لبنان: الحكومة تلغي «مناقصات النفايات».. وقرار حاسم لرئيسها في جلسة الغد

وزير الشؤون: إذا تكرر التعطيل لا حاجة لبقاء الحكومة

زجاجات ماء فارغة تحتاج لإعادة تدوير وضعت قرب نصب ساحة الشهداء بينما تستمر الاحتجاجات ضمن حملة «طلعت ريحتكم» (رويترز)
زجاجات ماء فارغة تحتاج لإعادة تدوير وضعت قرب نصب ساحة الشهداء بينما تستمر الاحتجاجات ضمن حملة «طلعت ريحتكم» (رويترز)
TT

لبنان: الحكومة تلغي «مناقصات النفايات».. وقرار حاسم لرئيسها في جلسة الغد

زجاجات ماء فارغة تحتاج لإعادة تدوير وضعت قرب نصب ساحة الشهداء بينما تستمر الاحتجاجات ضمن حملة «طلعت ريحتكم» (رويترز)
زجاجات ماء فارغة تحتاج لإعادة تدوير وضعت قرب نصب ساحة الشهداء بينما تستمر الاحتجاجات ضمن حملة «طلعت ريحتكم» (رويترز)

على وقع استمرار التحركات الشعبية المطالبة بإيجاد حلّ لـ«ملف النفايات»، قرّرت الحكومة اللبنانية إلغاء المناقصات التي كان قد أعلن عنها وزير البيئة محمد المشنوق أول من أمس ووصفها الناشطون بـ«الصفقة» التي كرّست المحاصصة بين الأطراف السياسية، بينما طلب رئيس الحكومة تمام سلام بإزالة الجدار الإسمنتي الذي وضعته القوى الأمنية الاثنين للفصل بين مقر الحكومة وساحة الاعتصام بوسط بيروت.
وقد شهدت الجلسة انسحاب وزراء فريق «8 آذار»، من «التيّار الوطني الحر» و«الطاشناق»، وقال وزير الزراعة (عن حزب الله)، حسين الحاج حسن، إنّ الوزراء انسحبوا «لأنّ كثيرا من الفرقاء مصرون على عدم الاستماع لمطلب الشراكة الحقيقية»، في حين قال وزير الخارجية جبران باسيل: «انسحبنا من الجلسة اعتراضًا على مسرحية تجري لحل مشكلة النفايات».
وحول جلسة الحكومة، عزا وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، رفض مجلس الوزراء للمناقصات التي رسا عليها ملف النفايات، إلى «ارتفاع الأسعار، والحاجة إلى شرح مفصّل عن الآلية التي ستعتمد في المعالجة». ورأى درباس في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «المسألة برمتها تعبّر عن عمق الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان». وقال: «عندما تكون الدولة بكاملها مشلولة من الفراغ في رئاسة الجمهورية إلى شلّ المجلس النيابي ومجلس الوزراء، لن يكون باستطاعة حكومة معطلة أن تعالج أزمة البلاد». واتهم «التيار الوطني الحر» وحزب الله من دون أن يسميهما بـ«الاستقواء على جميع الفرقاء السياسيين، ليأخذوا كل ما يريدون، لكن لن نمكنهم من ذلك، لأنهم إذا نالوا مرادهم وتسلموا السلطة سيأخذون لبنان إلى حرب جديدة». وعن سبب انسحاب وزراء عون وحزب الله من الجلسة، أوضح درباس أن «انسحابهم جاء اعتراضًا على قرار الحكومة بتخصيص 100 مليون دولار لإنماء منطقة عكار، والتذرع بأن هذا المبلغ هو محاولة رشوة لعكار مقابل طمر النفايات فيها، لكن رئيس الحكومة كان واضحًا بأنه إذا قبلت عكار استيعاب جزء من النفايات على أرضها ضمن ضوابط وشروط صحية وبيئية ولمدة لا تتجاوز ستة أشهر، فهذا كرم أخلاق منها، وإذا رفضت تكون أخذت حقها بهذا المبلغ لمشاريع إنمائية تحتاج إليها». ولفت درباس إلى أن «رئيس الحكومة دعا إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس (غدًا) فإذا اتخذت فيها قرارات منتجة كان به، وإذا تكرر التعطيل فلا حاجة لبقاء حكومة معطلة، وكل الخيارات تصبح مطروحة بما فيها الاستقالة».
وفي كلمة له، الأحد الماضي، كان سلام قد هدّد بالاستقالة إذا لم تكن جلسة يوم غد الخميس منتجة. وكان وزير الإعلام رمزي جريج قد أعلن بعد انتهاء جلسة الحكومة يوم أمس عن اعتماد اقتراح وزير البيئة عدم الموافقة على نتائج المناقصات وتكليف اللجنة الوزارية البحث في البدائل ورفعها إلى مجلس الوزراء، وذلك بعد الاستماع إلى عرض وزير البيئة لنتائج المناقصات، الذي أفاد بأن النتائج تضمنت أسعارا مرتفعة مما يقتضي عدم الموافقة على هذه النتائج.
ونقل جريج عن سلام قوله خلال الجلسة: «إن أضرار أزمة النفايات ليست محصورة بطائفة أو بمنطقة أو بفئة أو بحزب وإنما هي حالة وطنية شاملة تتطلب علاجا فوريا بعيدا عن كل الصراعات والاختلافات والتباينات». مضيفا: «وللوصول إلى معالجة سريعة تزيل الوضع الضاغط لهذا الملف، طرح دولة الرئيس اقتراحا بتخصيص منطقة لبنانية عزيزة ومحرومة هي منطقة عكار بقيمة مائة مليون دولار، تقدم على مدى ثلاث سنوات من خلال الهيئة العليا للإغاثة، بغية تنفيذ مشاريع إنمائية من شأنها تعزيز هذه المنطقة ورفع المستوى المعيشي فيها».
