البنتاغون يحقق في احتمال التلاعب بالتقييمات الاستخباراتية لحملة واشنطن ضد «داعش» في العراق

التضارب بينها تعكسه التصريحات المتناقضة للمسؤولين حول سير العمليات

البنتاغون يحقق في احتمال التلاعب بالتقييمات الاستخباراتية لحملة واشنطن ضد «داعش» في العراق
TT

البنتاغون يحقق في احتمال التلاعب بالتقييمات الاستخباراتية لحملة واشنطن ضد «داعش» في العراق

البنتاغون يحقق في احتمال التلاعب بالتقييمات الاستخباراتية لحملة واشنطن ضد «داعش» في العراق

تثير إمكانية التلاعب في التحليل الاستخباراتي المرتبط بـ«داعش» تساؤلات جديدة بخصوص اتجاه الحرب التي تشنها الحكومة ضد هذه الجماعة، كما أنه قد يفسر الاختلاف الواسع في التصريحات الخاصة بحجم التقدم الذي أحرزته الحملة ضد التنظيم.
المعروف أن الاختلافات المشروعة في الرأي من الأمور الشائعة والتي يجري تشجعيها بين مسؤولي الأمن الوطني في الولايات المتحدة، وعليه فإن التحقيق الذي يجريه المفتش العام يعد خطوة استثنائية ويوحي بأن المزاعم القائمة في هذا الصدد تتجاوز الخلافات المعتادة في الرأي داخل المجتمع الاستخباراتي. جدير بالذكر أن القواعد الحكومية تنص على أن التقييمات الاستخباراتية «يجب ألا تتعرض للتشويه» بسبب أجندات الوكالة المعنية أو وجهات نظر سياسية. كما يتعين على المحللين ذكر المصادر التي تدعم النتائج التي خلصوا إليها والاعتراف بوجهات النظر المختلفة.
وبموجب القانون الفيدرالي، فإن بمقدور مسؤولي الاستخبارات رفع دعاوى بوقوع انحراف إلى المفتش العام لمجتمع الاستخبارات (منصب استحدث عام 2011) إذا ما وجد مسؤولون أن ادعاءات بالتلاعب في التحليلات الاستخباراتية جديرة بالمصداقية، كما أنهم ملزمون بتقديم النصح بهذا الشأن إلى لجنتي شؤون الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب. وقد حدث ذلك بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية، حسبما أفاد مسؤولون، وبالفعل قرر المفتش العام في «البنتاغون» فح تحقيق في الأمر.
وقال الكولونيل باتريك رايدر، المتحدث الرسمي باسم القيادة المركزية، إنه ليس باستطاعته التعليق على تحقيق جار، لكنه أضاف أن «المفتش العام يتحمل مسؤولية التحقيق بشأن جميع الادعاءات المثارة، ونحن نرحب بإشرافه المستقل وندعمه».
يذكر أن الكثير من الوكالات الاستخباراتية تضع تقييمات استخباراتية فيما يخص حرب العراق، بما في ذلك وكالة استخبارات الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وغيرهما. وقال الكولونيل رايدر إنه من المعتاد أن تطرح كل وكالة مقترحات بخصوص مسودات تقييمات وكالات أخرى، لكنه استطرد بأنه تبقى الكلمة الأخيرة لكل وكالة بالنسبة لما إذا كانت ستدمج هذه المقترحات في تقريرها النهائي. وأضاف: «إضافة لذلك، فإن الطبيعة متعددة المصادر لعملية التقييم لدينا تتعمد الحماية ضد ممارسة أي تقرير أو رأي واحد تأثيرًا غير مناسب على القادة وصناع القرار».
من ناحية أخرى، من غير الواضح كيف تتغير عملية المراجعة عندما يجري تكليف محللي وكالة استخبارات الدفاع بالعمل من داخل القيادة المركزية، التي لها مقران في تامبا بفلوريدا وقطر، مثلما حدث مع واحد على الأقل من المحللين الذين تحدث إليهم المفتش العام. وخلال السنوات منذ وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. نقل البنتاغون المزيد من محللي وكالة استخبارات الدفاع من مقر الوكالة في واشنطن إلى القيادات العسكرية في مختلف أرجاء العالم، بحيث يصبح عملهم أقرب إلى الجنرالات والأدميرالات المسؤولين عن الحملات العسكرية.
