التخفيض البطيء لـ«اليوان».. خطوة قصيرة في مشوار الصين الطويل

بكين لا تريده تراجعًا حادًا لقيمته

أسواق أسهم الصين لم ترتد في تداولات جلسة أمس وما زالت تعاني من الهبوط (أ.ب)
أسواق أسهم الصين لم ترتد في تداولات جلسة أمس وما زالت تعاني من الهبوط (أ.ب)
TT

التخفيض البطيء لـ«اليوان».. خطوة قصيرة في مشوار الصين الطويل

أسواق أسهم الصين لم ترتد في تداولات جلسة أمس وما زالت تعاني من الهبوط (أ.ب)
أسواق أسهم الصين لم ترتد في تداولات جلسة أمس وما زالت تعاني من الهبوط (أ.ب)

أثار تراجع عملة الصين، رينمنبي، أمام الدولار في 11 أغسطس (آب) حالة من الاضطراب.
وعلى وقع ذلك، اهتزت أسواق الأسهم والسلع بمختلف أرجاء العالم، وخشي الكثير من المتداولين أن تبدأ الصين في اتخاذ إجراءات حادة وخطيرة لتخفيض قيمة عملتها – وهو إجراء تلجأ إليه الدول في حرب العملات - حيث تسعى لنيل ميزة تنافسية عبر جعل سلعها أرخص في الأسواق العالمية.
بطبيعة الحال، ربما يثبت هذا الإجراء صحته، بالنظر إلى أن دولاً مثل كازاخستان وفيتنام خفضت قيمة عملاتها أيضًا، في وقت تتراجع فيه الكثير من عملات الأسواق الناشئة. ومع ذلك، تبقى هناك زاوية أخرى يمكن من خلالها تفسير ما جرى بالصين، ورغم أنها قد تبدو غير متوقعة، فإنها تظل صحيحة.
لم تلجأ الصين لخفض قيمة عملتها بصورة حادة، ولم تدخل في حرب عملات، على الأقل حتى الآن، وإنما ما فعلته لا يعدو إدخال تعديلات شديدة التواضع على كل من قيمة عملتها وأسلوب الاتجار. وتأتي هذه الإجراءات في إطار عملية شديدة البطء تجري منذ ما يزيد على 35 عامًا، وتشكل خطوة صغيرة لكنها مهمة على صعيد تحو الصين إلى دولة حديثة.
إلا أنه تكمن وراء اختيار توقيت هذه الخطوة الصينية الأخيرة أسباب محددة، يتعارض أحدها مع اعتقاد شائع داخل الولايات المتحدة، مفاده أن الصين ظلت تتعمد التلاعب بعملتها عبر جعلها تبدو رخيصة على خلاف الحقيقة. في الواقع، لقد ظلت الأسواق تبعث برسالة تؤكد أن العكس صحيح - أن رينمنبي كان، وما يزال، غير رخيص بما يكفي.
أما السبب وراء عدم تراجعه بصورة أكثر حدة فهو أن السلطات الصينية حالت دون حدوث ذلك. وعلى امتداد الأسبوع الماضي، تدخلت السلطات لكبح جماح الأسواق بهدف الحيلولة دون تراجع رينمنبي، المعروف كذلك باسم اليوان، على نحو أكثر حدة.
وتكشف الأرقام الحقيقة برمتها - وهي حقيقة لا تشير إلى تعمد خفض رينمنبي، على الأقل حتى الآن، بل على العكس، نجد أن رينمنبي تراجع أمام الدولار بنسبة أقل عن 3 في المائة منذ إغلاق التداول في 10 أغسطس (آب). وفي اليوم التالي، أعلنت الصين تغييرًا فنيًا في قواعدها، مشيرة إلى أن قوى سوقية ستبدأ في الاضطلاع بدور أكبر في تحديد سعر رينمنبي. إضافة لذلك، حددت سعر رينمنبي أقل بنسبة 2 في المائة أمام الدولار. وجاءت تراجعات العملة على امتداد اليومين التاليين أقل.