وقال سلام: «إذا اتخذنا قرارا بتقديم هذا الدعم الضروري وباشرنا فورا اعتماد المشاريع التنموية نستطيع في ظل ذلك أن نتواصل مع أهل عكار لمساعدتنا على إيجاد حل سريع لموضوع النفايات».
ورأى منظمو حراك «طلعت ريحتكم» الذين كانوا قد نظموا تحركا لهم خلال انعقاد جلسة الحكومة أمس في إلغاء المناقصات خطوة إيجابية بانتظار الخطوات التالية. وفي هذا الإطار، قال رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد: «هذا مطلبنا وتحقيقه أمر إيجابي لأنه يخدم لبنان واللبنانيين، لكن اليوم مهمتنا هي رصد الخطوة التالية التي ستقوم بها الحكومة، لا سيّما أننا تعودنا أن تأتينا في كل مرة بحلول أفشل من التي سبقتها». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «سنرى ما إذا كانوا سيتعاونون مع خبراء وجمعية بيئية وتقديم مبادرات إيجابية أم سيتبعون السياسة نفسها، وعندما سيبنى على الشيء مقتضاه».
وفي ما يتعلّق بما طرح حول إعطاء منطقة عكار 100 مليون دولار مقابل نقل النفايات إليها، قال أبي راشد: «هل سيعطون أهالي المنطقة مائة مليون دولار مقابل صحتهم والماء والهواء؟»، مؤكدا: «هم لا يزالون على موقفهم الرافض لهذا الأمر، ونحن كحراك لن نقبل أن تكون عكار ضحية، بل التأكيد على أن تكون ضمن حلّ شامل في كل المناطق اللبنانية بحيث تتم معالجة النفايات بطريقة سليمة».
وبعد اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» اعتبر باسيل أنّ أزمة النفايات افتعلت وتستعمل في السياسية من أجل الاستفادة مجددا من أموالها، لافتا إلى أن «ما نشهده حركة سياسية تجارية للمحاصصة».
وأضاف: «لا المناقصات مقبولة بنتائجها ولا الحل بترحيل النفايات إلى عكار مقابل 100 مليون مقبول ولذلك غادرنا الجلسة». ورأى باسيل أن هناك استباحة «لصلاحية رئيس الجمهورية بتوقيع المراسيم العادية من قبل رئيس الحكومة وبعض الوزراء»، مضيفا: «لا نقبل أن نكون في مجلس وزراء تؤخذ فيه القرارات من دون توافق».
وفي ظل المعلومات التي تشير إلى احتمال اتخاذ «التيار الوطني الحر» قرارا بالعودة إلى التحركات في الشارع، قال عضو التكتل النائب ناجي غاريوس لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «لسنا بعيدين من الشارع الذي يشكل تعبيرا صادقا مكشوفا يسمح بالاعتراض على من أوصل البلاد إلى الوضع المأسوي الذي تعيشه»، مضيفا: «وزراؤنا لم يعلقوا مشاركتهم في الحكومة، بل انسحبوا لأن النقاشات لم تعد مجدية»، معتبرا أن «الوضع القائم والإخفاقات المتراكمة قد تقول إن الوقت حان للنزول إلى الشارع، فلا رؤية لدى أي طرف لأي مشكلة».
ورأى «حزب الله» أن «أزمة النفايات هي وجه من وجوه الفساد المستشري والمتراكم خلال العقدين الأخيرين. وقال في بيان له: «كنا نتمنى لو تبدأ معالجة ملف النفايات الحساس بطريقة إيجابية، إلا أننا وللأسف صُدمنا بالأرقام المالية الفضيحة في العروض المقدمة»، داعيا إلى «إيقاف مهزلة التداعيات السلبية لأزمة النفايات لمصلحة الحلول المعقولة والتي تعالج المرحلة الانتقالية ثم الخطة الاستراتيجية طويلة الأمد، مؤكدا أن «حق التظاهر السلمي والاعتراض البنّاء حق مشروع».
من جهتها، اعتبرت كتلة المستقبل، أنّ حرية التعبير حق لكل اللبنانيين على أن يمارس تحت سقف الدستور بما لا يمس بحرية الآخرين». وبعد اجتماعها الأسبوعي اعتبرت الكتلة أنّ «استغلال المظاهرات السلمية واستعمالها منصة من قبل بعض الأحزاب للاعتداء على كرامات وممتلكات الناس هو أمر مستنكر ومرفوض»، مؤكدة دعمها للحكومة في ضوء التهديدات وفي ظل الشغور الرئاسي وضرورة استمرارها في تحمل مسؤولياتها وفق الدستور.
ودعا منظمو حراك «طلعت ريحتكم» الذين ينتمون إلى مجموعات وهيئات مدنية وبيئية وطلابية، للاعتصام السادسة مساء في ساحة رياض الصلح، بوسط بيروت، بينما لا يزال موعد المظاهرة الأكبر يوم السبت المقبل. وفي هذا الإطار، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه أعطى تعليماته بالسماح للمتظاهرين بمواصلة تحركهم «ما دام هذا التحرك سلميًا، وتحت سقف القانون، في أي مكان في لبنان».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.