يذكر أن الرئيس باراك أوباما صرح الصيف الماضي بشن حملة قصف ضد «داعش»، ويتمركز في العراق حاليًا قرابة 3400 جندي أميركي يقدمون النصح والتدريب إلى القوات العراقية. ومع ذلك، فقد أبدى البيت الأبيض تردده حيال إعادة الدفع بأعداد كبيرة من القوات البرية في العراق بعد الإعلان عن «إنهاء» حرب العراق عام 2009. والملاحظ أن حملة القصف المستمرة على مدار العام الماضي حققت بعض النجاح في السماح للقوات العراقية باستعادة أجزاء من البلاد كانت قد سقطت تحت سيطرة «داعش»، إلا أن مدنًا مهمة مثل الموصل والرمادي تبقى تحت سيطرة الجماعة. ولم يتم إحراز سوى القليل من التقدم في تحدي سيطرة الجماعة على أجزاء واسعة من سوريا، التي نفذت بها واشنطن عمليات قصف محدودة.
وفي الأسابيع الأخيرة، طرح بعض المسؤولين الأميركيين رفيعي المستوى تقييمات معلنة إيجابية في معظمها حول التقدم الذي أحرزته الحملة العسكرية ضد «داعش».
وفي يوليو (تموز) الماضي، قال الجنرال المتقاعد جون ألن - المبعوث الأول لأوباما وإلى التحالف الدولي ضد «داعش» - في كلمة أمام «منتدى أسبن للأمن» إن الزخم الخاص بـ«داعش» «تم كبحه استراتيجيًا وعمليًا، وبصورة واسعة، تكتيكيًا». وأضاف: إن تنظيم داعش «يخسر»، رغم اعترافه بأن الحملة تواجه تحديات عدة، من التصدي لرسالة «داعش» إلى تحسين أداء القوات العراقية.
وخلال مؤتمر صحافي موجز الأسبوع الماضي، أبدى وزير الدفاع أشتون كارتر قدرًا أكبر من التروي، ووصف الحرب بـ«الصعبة»، وقال إنها «ستستغرق بعض الوقت. أنا على ثقة من أننا سننجح في هزيمة (داعش)، وأننا نتبع الاستراتيجية الصائبة».
إلا أن تقييمات استخباراتية صدرت مؤخرًا، بما في ذلك بعض التقييمات الصادرة عن وكالة استخبارات الدفاع، ترسم صورة باهتة لمدى ضآلة التقدم الذي أحرز على صعيد إضعاف «داعش» على مدار العام المنصرم، تبعًا لما أفاده مسؤولون اطلعوا على التقييمات السرية. وذكروا أن التقييمات خلصت إلى أن الحملة التي استمرت عامًا لم تحقق سوى القليل من التقدم في القضاء على مقاتلي «داعش»، وأن الجماعة على مدار العام السابق وسعت دائرة سيطرتها إلى شمال أفريقيا ووسط آسيا.
وأشار منتقدو استراتيجية أوباما إلى أن حملة القصف وحدها، من دون مشاركة كبيرة من قوات برية أميركية، من غير المحتمل أن تلحق ضعفًا كبيرًا بالجماعة الإرهابية. بيد أنه من غير الواضح ما إذا كان محللو وكالة استخبارات الدفاع خلصوا إلى أن الدفع بمزيد من القوات الأميركية سيخلق اختلافًا كبيرًا.
وفي شهادة له أمام الكونغرس هذا العام، قال اللفتنانت جنرال فنسنت آ. ستيوارت، مدير الوكالة، إن إرسال مزيد من القوات إلى العراق يحمل مخاطرة تحويل الصراع إلى حرب بين الغرب و«داعش»، الأمر الذي سيمثل «أكبر نصر دعائي يمكن أن نقدمه» للجماعة الإرهابية.
من ناحية أخرى، أعرب ميكا زنكو، زميل مجلس العلاقات الخارجية ومؤلف كتاب من المتوقع صدوره قريبًا بعنوان «الفريق الأحمر» يتضمن فحصًا لتحليلات بديلة داخل وكالات الاستخبارات الأميركية، عن اعتقاده بأن «من المتوقع والمفيد وجود أصوات منشقة حول الصراعات الحالية في دول أجنبية»، مضيفًا أن المشكلة تكمن «عندما لا يجري عرض الرأي المختلف على صانعي السياسات».
* خدمة: «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.