بحلول 14 أغسطس، أصبح عزم المصرف المركزي الصيني على تحقيق استقرار في رينمنبي أكثر وضوحًا، وبدأت العملة في الثبات أمام العملات الأجنبية. ومنذ ذلك الحين، لم تنخفض العملة، مثلما خشي الكثيرون، بل على العكس كان رينمنبي واحدًا من أفضل العملات من حيث الأداء من بين عملات الأسواق الناشئة، حيث ارتفع قليلاً أمام الدولار. وحتى مع النظر إلى الأيام الأولى للتراجع، جاء أداء رينمنبي متفوقًا على الكثير من العملات، بما فيها الروبل الروسي الذي انخفض بنسبة 9 في المائة، والبيسو الكولومبي، الذي تراجع أكثر من 6 في المائة، طبقًا للبيانات الصادرة عن «بلومبيرغ».
ورغم ذلك، يبقى سقوط رينمنبي في 11 أغسطس مهمًا، فرغم ضآلة حجم التراجع، فإنه أثار فزع الأسواق، الأمر الذي يعود في جزء منه إلى حقيقة أن ذلك كان التغيير الأكبر خلال يوم واحد طوال 20 عامًا من تاريخ العملة. وقد حققت الصين تغييرات كبيرة في منظومة الصرف الأجنبي لديها آنذاك - وهي تغييرات يتضاءل إلى جانبها ما حدث لتوه.
ودعونا نلقي نظرة على ما حدث عام 1994. عندما خفضت الصين فعليًا من قيمة رينمنبي بنسبة 33 في المائة - ومع ذلك لم يخلف هذا التراجع الحاد تأثيرا يذكر على الأسواق العالمية، ذلك أن الصين كانت غير ذات أهمية نسبيًا على الصعيد المالي العالمي، ولم يكن رينمنبي في مصاف العملات الكبرى.
وحتى إجراءات الإصلاح التي جرت عام 1994، كان لدى الصين نظامان رسميان للصرف الأجنبي يتبعان معدلات صرف مختلفة على نحو يثير الارتباك - أحدهما غير مفضل يخص الأجانب وآخر أفضل منه مخصص للمؤسسات الصينية المؤهلة. كما كان لدى الصين سوق سوداء والكثير من الفساد.
وقد عمدت الصين إلى توحيد النظامين الرسميين للصرف الأجنبي، وحددت معدلاً للأجانب يمثل ذات المستوى تقريبًا المستخدم محليًا من قبل مؤسسات صينية. وشكل هذا الإجراء خطوة بالغة الأهمية في مسار تطور الصين.
إلا أنها ظلت مجرد خطوات متوسطة. لذا، فإن الخطوات التي جرى اتخاذها هذا الشهر رغم ما سببته من اضطراب، قد تكون في مصلحة الأسواق الدولية. في الواقع إن الجلبة الأخيرة تمثل مؤشرًا على ضآلة الجهود التي بذلتها الصين حتى الآن وعلى مدار الأعوام الـ20 الأخيرة لتحرير عملتها.
من جهته، استجاب صندوق النقد الدولي بحذر حيال الإجراءات الصينية الأخيرة، مشيرًا إلى أنها تظل غير كافية لمنح رينمنبي المكانة التي تستحقها الصين، بمعنى أن يصبح عملة نخبوية تقف في مصاف الدولار واليورو والين. وأرجأ الصندوق الأسبوع الماضي منح مباركته للعملة الصينية من خلال قراره بعدم ضم رينمنبي إلى ما يسمى سلة «حقوق السحب الخاصة»، والتي كان من شأن الانضمام إليها تعزيز مكانة رينمنبي الدولية، حتى العام المقبل على الأقل. وبعيدًا عن هدفها طويل الأمد المتمثل في تحقيق مكانة دولية أكبر، يبقى لدى الصين أسباب داخلية دعتها لاتخاذ الإجراء الذي أقرته في 11 أغسطس، حيث تراجعت سوق الأسهم لديها، وتباطأت صادراتها، ويمر اقتصادها بإعادة هيكلة.
