السيسي يدعو إلى تعزيز التعاون مع موسكو في مجال مكافحة الإرهاب

المباحثات مع بوتين تناولت أيضًا التعاون الاقتصادي والوضع الراهن في الشرق الأوسط

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أمس بالرئيس فلاديمير بوتين في موسكو (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أمس بالرئيس فلاديمير بوتين في موسكو (أ.ب)
TT

السيسي يدعو إلى تعزيز التعاون مع موسكو في مجال مكافحة الإرهاب

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أمس بالرئيس فلاديمير بوتين في موسكو (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه أمس بالرئيس فلاديمير بوتين في موسكو (أ.ب)

استهل الرئيس عبد الفتاح السيسي سلسلة أنشطته أمس في العاصمة الروسية بوضع إكليل من الزهور عند قبر الجندي المجهول قبل توجهه إلى الكرملين، حيث جرت مراسيم الاستقبال الرسمي، واستعراض الرئيسين لحرس الشرف.
وجرت في الكرملين المباحثات الرسمية بين الرئيسين في إطار جولتين: الأولى كانت عبارة عن لقاء ثنائي حضره عن الجانب المصري سامح شكري وزير الخارجية المصرية، واللواء عباس كامل، والسفير محمد البدري، ومن الجانب الروسي سيرغي لافروف وزير الخارجية، وسيرغي شويغو وزير الدفاع، ويوري أوشاكوف مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، بينما استهل الرئيس بوتين لقاءه الثنائي مع الرئيس السيسي بالترحيب به في الكرملين، وبالتذكير بتطور العلاقات بين البلدين، وقدم تهنئته بافتتاح قناة السويس التي وصفها بأنها مشروع اقتصادي مهم، جرى تنفيذه بمبادرة شخصية من الرئيس السيسي، مبرزا في ذات السياق دور مصر المحوري في المنطقة، وأن دخلها لا يقتصر فقط على عائدات قناة السويس، وقال إن «مستقبلا واعدا ينتظر مصر في الفترات القريبة المقبلة».
وفي الجانب الاقتصادي، أكد بوتين أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين أصبحت تسير في خط تصاعدي، معربا عن أمله في أن يشعر مواطنو البلدين بعوائد هذه المرحلة في القريب العاجل.
من جانبه، قال الرئيس السيسي إنه «يلتقي الرئيس بوتين للمرة الرابعة، وأعرب عن شكره وتقديره لحسن الاستقبال وكرم الضيافة»، مشيرا إلى تنامي وتطور حجم العلاقات الثنائية بين البلدين، وأعرب في هذا الصدد عن أمل الشعب المصري في تحقيق المزيد من التطور، إثر كل لقاء يجمعه الجانب الروسي.
وفي مجال مكافحة الإرهاب، قال الرئيس المصري إنه يؤثر على أمن واستقرار المنطقة والعالم، ودعا إلى زيادة التعاون مع روسيا في مجال مكافحة الإرهاب، خصوصا في الشرق الأوسط، بينما قال الرئيس الروسي إن هذا «موضوع مهم جدا»، مشيرا إلى «الدور الأساسي» الذي تلعبه مصر في مكافحة الإرهاب بالمنطقة، وأكد على اقتراحه في «تشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب»، وذلك بمشاركة دول عدة في المنطقة، بما في ذلك سوريا.
وعاد الرئيس بوتين، وعلى غير عادته في أعقاب اللقاءات الثنائية وقبل مغادرة الصحافيين، ليشير إلى أهمية ما قاله الرئيس السيسي حول ضرورة مواجهة الإرهاب الدولي، وهو ما يوضح أن هذه القضية كانت في صدارة مباحثات الجانبين من منظور مبادرة الرئيس بوتين، التي سبق أن طرحها خلال لقاءاته السابقة مع المسؤولين العرب والأجانب حول ضرورة تشكيل جبهة ائتلافية لمكافحة الإرهاب.
وأشارت مصادر الكرملين إلى أن مباحثات الجانبين تركزت حول بحث القضايا الثنائية، بعد أن استبقت المباحثات المصرية - الروسية ببيان صحافي قالت فيه إنه من المتوقع أن يتمَّ أثناء المحادثات تبادل وجهات النظر حول الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز على الوضع في سوريا وليبيا، وآفاق التسوية في الشرق الأوسط. وسيناقش الجانبان قضايا مكافحة الإرهاب الدولي، حيث تؤيد روسيا جهود مصر على هذا الصعيد، وهي على استعداد للمساهمة بشكل كامل في تعزيز قدرات القوات المسلحة المصرية، ودعم مؤسسات تنفيذ القانون في مصر.
