، شمل رؤساء المراكز بالمنطقة وهم المسؤولون الإداريون في المراكز التابعة للمحافظات، وشارك في البرنامج 40 شخصًا من رؤساء المراكز ونظمها معهد الإدارة العامة بالمنطقة.
وقال الأمير سعود بن نايف أمس بأن «العمل يتطلب منا دائمًا أن نكون مبادرين وأن نكون على مستوى من الانفتاح لإيجاد كل ما هو جديد».
وأضاف: «نحن جميعًا في هذه المنطقة وغيرها وُضعْنا لخدمة المستفيدين ورعاية مصالح الجميع، ونحتاج بين كل فترة وأخرى أن ننمي المهارات وأن نعمل جميعًا على الرقي بالعمل لتطوير كل ما يقدم للمستفيدين ورعاية مصلحتهم».
وقال أمير المنطقة الشرقية: «يجب أن يعلم كل واحد منا أنه مسؤول بغض النظر عن حجم المسؤولية ولكن المسؤولية يجب أن لا تتجزأ». وأكد أن «هذه الدورات لها أثرها في الارتقاء بمستوى العمل».
من جانبه أوضح الأمير فهد بن عبد الله بن جلوي المشرف العام على التطوير الإداري والتقنية في إمارة المنطقة الشرقية، أن هذا البرنامج الذي خصص لرؤساء المراكز وقدمته الإمارة بالتعاون مع معهد الإدارة العامة «درب أكثر من 40 رئيس مركز استنادًا إلى احتياجاتهم التدريبية ومهامهم الوظيفية التي من أبرزها دورهم في التنمية المحلية من خلال تلمس احتياجات المواطنين وترتيب أولوياتهم الخدمية وكذلك في حماية المجتمع أمنيًا وفكريًا واجتماعيًا».
من جانب آخر، كشف الدكتور أحمد بن عبد الله الشعيبي مدير عام معهد الإدارة العامة توسع معهد الإدارة العامة في التدريب من خلال تنفيذ برنامج تدريبي شامل على مستوى المملكة وفر نحو 125 ألف فرصة تدريبية.
وأكد على دور معهد الإدارة العامة في تلبية الاحتياجات التدريبية المتزايدة للكوادر البشرية العاملة في الأجهزة الحكومية المختلفة والبالغ عددها حتى نهاية شهر رمضان الماضي وفق إحصاءات وزارة الخدمة المدنية 1.255 مليون موظف وموظفة يشكل الرجال ما نسبته 59.66 في المائة والنساء 40.34 في المائة.
وقال الدكتور الشعيبي بأن النسبة التي تمثلها المرأة في الأجهزة الحكومية دليل قاطع على حرص الحكومة على دعم المرأة السعودية ومساندتها وتمكينها من تولي مسؤولياتها الوطنية بما حقق لها المزيد من التقدم النوعي لبلوغ الكثير من المواقع الإدارة الرفيعة في الجهاز الحكومي.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في افتتاح الفرع النسوي لمعهد الإدارة العامة بالمنطقة الشرقية، الذي دشنه الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمس الخميس، بحضور وزير الخدمة المدنية، رئيس مجلس إدارة معهد الإدارة العامة خالد بن عبد الله العرفج.
ولفت الدكتور الشعيبي، إلى أن معهد الإدارة العامة افتتح فرعين جديدين خلال العام الجاري لترتفع منظومة المعهد إلى سبعة فروع أنجز منها ستة فروع منها أربعة رجالية وفرعان نسائيان، كما سيفتتح المعهد الفرع النسائي الثالث في مدينة جدة.
وأضاف الشعيبي، أنه تم مؤخرا اعتماد عدد من المشاريع لفرع المنطقة الشرقية منها مشروع توسعة مقر فرع المعهد بمبلغ 136 مليون ريال وعلى مساحة 22 ألف متر مربع، وقد تم ترسية أعمال المشروع وجاري العمل، كذلك اعتماد مشروع إسكان أعضاء هيئة التدريب لفرع المعهد بالمنطقة الشرقية بمبلغ 220 مليون ريال ويجري العمل على إنهاء مرحلة تصميم المشروع الذي يضم 100 فيلا سكنية وثلاث عمائر مكونة من 60 شقة سكنية وجميع الخدمات المساندة لها من مسجد وصالات أنشطة رياضية واجتماعية وحدائق وملاعب أطفال.
وأضاف أن، المعهد بدأ في تنفيذ الفصل التدريبي الصيفي، منذ نحو عامين حيث حظي مشروع الجامعات والفصل الصيفي بإقبال كبير وترحيب واسع من منسوبي الأجهزة الحكومية في مختلف مناطق المملكة وساهم كلا المشروعين من تمكين المعهد مع نهاية العام الماضي من توفير 125 ألف فرصة تدريبية ويتطلع المعهد إلى تجاوز 150 ألف فرصة تدريبية مع نهاية العام المقبل.
وأشار الدكتور الشعيبي إلى أن مشروع معهد الإدارة النسائي بالمنطقة الشرقية أنجز ليحقق أهداف المعهد نحو إيجاد بيئة نموذجية معاصرة تتوافر بها المرافق والتجهيزات الحديثة بحيث يكون رافدا مهما لتنفيذ نشاطات المعهد المختلفة في مجالات التدريب والبحوث والاستشارات والتوثيق الإداري.
بدوره ألقى عبد الرحمن العرفج مدير عام فرع معهد الإدارة العامة بالمنطقة الشرقية كلمة، شدد فيها على أهداف معهد الإدارة العامة في رفع كفاءة موظفي الدولة وإعدادهم علميا وعمليا، لتحمل مسؤولياتهم وممارسة صلاحياتهم للنهوض بمستوى الإدارة وتعزيز التنمية الإدارية، ودعم جهود الإصلاح والتطوير الإداري، إضافة إلى تقديم المشورة في المجالات الإدارية التي تعرضها الوزارات والأجهزة الحكومية، وإثراء الفكر الإداري عن طريق التأليف وإجراء البحوث والدراسات الإدارية وترجمة الأعمال العلمية المتميزة ذات الصلة بالتنمية الإدارية.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)