ويعيدنا هذا إلى مسألة توقيت قرار المصرف المركزي والذي ما يزال يمارس قدرا كبيرا من السيطرة على معدل الصرف في الصين. في الواقع، اتخذ المصرف لحظة مثيرة للغاية للتحرك، ولهذا نجد أنه على امتداد العام الماضي تكشف الأرقام أن رينمنبي شكل رفيقا للدولار، حيث تنامت قوته مع تحرك الدولار نحو الأعلى.
وقد أسهمت القواعد الصارمة للمصرف المركزي في تحقيق ذلك، حيث أقر المصرف استقرارًا في قيمة رينمنبي عبر تقييد حركته، وفرض نطاق تداول ضيق له أمام الدولار، وعليه فعل رينمنبي ما فعله الدولار. ومن ضمن نتائج ذلك أنه حتى مع الأخذ في الاعتبار تخفيض قيمة العملة مؤخرًا، يظل أداء رينمنبي أمام الدولار أفضل من أي عملة كبرى أخرى يجري التداول فيها بحرية.
وكان من شأن ذلك جعل السلع الصينية أغلى في الأسواق العالمية، ويساعد ذلك في شرح السبب وراء القلق الكبير الذي أثاره قرار الصين خفض قيمة عملتها. إلا أنه في الوقت الحاضر، يبدو أن الانخفاض في قيمة رينمنبي جرى حسابه بدقة، ذلك أنه ضئيل للغاية بدرجة لا تسمح له بمعاونة الصين كثيرًا فيما يخص صادراتها، وفي الوقت ذاته ليس ضخمًا بالدرجة التي تجعله يتسبب في هروب رؤوس الأموال من جانب الأشخاص الخائفين من تراجع قيمة أصولهم من رينمنبي مع انخفاض قيمته.
ومع ذلك، ربما تساعد هذه الخطوة من جانب المصرف المركزي في إنهاء الضغوط السياسية الداخلية وتحسين مكانة الصين لدى مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي. ونظرًا لأن الأسواق كانت تدفع رينمنبي بوضوح نحو الانخفاض، فإن التوقيت مفيد للتعاملات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة والتي ستجد صعوبة الآن في الشكوى من أن سعر رينمنبي محدد عند مستوى شديد الانخفاض. في ظل الظروف الراهنة، إذا ما توقف المصرف المركزي الصيني عن التدخل، ربما يتراجع رينمنبي بحدة.
في هذا الصدد، أعرب إسوار إس. براساد، الرئيس السابق لقسم الشؤون الصينية لدى صندوق النقد الدولي ويعمل حاليًا خبيرًا اقتصاديا لدى «كورنيل» و«معهد بروكنغز»، عن اعتقاده بأن: «ما فعلته الصين ذكي للغاية. لقد نجح مسؤولو المصرف المركزي في إقرار إصلاح مهم لهم وفعلوه على نحو يمكنهم من تهدئة أصوات النقد الداخلية وتجنب التعرض لانتقادات من المستثمرين الدوليين».
باختصار، لقد حققت الصين تقدمًا محدودًا وكسبت بعض الوقت لإدخال مزيد من لتغييرات في منظومتها الاقتصادية والمالية. ورغم الشوط الكبير الذي قطعته، ما يزال أمامها طويلا للغاية.

