وزير الكهرباء العراقي «يصعق» البرلمان برفضه الاستجواب.. ويلوذ بالمحكمة الاتحادية

أحزاب دينية تسعى لفتوى من المرجع إسحق الفياض بتحريم المظاهرات «إذا مثلت أجندات خارجية»

وزير الكهرباء قاسم الفهداوي  -  متظاهرون عراقيون يحملون نعشا وهميا يمثل الكهرباء والماء ونقصهما الذي أطلق الشرارة الأولى لحملة الاحتجاجات في بغداد وبقية محافظات وسط وجنوب العراق (أ.ف.ب)
وزير الكهرباء قاسم الفهداوي - متظاهرون عراقيون يحملون نعشا وهميا يمثل الكهرباء والماء ونقصهما الذي أطلق الشرارة الأولى لحملة الاحتجاجات في بغداد وبقية محافظات وسط وجنوب العراق (أ.ف.ب)
TT

وزير الكهرباء العراقي «يصعق» البرلمان برفضه الاستجواب.. ويلوذ بالمحكمة الاتحادية

وزير الكهرباء قاسم الفهداوي  -  متظاهرون عراقيون يحملون نعشا وهميا يمثل الكهرباء والماء ونقصهما الذي أطلق الشرارة الأولى لحملة الاحتجاجات في بغداد وبقية محافظات وسط وجنوب العراق (أ.ف.ب)
وزير الكهرباء قاسم الفهداوي - متظاهرون عراقيون يحملون نعشا وهميا يمثل الكهرباء والماء ونقصهما الذي أطلق الشرارة الأولى لحملة الاحتجاجات في بغداد وبقية محافظات وسط وجنوب العراق (أ.ف.ب)

