الأسماء القديمة.. موضة الاستثمار الجديدة

شراء شركة كورية دار «بول بواريه» يفتح ملف شراء وإنعاش بيوت أزياء منسية ومدى جدواها في عصرنا

معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
TT

الأسماء القديمة.. موضة الاستثمار الجديدة

معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)

لا حديث لأوساط الموضة هذه الأيام سوى سيرة بول بواريه وخبر إحياء داره ونفض غبار 86 عاما تقريبا عنها، بعد أن اشترتها شركة كورية على أمل إعادتها إلى الواجهة على غرار بيوت أخرى اشتراها صناع موضة أو مستثمرون ونجحوا في نقلها إلى الألفية. ورغم أن اسم بول بواريه قد لا يعني شيئا للشخص العادي، لأنه يعتبر من خبر كان، بحكم أنه أغلق داره في عام 1929 ومات مفلسا في عام 1944، إلا أنه بالنسبة لعشاق الموضة والعارفين، مصمم لا يجود الزمان بمثله سوى فيما ندر. هؤلاء لا يزالون يلمسون تأثيره، يظهر بين الفينة والأخرى في عروض مصممين من عصرنا، نذكر منهم جون غاليانو، خلال عهده في دار «ديور»، والثنائي «دولتشي آند غابانا» وغيرهم.
بدأ الحديث عن بول بواريه منذ أكثر من سنة تقريبا عندما تناهت أخبار عن عرضها للبيع، وزادت حدتها في الأشهر الأخيرة بعد تناهي خبر شراء الشركة الكورية شينسيغاي إنترناشيونال Shinsegae International كل ما يتعلق بها، من اسم وأرشيف ومتعلقات، على أمل إعادة البريق إليها، أسوة ببيوت قديمة أخرى تم تلميعها في السنوات الأخيرة، مثل سكياباريللي، وفيونيه، وكوريج، وتشارلز جيمس، وغيرها. ما توصل إليه المستثمرون أن عملية إنعاش دار قديمة أسهل من دعم مصمم شاب واسم جديد عليهم بناؤه من الصفر. فاسم قديم، إذا كان له ثقل ورنة، يمنحهم إمكانية أكبر للتحرك، إلى حد أنها قد لا تستعمل من القديم سوى الاسم، تستند عليه كعكاز للحصول على المصداقية. كل هذا يطرح تساؤلات كثيرة عن الأسباب التي جعلت الموضة مؤخرا مسكونة بالماضي، أو بالأحرى بالعراقة والموروثات القديمة، رغم أنها في أمسّ الحاجة إلى مصممين شباب، يضخون فيها دماء جديدة ويتسلمون المشعل من المصممين الكبار الذين بلغ أغلبهم سن الشيخوخة، من كارل لاغرفيلد مصمم دار «شانيل» و«فندي» إلى جيورجيو أرماني وغيرهما. والجواب، على ما يبدو، أن أحد أسباب التهافت على التاريخ بإرثه وعراقته، يحقق المعادلة الصعبة بالنسبة للمستثمرين. فهم من جهة، يوفرون للمصمم الشاب أرشيفا غنيا ومضمونا يكون نقطة الانطلاق للإبداع، ومن جهة ثانية، هو نص مكتوب وواضح، كل ما عليه هو دراسته عوض البدء من الصفر أو إطلاق العنان لشطحات قد تكلفهم الكثير لصعوبة تسويقها. في المقابل، فإن اسما له وزن ورنة، حتى وإن لم يسمع به الجيل الجديد، يمكن بيعه لهذا الجيل بمساعدة وسائل الإعلام المتواطئة معهم، من ناحية أنها جاهزة لتقديم الدعم من باب تقديرها لهذه الأسماء التاريخية القديمة. وهذا ما أكدته التجارب السابقة مع بيوت أزياء مثل «كارفن»، و«روشا»، و«فيونيه»، و«بالمان» و«نينا ريتشي»، فكلها أسماء لمؤسسين ومصممين لم يعد لهم وجود بيننا، ومع ذلك فإن المستهلك يشعر بأنهم لا يزالون على قيد الحياة.
من وجهة نظر أخرى، فإن الاستثمار في اسم قديم أسهل، من الناحيتين القانونية والإدارية، من الاستثمار في دار أزياء شابة لمصمم له حضور في الساحة. وتكمن السهولة هنا في قدرتها على إملاء شروطها عليه، بل وحتى الاستغناء عنه واستبداله بمصمم آخر إن استدعى الحال، وهو ما حصل فعلا في بيوت مثل «بالنسياجا» و«سكياباريللي» مؤخرا. وهذا ما لا تستطيع القيام به في حال استثمرت في دار المصمم الشاب. فكل ما في إمكانها القيام به في هذه الحالة، أن تنسحب وتسحب دعمها، مضحية بكل ما ضخته من أموال لسنوات. وربما هذا ما يجعل عملية البحث عن مصمم مناسب صعبة ومعقدة، لأن الآمال المعقودة عليه تكون كبيرة قد ينوء تحتها بعد موسم أو اثنين فقط. دييغو ديلا فالي، صاحب شركة «تودز» الذي اشترى «إلسا سكاباريللي»، مثلا، لم يتوفق لحد الآن بمصمم يملأ كرسي المؤسسة ويشفي غليله لفنيتها. وكل التجارب لحد الآن، تؤكد أن كارل لاغرفيلد، فلتة لا تتكرر. فقد قاد دار «شانيل» إلى آفاق أبعد