* خدمة «نيويورك تايمز»



«المركزي» الهندي يقتحم سوق السندات في خطوة غير مسبوقة لمعالجة الاختلالات

موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)
موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)
TT

«المركزي» الهندي يقتحم سوق السندات في خطوة غير مسبوقة لمعالجة الاختلالات

موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)
موظف يَعدّ أوراقاً نقدية من الروبل الروسي بمتجر لصرف العملات الأجنبية في بنغالورو (أ.ف.ب)

شهدت أسواق الدين الهندية، يوم الاثنين، تحولاً لافتاً في موازين العرض والطلب، وذلك بعد إعلان البنك المركزي الهندي خطوة غير مسبوقة تقضي بضم السندات ذات الآجال الطويلة جداً (لأجل 25 عاماً) إلى برنامج مشترياته في السوق المفتوحة. ويُعد هذا القرار بمنزلة تدخل «تاريخي» يهدف إلى معالجة اختلالات السوق، مما دفع عوائد سندات الآجال الطويلة للانخفاض الفوري، في ظل ازدياد آمال المستثمرين بتحسن الطلب المستقبلي.

دعم حكومي لسندات الأجل الطويل

أعلن البنك المركزي الهندي نيته شراء سندات حكومية بقيمة تصل إلى 500 مليار روبية (نحو 5.55 مليار دولار)، بما في ذلك سندات تُستحق في عام 2050، وهو أطول أجل استحقاق يقوم البنك المركزي بضمّه على الإطلاق إلى مشترياته. ومن المتوقع أن يكرر البنك المركزي مشتريات مماثلة في 18 ديسمبر (كانون الأول)، مع ترجيح أن تتضمن الأخيرة أيضاً سندات ذات آجال طويلة جداً.

يأتي هذا التدخل لمعالجة اختلال التوازن بين العرض والطلب الذي واجهته سندات الآجال الطويلة (30 عاماً وما فوق) في الأشهر الماضية. ورغم أن الحكومة قلَّصت مزادات هذه الآجال في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى مارس (آذار)، فقد ظل الطلب ضعيفاً من صناديق التأمين والمعاشات، مما أدى إلى ارتفاع العوائد على سندات 30 عاماً وما فوق بنحو 25-30 نقطة أساس خلال عام 2025.

وقد أدى قرار البنك المركزي إلى انخفاض فوري في العوائد، حيث تراجعت عوائد سندات 30 عاماً (7.24 في المائة لاستحقاق 2055) و40 عاماً (6.90 في المائة لاستحقاق 2065) بنحو 3 نقاط أساس، الاثنين. ويؤكد الخبراء أن إدراج السندات ذات الأجل حتى 2050 يعكس جهود البنك المركزي لمعالجة نقص الطلب في هذه الشريحة، مشيرين إلى أن البنك المركزي أصبح مستعداً للتحرك ضد التقاليد القديمة فيما يتعلق بتوزيع مشترياته نحو الأجل الأطول من منحنى العائد.

بنك الهند يتجه لتمويل ذاتي

على صعيد آخر، أعلن بنك الهند خططه لجمع تمويل من سوق سندات الشركات. حيث يخطط البنك لجمع ما يصل إلى 25 مليار روبية (277.28 مليون دولار)، بما في ذلك خيار التوسع في حجم الإصدار بقيمة 15 مليار روبية، عبر إصدار سندات من الشريحة الثانية (Tier II) بأجل استحقاق 10 سنوات، ومتوافقة مع متطلبات «بازل 3». ومن المقرر أن تبدأ عملية طلب عروض سعر الكوبون والالتزام بالإصدار مؤقتاً في 10 ديسمبر، مع توفر خيار الاستدعاء للمستثمرين بعد خمس سنوات.


ترمب يدافع عن استخدامه الصلاحيات الطارئة: السرعة والقوة حاسمتان للأمن القومي

ترمب يقف على السجادة الحمراء لحفل تكريم مركز كيندي لعام 2025 (رويترز)
ترمب يقف على السجادة الحمراء لحفل تكريم مركز كيندي لعام 2025 (رويترز)
TT

ترمب يدافع عن استخدامه الصلاحيات الطارئة: السرعة والقوة حاسمتان للأمن القومي

ترمب يقف على السجادة الحمراء لحفل تكريم مركز كيندي لعام 2025 (رويترز)
ترمب يقف على السجادة الحمراء لحفل تكريم مركز كيندي لعام 2025 (رويترز)

دافع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن استخدامه الصلاحيات الطارئة لفرض الرسوم الجمركية على الشركاء التجاريين، وذلك في الوقت الذي تدرس فيه المحكمة العليا مدى قانونية هذه الإجراءات.

وفي منشور على منصته «تروث سوشيال»، أقرَّ ترمب بوجود أدوات أخرى لفرض التعريفات، لكنه قال إن النهج الذي تراجعه المحكمة بموجب قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA) هو «أكثر مباشرةً بكثير، وأقل إزعاجاً، وأسرع بكثير»، وهو ما وصفه بأنه حاسم للأمن القومي. وشدد ترمب على أن «السرعة والقوة واليقين هي، في جميع الأوقات، عوامل مهمة لإنجاز المهمة بطريقة دائمة ومظفرة».

تأتي هذه الدفاعات الأخيرة فيما تدرس المحكمة العليا ما إذا كان بإمكان ترمب فرض رسوم جمركية من جانب واحد دون موافقة الكونغرس، وهي سياسة منعتها المحاكم الأدنى بعد شكاوى من شركات كبرى مثل «كوستكو» وولايات أميركية.

