أوباما يتردد في موقفه حول المرشحين للرئاسة

جو بايدن يفكر في خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي

الرئيس الاميركي باراك اوباما يسير مع نائبه جو بايدن في البيت الابيض، واشنطن (أ.ب)
الرئيس الاميركي باراك اوباما يسير مع نائبه جو بايدن في البيت الابيض، واشنطن (أ.ب)
TT

أوباما يتردد في موقفه حول المرشحين للرئاسة

الرئيس الاميركي باراك اوباما يسير مع نائبه جو بايدن في البيت الابيض، واشنطن (أ.ب)
الرئيس الاميركي باراك اوباما يسير مع نائبه جو بايدن في البيت الابيض، واشنطن (أ.ب)

يبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ما زال مترددا في تحديد موقفه بشأن المتنافسين على كرسي الرئاسة، وهو ما أكده أمس البيت الأبيض أن أوباما لا ينوي اتخاذ أي موقف بشأن المرشحين المتنافسين لخلافته في الوقت الحالي بينما يبدو نائب الرئيس جو بايدن مترددا في الترشح للسباق الرئاسي.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست: «سيحين الوقت ليهتم بالاقتراع الرئاسي الذي سيجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لكن الرئيس يركز حاليا على عمله».
وكان إرنست يرد على سؤال طرحه الصحافيون بإلحاح عن احتمال ترشح بايدن لانتخابات الحزب الديمقراطي في مواجهة المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، وقال: «أمامه شهر»، مشددا على «الطابع الشخصي جدا» لهذا القرار.
وتواجه كلينتون صعوبات حاليا، إذ إن صورتها تضررت إلى حد كبير بعد الكشف عن أنها استخدمت بريدها الإلكتروني الشخصي عندما كانت وزيرة للخارجية.
وتتساءل الطبقة السياسية في واشنطن عن احتمال ترشح بايدن، الذي يبلغ 72 عاما، الذي حاول مرتين الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي من قبل وأخفق. وقد صرح بأنه سيتخذ القرار في هذا الشأن بحلول نهاية الصيف، أي في 23 سبتمبر (أيلول) المقبل.
ومع أنه أطال مديح نائب الرئيس، التزم الناطق باسم أوباما الحذر. وذكر أن أوباما شعر بالارتياح دائما لقراره اختيار جو بايدن ليكون مرشحا لنائب الرئيس في الانتخابات الماضية، معتبرا أنه «أفضل قرار اتخذه في السياسة»، لكنه شدد في الوقت نفسه على ثقته في قدرات هيلاري كلينتون على شغل هذا المنصب. كما حرص على الإشارة إلى أن أوباما عبر مرات عدة عن «احترامه وإعجابه» بالعمل الذي قامت به هيلاري كلينتون على رأس الخارجية الأميركية.
وتناول أوباما وبايدن الغداء معا أمس في البيت الأبيض الذي دبت فيه الحياة من جديد بعد العطلة الرئاسية التي استمرت أسبوعين، لكن لم تتسرب أي معلومات عن مضمون الحديث.
وكان بايدن يفكر بخوض الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي ضد كلينتون في السباق لنيل بطاقة الترشيح الحزبية إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في 2016.
وأعرب أشخاص التقوا بايدن وآخرين مقربين منه خلال الأسابيع الماضية أن «مدير مكتب بايدن بدأ بلقاء متبرعين ديمقراطيين وداعمين محتملين لإمكان ترشحه إلى السباق الرئاسي».
كان وفاة الابن البكر لبايدن بو، الذي يبلغ 46 عاما، في مايو (أيار) الماضي الفائت تكون أثرت على قرار بايدن التفكير بخوض السباق إلى البيت الأبيض لأن بو كان يحض والده البالغ من العمر 72 عاما على الترشح للانتخابات الرئاسية.
ومنذ أشهر كثيرة والطبقة السياسية الأميركية تتحدث عن احتمال خوض بايدن الانتخابات التمهيدية الديمقراطية ضد هيلاري كلينتون، ولكن نائب الرئيس لم يعلن حتى الآن عن أي موقف بهذا الصدد.
ويذكر أن كان بايدن خاض الانتخابات التمهيدية في دورتي 1998 و2008 قبل أن يختاره باراك أوباما للترشح وإياه على قائمة واحدة.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.