العبادي يشكل لجنة موسعة.. وتوقعات بحزمة «ترشيق» جديدة تطال وزارات أخرى

معصوم يدين الاعتداءات على المتظاهرين.. ويدعو إلى إصلاح القضاء وعدم تجاوز الدستور

العبادي يشكل لجنة موسعة.. وتوقعات بحزمة «ترشيق» جديدة تطال وزارات أخرى
TT

العبادي يشكل لجنة موسعة.. وتوقعات بحزمة «ترشيق» جديدة تطال وزارات أخرى

العبادي يشكل لجنة موسعة.. وتوقعات بحزمة «ترشيق» جديدة تطال وزارات أخرى

أعلن الرئيس العراقي فؤاد معصوم دعمه الكامل للمظاهرات التي انطلقت في بغداد وعدد من المدن والمحافظات العراقية منذ نحو شهر، داعيا في الوقت نفسه إلى إصلاح القضاء وتعديل الدستور بما لا يخل بكونه الوثيقة التي تربط العراقيين وخرجوا للتظاهر بموجبها.
وقال معصوم في كلمة متلفزة مساء أمس: «تأييدنا لمطالب المتظاهرين، وتثميننا لدعمها من المرجعية، اقترنا دائما بدعوة الحكومة إلى عدم الاكتفاء بإجراءات آنية وفوقية أو تقشفية، مع ضرورة إجراءات التقشف في ظرفنا المالي والاقتصادي الراهن». وطالب معصوم بـ«تبني استراتيجية شاملة للإصلاحات وفي الحرب على الفساد بموازاة استراتيجية واثقة للقضاء على عصابات (داعش) الإرهابية في كل مكان». وجدد مساندته لأي برنامج أو جهد تضعه الحكومة يهدف إلى تحقيق مطالب الشعب بالإصلاحات».
وفيما عد معصوم أن المطلوب «من مجلس النواب، كجهة تشريعية ورقابية، دور يمكنه من الإسهام في تحقيق الإصلاح وتهيئة القاعدة القانونية اللازمة لعملية الإصلاح حيثما اقتضت الضرورة ذلك»، فإنه في مقابل ذلك مطلوب دور آخر «من السلطة القضائية لإجراء الإصلاحات اللازمة ولتفعيل عمل القضاء بشكل جاد في التحقيق بقضايا الفساد، إضافة إلى قضايا الإرهاب وسرعة الحسم بما يحترم القانون ويحقق العدل، كما نأمل تحقيق الإصلاحات في هيكل القضاء بموجب الدستور وبموجب القوانين المشرع منها والتي تنتظر التشريع».
وفي ما يتعلق بالدستور أقر معصوم بضرورة تعديله شريطة ألا يتم الاختلاف «في قيمة وأهمية وثيقته التي استفتي عليها الشعب»، عادا أنه في حال السماح «بتجاوز هذه الوثيقة الشرعية فإننا نكون قد وضعنا كل شيء في مهب ريح الاجتهادات وفرض الإرادات، وكل هذا - لا سمح الله - يهدد كيان الدولة والمجتمع وينذر بما هو أخطر وأشد وبالاً». وأدان معصوم بشدة الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون في بعض المحافظات، مطالبا «القوى الأمنية والسلطة التنفيذية والقضائية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المسيئين وردعهم عن تكرار الاعتداء والإساءة للصورة المشرقة التي تكرست لدى العالم عن الصلة بين المتظاهرين والسلطة في العراق».
إلى ذلك, علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع أن رئيس الوزراء حيدر العبادي شكل لجنة موسعة للإصلاح الحكومي تضم نحو 30 شخصية من التكنوقراط بهدف تقديم رؤى وتصورات عن الكيفية التي يمكن بموجبها إدارة البلاد خلال الفترة المقبلة على إثر إلغاء ودمج بعض الوزارات واحتمال إلغاء ودمج وزارات أخرى.
وقال المصدر، وهو عضو إحدى اللجان الفرعية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة الموسعة التي تضم 30 شخصية بمختلف التخصصات العلمية والأكاديمية شكلت هي الأخرى لجانا فرعية في تخصصات وميادين مختلفة تبحث واقع حال الدولة ومؤسساتها في مختلف الجوانب وتقدم رؤاها وأفكارها لرئيس الوزراء الذي يقدم بموجب مقترحات وتصورات تلك اللجان على إجراء الإصلاحات».
وردا على سؤال بشأن ما يقال حول هيمنة حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي على اللجان المشكلة لغرض الإصلاح، قال عضو اللجنة الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه بسبب سرية عمل اللجان إن «هذا الكلام غير صحيح، إذ لا يوجد أي من مسؤولي أو قياديي حزب الدعوة لا في اللجنة الموسعة ولا في اللجان الفرعية لأن الأوامر التي صدرت عن رئيس الوزراء تقضي بعدم وجود شخصيات حزبية في هذه اللجان لا من حزب الدعوة ولا من غيره حتى لا تخضع في النهاية لعملية التوازن والتوافق وبالتالي المحاصصة التي أرهقت الحكومة وأوصلت الدولة إلى ما هو عليه الحال الآن».
وبشأن الإصلاحات المرتقبة، قال عضو اللجنة إن «هناك توقعات بإلغاء ودمج عدد من الوزارات من بينها دمج وزارة النقل والاتصالات والزراعة والموارد المائية والنفط والكهرباء وإلغاء وزارة الشباب والرياضة وتشكيل هيئة للشباب يرأسها العبادي نفسه». وحول ما إذا كان دمج هذه الوزارات يخضع لنوع من المساومة والتوافقية لجهة أن دمج أي وزارة يعني عمليا تسريح وزير والإبقاء على وزير واحد، قال عضو اللجنة «قد يبدو الأمر ظاهريا لا يخضع لذلك لكنه من خلال عملية الدمج والإلغاء التي حصلت للوزارات في الحزمة الثانية من الإصلاحات فإن أبناء المكون التركماني وكذلك منظمة بدر اعترضوا على إلغاء وزارة حقوق الإنسان لجهة إن التركمان رأوا في هذا الإلغاء عدوانا عليهم من منطلق أنه لم يعد هناك ممثل للمكون التركماني في الحكومة، كما أن منظمة بدر التي ينتمي إليها وزير حقوق الإنسان المرشق محمد مهدي البياتي وجدوا أن هذا الإلغاء شملهم دون آخرين»، مشيرا إلى أنه «طبقا للمعلومات التي حصلنا عليها فإن زعيم منظمة بدر هادي العامري عاتب خلال اجتماع التحالف الوطني الأخير رئيس الوزراء بشأن إلغاء الوزارة التي هي من حصة بدر فأخبره العبادي بأن هناك حزمة أخرى للإصلاح وهو ما يعني أن العبادي سيضطر إلى اللجوء إلى المحاصصة في الإلغاء مثلما شكل حكومته التي ترهلت كثيرا بأكثر من 33 وزيرا بسبب المحاصصة والترضيات».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.