وقد استخدم ترمب هذا القانون لفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على سلع من دول متعددة، مشيراً إلى مخاوف بشأن قضايا الأمن القومي مثل: المخدرات (ومنها الفنتانيل)، والهجرة غير الشرعية، والعجز التجاري. ويحمل القرار أيضاً تداعيات مباشرة على الاتحاد الأوروبي، حيث تم تطبيق التعريفة الجمركية الحالية البالغة 15 في المائة على معظم سلعه بموجب القانون نفسه.

التحدي القانوني ووعد «تريليونات الدولارات»

في سياق المعركة القانونية، أظهر قضاة المحكمة العليا، الذين استمعوا إلى المرافعات الشفوية، تشككهم في حجة الرئيس، حيث تشير التساؤلات إلى أن التفويض الممنوح بموجب قانون الطوارئ لا يمكن أن يمتد ليشمل سلطة فرض الضرائب بشكل غير محدود.

ويواجه وعد ترمب بأن هذه التعريفات ستدرّ «تريليونات الدولارات» لشيكات التحفيز بقيمة ألفي دولار، سياجاً قانونياً صعباً.

على الرغم من التحديات القضائية، أكدت الإدارة الأميركية استعدادها لـ«خطة بديلة» إذا حكمت المحكمة ضدها. ويشير الخبراء إلى أن ترمب سيعتمد في هذه الحالة على قوانين أخرى تمنحه صلاحيات أكثر؛ تحديداً مثل المادة 301 (التي تسمح بالانتقام من الممارسات التجارية غير العادلة)، أو المادة 232 (التي تسمح بالتعريفات لأسباب تتعلق بالأمن القومي). هذه القوانين ستقْصر التعريفات المستقبلية لتكون «أضيق نطاقاً» وأكثر استهدافاً لقطاعات أو دول معينة.

ومن غير الواضح متى ستُصدر المحكمة العليا قرارها، لكن التداعيات ستكون بعيدة المدى؛ فإذا تم إبطال التعريفات، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة عدم اليقين في السياسة التجارية، كما أن الشركاء التجاريين يمكن أن يتجهوا نحو الانتقام أو التراجع عن اتفاقياتهم الثنائية، مما يهدد بتفكيك جزء من النظام التجاري الحالي.


تفاؤل حذر في الأسواق وسط ترقب لقرار «الفيدرالي»

متداول يمر أمام شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
متداول يمر أمام شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
TT

تفاؤل حذر في الأسواق وسط ترقب لقرار «الفيدرالي»

متداول يمر أمام شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
متداول يمر أمام شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

سادت حالة من التفاؤل الحذر في أسواق الأسهم والسندات يوم الاثنين، مع ترقّب المستثمرين قرار «الاحتياطي الفيدرالي» هذا الأسبوع، الذي يُتوقع أن يتضمن خفضاً ضرورياً لأسعار الفائدة، في واحد من أكثر الاجتماعات حساسية في الفترة الأخيرة.

وتشير العقود الآجلة إلى احتمال يقارب 86 في المائة لخفض ربع نقطة مئوية لمدى الفائدة على الأموال الفيدرالية بين 3.75 في المائة و4 في المائة. وبالتالي، فإن تثبيت الفائدة سيكون بمثابة مفاجأة كبيرة للأسواق. وأظهر استطلاع لـ«رويترز» شمل 108 محللين أن 19 فقط توقعوا التثبيت مقابل الغالبية التي رجحت الخفض. وقال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في «جي بي مورغان»، إنهم يتوقعون وجود معارضتين على الأقل داخل اللجنة ضد التحرك، وإن غالبية ضئيلة فقط من أعضاء «الفيدرالي» التسعة عشر سترى خفض ديسمبر (كانون الأول) خطوة مناسبة.

وتاريخياً، لم تشهد لجنة السوق المفتوحة ثلاثة معارضين أو أكثر في اجتماع واحد منذ عام 2019، ولم يتكرر ذلك سوى تسع مرات منذ عام 1990.

ويرى فيرولي أن «الفيدرالي» قد يُخفض مرة إضافية في يناير (كانون الثاني) كخطوة احترازية لمواجهة ضعف سوق العمل، قبل الدخول في فترة توقف طويلة. ومع ذلك، لا تسعّر الأسواق سوى احتمال بنسبة 24 في المائة لخطوة في يناير، بينما لا يُتوقع تخفيف إضافي قبل يوليو (تموز).