من المتوقع، وبإيقاع ربما لم يكن بإمكان المصممة المؤسسة نفسها أن تواكبه فيما لو ظلت على قيد الحياة، تقود زمام دارها، لأن هناك مصممين عباقرة عندما يكون النص مكتوبا لهم ينطلقون منه للتطوير والإبداع، بينما هناك مصممون لهم رؤيتهم التي لا يحيدون عنها، وبالتالي يفضلون أن يبدأوا من الصفر، أي على كنفس أبيض تماما، ويجدون صعوبة في التأقلم مع أسلوب غيرهم خصوصا إذا كان قد مضى عليه قرابة قرن من الزمن إلى حد أنه لا يبقى من الدار سوى اسم مؤسسها. أكبر مثال على هذا أن الأسلوب الذي أرساه المصمم بيير بالمان في الخمسينات من القرن الماضي، مختلف تماما عن أسلوب الدار حاليا في عهد أوليفييه روستينغ. فبينما كان أسلوب المؤسس يتميز بالأناقة الرفيعة التي تخاطب الطبقات الأرستقراطية والمخملية، فإن روستينغ، من جيل وسائل التواصل الاجتماعي، يعتمد على فتيات الانستغرام والنجمات الشابات، مع جرعات قوية من الإثارة الحسية. ومع ذلك تحقق الدار النجاح التجاري، بينما تستمد عراقتها وشرعيتها من الاسم. ولولا هذا الاسم، لما كانت لتبيع هذه التصاميم.
من بيوت الأزياء القديمة التي تعرف نجاحا ملموسا بعد إحيائها، دار «فيونيه» التي تأسست في عام 1912 واشتهرت صاحبتها، مادلين فيونيه، في بداية القرن الماضي بتقنية الدرابيه. فقد ظلت نائمة ومنسية لمدة 75 عاما قبل أن توقظ من سباتها بفضل سيدة الأعمال والمصممة غوغا أشكينازي التي عرفت كيف تستعمل جينات الدار وتطورها لتلبية ما تحتاجه المرأة من تصاميم أنيقة تخدمها وتبرز جمالها. وكانت غوغا قد اشترت نسبة مهمة من أسهم هذه الجوهرة الفرنسية، ولم تكن تنوي أن تكون المديرة الفنية، لكن كل المصممين الذين تعاقدت معهم كانوا يخذلونها في آخر لحظة بعدم التزامهم بالوقت حتى عندما كان أسبوع الموضة على الأبواب، مما اضطرها لكي تأخذ زمام الأمور بيديها وتُنصب نفسها كمصممة. ولم لا؟ فهي امرأة أنيقة، ثم إنها تمتلك خبرة لا بأس بها في هذا المجال بحكم صداقتها مع إيفا كافالي، زوجة روبرتو كافالي، وأيضا بحكم دراستها في ميلانو وفلورنسا لفن التصميم.
ما يجعل القصة مثيرة بالنسبة لبول بواريه، إضافة إلى أنه اسم دخل المتاحف، وكتب الموضة التاريخية، أنه اسم يحترمه العارفون ويقدرونه. فهو كان من أهم المستشرقين الذين شهدتهم أوساط الموضة، ليس في بداية القرن الماضي فحسب بل لحد الآن. عشق الشرق وترجمه من خلال إبداعات تحاكي لوحات الفنان كريستيان لاكروا في قوتها أحيانا.
المثير في أسلوبه أنه تدرب في دار دوسيه ثم في دار وورث، مؤسس ما يعرف الآن بـ«الهوت كوتير» ومع ذلك لم يكن يجيد الخياطة، مما جعله يبتكر أسلوب الطيات باستعماله أمتارا طويلة من الأقمشة المترفة. كان يبدأ أي زي بقطعة قماش مستطيلة ويصممها مثلما يصمم اليابانيون الكيمونو والمغاربة القفطان، لتتدلى على الأكتاف بسخاء ثم تعانق الجسم بأقل قدر من الحياكة. رحلاته الخيالية للشرق تجسدت أيضا في تصاميم عبارة عن سراويل فضفاضة وعمامات فارسية وتطريزات هندية غنية. قد يتساءل البعض كيف لمصمم مبدع مثله أن يُفلس ويموت مغمورا، والجواب للأسف، أنه لم يستطع أن يقرأ تغيرات العصر بعد الحرب العالمية الأولى، مما جعل المرأة التي كانت تريد التحرر من القيود تعزف عن فخامة تصاميمه وتُقبل على تصاميم غريمته غابرييل شانيل.
الآن وبعد أن قامت شركة «شينسيغاي إنترناشيونال» بالخطوة الأولى وهي الأسهل، أي شراء الدار، فإن الخطوة الثانية والأصعب هي العثور على مصمم في مستوى عبقرية بواريه ليلمعها ويضفي البريق عليها في زمن أصبحت فيه المنافسة على أشدها مع كثرة الأسماء وتشابه الأساليب.
قد يكون جون غاليانو الأقرب لشخصيته، لما يتمتع به من كاريزما إبداعية تتجسد في دراما الألوان وفنية التصاميم وسخاء الأقمشة، لكنه الآن في «ميزون مارجيلا». الخيار الثاني يمكن أن يكون كريستيان لاكروا، وإن كان قبوله يتوقف على الكثير من الأمور منها كبرياؤه المجروح، بعد أن كان يتحكم في داره الخاصة التي أغلقت منذ بضع سنوات تأثرا بالأزمة الاقتصادية في عام 2008 ومدى رغبته في دخول تحدٍ جديد، أو بالأحرى مقارنة، غير مضمونة مع المؤسس.