وأكد الجهاز الصحافي التابع للرئاسة الروسية أن مصر هي أحد شركاء روسيا الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط، حيث أشار البيان كذلك إلى أن تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين بدأ منذ 26 من أغسطس (آب) عام 1943.
وأكد البيان الرئاسي أيضا أن الهيئات المختصة في كلا البلدين تعمل حاليًا على إنشاء مجمع حديث في مصر للطاقة النووية، وقد تمَّ في هذا الصدد توقيع اتفاق لهذا الغرض خلال زيارة بوتين إلى القاهرة في شهر فبراير (شباط) الماضي من أجل تطوير مشروع بناء محطة تعمل بالطاقة النووية، ويعمل الجانبان في الوقت الحالي على إنجاز المعايير الفنية والمالية الرئيسية المتعلقة بهذا المشروع.
وشملت مباحثات الكرملين أيضا الأزمة السورية والأوضاع في اليمن والعراق وليبيا، والتسوية السلمية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الأوضاع في شمال أفريقيا، وتشكيل جبهة ائتلافية لمواجهة خطر التطرف والإرهاب. وفي هذا الإطار قالت مصادر الكرملين إن «الجانب الروسي يؤيد الجهود النشيطة التي تبذلها القاهرة لمكافحة الإرهاب، وإنه مستعد لتقديم كل ما من شأنه دعم الجهود المصرية في هذا المجال، مع إمداد القوات المسلحة وأجهزة الأمن المصري بكل ما يلزمها في هذا الجانب».
وبخصوص القضايا الثنائية تناول الجانبان قضية المنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس، والانضمام إلى اتفاقية التجارة الحرة للاتحاد الأوروآسيوي، الذي يضم كلا من روسيا، وكازاخستان وبيلاروسا، وأرمينيا وقيرغيزيا. كما توقف الجانبان عند مواصلة مناقشة المسائل المتعلقة بإعداد الاتفاق حول مساهمة روسيا في تمويل وبناء محطة (الضبعة) النووية، من منظور البدء بمفاعلين نووين، وهو ما سبق أن ناقشه الجانبان في أكثر من لقاء منذ توقيع مذكرة النيات حول هذا المشروع خلال زيارة الرئيس بوتين للقاهرة في فبراير الماضي.
من ناحية ثانية, اكد السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تطابق وجهات نظر بلديهما حيال مكافحة الإرهاب وضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية، للتعامل بكل حزم مع خطر الإرهاب والتطرف والتنظيمات الإرهابية.
جاء ذلك خلال المباحثات التي جرت بين الزعيمين في العاصمة الروسية موسكو، أمس، تناولت آليات تعزيز العلاقات بين البلدين، إضافة إلى آخر المستجدات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حيث أكدا أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي معاناة الشعب السوري، ويحفظ وحدة وسلامة الأراضي السورية.
كما شددا على ضرورة تكثيف الجهود المبذولة من قبل جميع الأطراف المعنية لكسر حالة الجمود الراهنة في عملية السلام، واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، استنادا إلى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وفي ما يتعلق بالأوضاع على الساحة الليبية، جرى التأكيد، خلال اللقاء، على أهمية دعم المؤسسات الليبية الرسمية، ومساندة جهود تحقيق الأمن وتعزيز الاستقرار للشعب الليبي الشقيق.
كما تطرقت المباحثات إلى الأوضاع في العراق، وتوافقت مواقف الزعيمين حيال ضرورة دعم الحكومة العراقية وجهودها في التعامل مع التحديات التي تواجهها، بما يعزز أمن واستقرار العراق وحالة التوافق الوطني بين مختلف مكوناته.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.