وتجتمع البنوك المركزية في كندا وسويسرا وأستراليا هذا الأسبوع، مع توقعات بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. وقد يميل البنك الوطني السويسري إلى خفض جديد لتعويض قوة الفرنك، لكن سعر الفائدة عند صفر في المائة بالفعل، مما يجعله متردداً في العودة إلى المنطقة السلبية. أما في أستراليا، فقد دفعت البيانات الإيجابية عن الاقتصاد الأسواق إلى التخلي عن أي رهان على خفض إضافي، بل ووضع احتمال رفع للفائدة في أواخر 2026 ضمن التوقعات.

وساعدت توقعات التحفيز الأميركي المحتمل في دعم الأسهم خلال الأسابيع الأخيرة، فارتفعت العقود الآجلة لمؤشري «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» بنحو 0.2 في المائة في التعاملات الآسيوية. وستختبر نتائج «أوراكل» و«برودكوم» هذا الأسبوع شهية المستثمرين تجاه أسهم الذكاء الاصطناعي، بينما ستُظهر نتائج «كوستكو» حالة الطلب الاستهلاكي.

وفي آسيا، استقر مؤشر «نيكي» الياباني بعد ارتفاع بنسبة 0.5 في المائة الأسبوع الماضي. كما صعدت الأسهم الكورية الجنوبية بنسبة 0.8 في المائة بعد مكاسب بلغت 4.4 في المائة الأسبوع الماضي، بدعم من تأكيدات حول خفض الرسوم الجمركية الأميركية على صادراتها.

وارتفع مؤشر «إم إس سي آي» لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.1 في المائة. كما صعدت الأسهم الصينية الكبرى بنسبة 1 في المائة، مع نمو الصادرات بنسبة 5.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزةً التوقعات البالغة 3.8 في المائة، رغم استمرار ضعف الطلب المحلي مع تراجع الواردات بنسبة 1.9 في المائة.

وزادت التوترات بين بكين وطوكيو بعدما نفذت مجموعة حاملة طائرات صينية عمليات جوية مكثفة قرب اليابان خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي جنوب شرقي آسيا، شنت تايلاند غارات جوية على مناطق حدودية متنازع عليها مع كمبوديا، مما زاد من حدة التوتر الإقليمي.

وفي أوروبا، تراجعت العقود الآجلة لمؤشري «يوروستوكس 50» و«فوتسي» بنسبة 0.1 في المائة، فيما استقرت العقود الآجلة لمؤشر «داكس» دون تغيير يُذكَر.

وفي أسواق السندات، تتعرض السندات الأميركية طويلة الأجل لضغوط بفعل مخاوف من توجيهات متشددة من «الفيدرالي»، حتى في حال الموافقة على خفض الفائدة هذا الأسبوع. كما ازدادت المخاوف من أن انتقادات الرئيس دونالد ترمب لاستقلالية «الفيدرالي» قد تدفع نحو خفض مفرط للفائدة، مما يزيد من مخاطر التضخم على المدى الطويل.

واستقرت عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.142 في المائة يوم الاثنين، بعد ارتفاعها 9 نقاط أساس، الأسبوع الماضي.

وساعدت زيادة عوائد الدولار على الاستقرار بعد أسبوعين من التراجع، رغم انخفاض مؤشره بنسبة 0.1 في المائة إلى 98.876. كما تراجع الين بنسبة 0.2 في المائة إلى 154.99 للدولار، وسط توقعات بأن بنك اليابان سيرفع الفائدة الأسبوع المقبل. أما اليورو فاستقر عند 1.1654 دولار، قرب أعلى مستوى له في سبعة أسابيع عند 1.1682 دولار.

وفي أسواق السلع، دعمت توقعات التحفيز الأميركي أسعار المعادن، إذ وصل النحاس إلى أعلى مستوياته على الإطلاق بدعم من مخاوف شح الإمدادات وارتفاع الطلب من مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. واستقر الذهب عند 4210 دولارات للأوقية، بعد أن سجل 4259 دولاراً يوم الجمعة، فيما اقتربت الفضة من مستويات تاريخية.