من هو بول بواريه؟

> كان أول مصمم أزياء يتفرع إلى مجالات أخرى وطرح عطرًا خاصًا به، يحمل اسم ابنته الكبرى «روزين»
> كان أول من فتح محلا للديكور المنزلي أطلق عليه «أتيلييه مارتين»، على اسم ابنته الثانية
> يعيد بعض المؤرخين الفضل في أسلوبه الفخم والمتحرر من الخطوط الواضحة والخيوط الكثيرة، لزوجته دينيس التي كانت جد مستقلة وأنيقة في الوقت ذاته. كانت أيضا ملهمته وسفيرته الخاصة، من ناحية أنها كانت تتعمد أن تلبس جديده في المناسبات الكبيرة لشد الانتباه إليها والترويج له.
> إلى جانب إعجابه بالقفاطين والعمامات والتطريزات الشرقية، تأثر أيضا بالأزياء الإغريقية الكلاسيكية وترجمها بأسلوب فني تجريدي، ألهم مصممين معاصرين من أمثال راي كاواكوبو، مصممة ماركة «كوم دي غارسون»، وحسين تشالايان.
> أطلق عليه الأميركيون لقب «ملك الموضة» عندما زارهم لأول مرة عام 1913 لكنهم لم يبقوا أوفياء له، وسرعان ما أداروا له ظهرهم بعد أن راقت لهم تصاميم منافسته اللدودة آنذاك، كوكو شانيل. كان أسلوبها هو الضد، خصوصا وأنها تفوقت عليه بقراءتها تغيرات العصر ومتطلباته في وقت كان العالم يعيش فيه تبعات الحرب العالمية وما فرضته من تقشف وتغييرات. وهكذا بينما بقي هو وفيا لأسلوبه الفني والفخم، خففت هي من الأحجام واستعملت أقمشة عملية ورخيصة مثل الجيرسيه لتخاطب امرأة جديدة كانت تتوق أن تتحرر من كل القيود الاجتماعية وبدأت تزرع بذرة مساواتها مع الرجل.
> ما يُحسب له أنه كان من الأوائل الذين انتبهوا إلى قوة الإعلام وتأثيره، لهذا أحاط نفسه بشخصيات ثقافية ومخملية، وتودد للجميلات والشهيرات، مثل سارة برنارد وكوليت وهيلينا روبنشتاين وبيغي غوغنهايم وغيرهن، للظهور بتصاميمه في المحافل الكبيرة، بل وحتى على المسارح.
> في عام 2007، كان موضوع متحف المتروبوليتان للفن في نيويورك، من خلال معرض كبير بعنوان «ملك الموضة».



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».