في أول موقف لمسؤول عراقي مناهض لحملة الإصلاحات التي يقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي، رفض وزير الكهرباء قاسم الفهداوي (ينتمي إلى كتلة تحالف القوى العراقية) حضور جلسة الاستجواب المقررة له من قبل البرلمان. وفيما رفض البرلمان نية العبادي دمج وزارتي الكهرباء والنفط في وزارة واحدة، طبقا لأنباء تفيد بنيته دمج عدد آخر من الوزارات منها النقل والاتصالات والزراعة والموارد المائية والنفط والكهرباء، هدد رئيس البرلمان سليم الجبوري بسحب الثقة من الفهداوي في حال عدم حضوره لاستجواب البرلمان.
وقال عماد الخفاجي، المتحدث الرسمي باسم رئيس البرلمان، في بيان أمس، إن الجبوري الذي ينتمي إلى نفس كتلة الفهداوي «اعتبر مساءلة وزير الكهرباء وإجابته عن أسئلة نواب الشعب عن الواقع المتردي لملف خدمات الكهرباء جزءا من الإيفاء بالالتزامات والتوقيتات التي تضمنتها ورقة الإصلاح البرلمانية، والتي كانت استجابة لمطالب الشعب المتذمر من سوء الخدمات». وكشف الخفاجي أن «رئيس البرلمان أنذر وزير الكهرباء بضرورة الاستجابة لقرار مجلس النواب العراقي باستجوابه، واعتبر طلبه التأجيل مرفوضا، كون طلب التأجيل الذي قدمه الوزير للمحكمة الاتحادية لا يعفيه من واجب الحضور تحت قبة البرلمان والإجابة عن أسئلة نواب الشعب». وأضاف أن «الجبوري حدد أن تكون جلسة يوم السبت المقبل لاستجواب وزير الكهرباء، وستجري سواء حضر الوزير أم لم يحضر، وقد تنتهي بسحب الثقة».
وكانت المظاهرات العراقية التي انطلقت من محافظة البصرة في أقصى الجنوب قبل نحو شهر حملت في بدايتها عنوانا واحدا رئيسيا هو الكهرباء، لكنها اتسعت لتتحول إلى محاكمة شعبية على الهواء الطلق ضد النظام السياسي الذي تسلم السلطة بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003. وفي وقت يتوقع فيه استمرار المظاهرات الحاشدة بدأت جهات عديدة تدخل على خطها في محاولة لحرفها عن مسارها، مما دفع المنظمين إلى بحث تحويلها تدريجيا إلى اعتصامات مفتوحة.
وكانت جهات وصفت بأنها «خارجة عن القانون» فضت بالقوة اعتصام كل من مدينتي البصرة والحلة بعد وقوع مصادمات بين المتظاهرين وملثمين يعتقد انتماؤهم إلى ميليشيات مسلحة هددوا بتصفية المعتصمين.
وقال الناشط المدني البصري كاظم هيلان لـ«الشرق الأوسط» إن «التهديدات كانت تصل إلى الشباب في خيم الاعتصام بشكل فردي وجماعي وحتى وصل الأمر أن تهديدات بالتصفية وخطف أطفال وصلت إلى عائلات المعتصمين». وأضاف أن «الجهات التي تقف وراء هذه التهديد هي كل المتهمين بالفساد من أحزاب السلطة سواء في الحكومة المحلية أو في الحكومة المركزية، فالكل مشترك في ترويع وسلب إرادة البصريين». وتابع أن «المحافظ هو رئيس اللجنة الأمنية العليا وأن الاعتداء الذي حصل على خيمة المعتصمين مطلع الأسبوع الحالي كان تحت مرأى ومسمع القوات التي هي مكلفة بحماية مبنى الحكومة المحلية أي المسؤول عنها المحافظ».
بدوره، قال الناطق باسم معتصمي البصرة، نائل الزاملي، إن «كثيرين من الشباب جاءهم تهديد عبر الهاتف الجوال وبعضهم تبعته سيارات»، مشيرا إلى أن «الميليشيات وأحزاب السلطة تمثل القوات الأمنية في البصرة ولا يستطيع أحد إيقاف سطوتها ونفوذهما في المدينة وهي المسؤولة عما حصل للمعتصمين».
وفي هذا السياق، أكد القيادي في التيار المدني الديمقراطي وأحد منسقي المظاهرات حسين فوزي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عددا من قادة المظاهرات ومنسقيها ومن باب استشعار ما يمكن أن تتعرض له المظاهرات من محاولات اختراق من هنا وهناك قرروا إعداد مذكرة مفصلة وتقديمها إلى رئيس الوزراء تتضمن رؤيتهم في جوانب الإصلاح المختلفة، بما في ذلك تحديد مطالبهم التي كفلها الدستور والتي لا تريد إسقاط النظام أو العملية السياسية بل تدافع عنهما لكنها تريد الإصلاح الحقيقي الذي يتضمن محاسبة مسؤولة للفاسدين في الطبقة السياسية وعدم خلط الأوراق من خلال اتهام المظاهرات بأنها تمثل أجندات خارجية».
في سياق ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن «جهات سياسية ودينية بدأت تعد وثائق ومعلومات بشأن وجود أجندات خارجية تقف وراء المظاهرات التي تريد إسقاط العملية السياسية بذريعة الإصلاح». وأضافت هذه المصادر أن «هذه الجهات تحاول استحصال فتوى دينية من أحد المراجع الأربعة الكبار في النجف لا سيما المرجع إسحق الفياض الذي تحركت عليه بما يفيد إصدار فتوى بتحريم المظاهرات في حال كونها تمثل أجندات خارجية، وهو ما يعني استخدام هذه الفتوى في حال صدورها بشق صفوف المتظاهرين».
بدوره، أكد رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي في البرلمان العراقي مثال الآلوسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإصلاحات التي أطلقها العبادي لا تزال تخضع لشتى أنواع المساومات من قيادات الكتل السياسية الذين يبدو أنه لا يروق لهم أن تكون هناك خدمات حقيقية في البلاد، لأن ما يريده الناس من خلال المظاهرات وما أعلنه رئيس الوزراء لا يتعدى إصلاحات في مجال الخدمات الأساسية، فضلا عن إصلاحات تشمل الإدارة والأمن والاقتصاد». وأشار إلى أن «المشكلة أن العبادي لا يحظى بأي دعم من الكتل السياسية التي باتت تشعر جميعها بأن أي إصلاح حقيقي سيكشف المستور، وبالتالي هي لا تريد المزيد من الفضائح أمام الشعب، وعليه فإن ما تعلنه من دعم للإصلاحات هو لمجرد ركوب الموجة وذر الرماد في العيون».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.