احمرار الأسهم العالمية يسحب النفط لخانة الهبوط

أجراس الإنذار تدق في الصين بعد تهاوي بورصتها

احمرار الأسهم العالمية يسحب النفط لخانة الهبوط
TT

احمرار الأسهم العالمية يسحب النفط لخانة الهبوط

احمرار الأسهم العالمية يسحب النفط لخانة الهبوط

شهدت الأسهم الأميركية خسائر حادة في مستهل جلسة اليوم (الاثنين)، ونزل مؤشر داو جونز الصناعي عن 16000 نقطة لاول مرة منذ فبراير (شباط) 2014 ، بعد أن هوت الأسهم الصينية أكثر من ثمانية في المائة، وسط تراجع حاد لاسعار النفط والسلع الأولية الأخرى.
ونزل المؤشر داو جونز الصناعي 93. 955 نقطة توازي 81. 5 في المائة الى 82. 15503 نقطة.
وهبط المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 92. 94 نقطة تعادل 82. 4 في المائة الى 97. 1875 نقطة.
وخسر المؤشر ناسداك المجمع 08. 378 نقطة أو 03. 8 في المائة ليصل الى 96. 4327 نقطة.
وبالتوازي مع هذا الهبوط الحاد في الأسهم الأميركية، واصل الخام الاميركي الخفيف خسائره في المعاملات الآجلة هابطا الى 26. 38 دولار للبرميل بانخفاض 19. 2 دولار
ولم تكن البورة الصينية بمأمن من هذا الهبوط الكبير، فقد دقت أجراس الانذار في الاسواق العالمية اليوم مع هبوط الاسهم الصينية بنحو تسعة في المائة، وشهد الدولار والسلع الأولية تراجعات حادة، وهو ما سبب ذعرا للمستثمرين.
وانخفض مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الاوروبية الكبرى بحوالي ثلاثة في المائة وتتأهب الاسهم الامريكية لخسائر مماثلة بعدما تراجعت الاسهم الآسيوية لأدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، في ظل مخاطر بخروج الهبوط الذي تشهده الاسهم الصينية منذ ثلاثة أشهر عن نطاق السيطرة.
وشهد النفط مزيدا من الخسائر وهبط أربعة في المائة، بينما ارتفعت الملاذات الآمنة مثل سندات الخزانة الأميركية والسندات الالمانية والين واليورو في ظل مخاوف واسعة النطاق من تباطؤ اقتصادي عالمي بقيادة الصين ونشوب حرب عملات.
وقال ديدييه دوريه رئيس أنشطة الاستثمار في "ايه.بي.ان أمرو" "انه رعب على نطاق واسع بفعل الصين.. ستستمر التقلبات حتى نرى بيانات أفضل أو اجراء قويا في السياسة النقدية من خلال تيسير نقدي فعال"، حسب قوله.
وكان كثير من المتعاملين يأملون في أن تأتي مثل تلك الاجراءات الداعمة ومن بينها خفض أسعار الفائدة من الصين في مطلع الاسبوع بعدما هبطت سوقها الرئيسية للاسهم 11 في المائة الاسبوع الماضي.
ومع بزوغ شكوك قوية الآن حول احتمالات رفع أسعار الفائدة الأميركية هذا العام تراجع الدولار مقابل عملات رئيسية.
وهبط الدولار الاسترالي لأدنى مستوياته في ست سنوات، فيما تراجعت أيضا عملات أسواق ناشئة عديدة بينما دفع الهروب الى الملاذات الآمنة اليورو لأعلى مستوى له في ستة أشهر ونصف الشهر.
وقال تاكاكو ماسيا رئيس البحوث لدى شينسي بنك في طوكيو "تبدو الأمور الآن مثل الازمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينات. يبيع المضاربون أصولا تبدو الاكثر تأثرا".
ولم يكن النفط والأسهم فقط من سجل هبوطا، فقد تراجع النحاس الذي ينظر اليه كمؤشر على الطلب الصناعي العالمي 5. 2 في المائة وسجلت العقود الآجلة للنحاس للتسليم بعد ثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن أدنى مستوياتها في ست سنوات عند 4920 دولارا للطن. وهبط النيكل ستة في المائة الى 9570 دولارا للطن مسجلا أدنى مستوياته منذ 2009.
وشكل هبوط الاسهم الصينية بنحو تسعة في المائة أسوأ أداء لها منذ ذروة الازمة المالية العالمية في 2009 وبدد جميع المكاسب التي حققتها منذ بداية العام والتي بلغت في يونيو (حزيران) أكثر من 50 في المائة.
وأدى الهبوط الاخير الى تنامي خيبة الامل نظرا لأن بكين لم تعلن سياسة الدعم المتوقعة في مطلع الاسبوع وتراجعت جميع العقود الآجلة على المؤشرات بالحد الاقصى اليومي عشرة في المائة، وهو ما يشير الى أن الايام القادمة ستكون أشد قتامة.
وهبط مؤشر ام.اس.سي.اي الاوسع نطاقا لاسهم منطقة آسيا والمحيط الهادي خارج اليابان 1. 5 في المائة مسجلا أدنى مستوياته في ثلاث سنوات. وأغلق مؤشر نيكي 225 للاسهم اليابانية منخفضا 6. 4 في المائة، بينما سجلت الاسهم الاسترالية والاندونيسية أدنى مستوياتها في عامين.
وقال ايجي كينوشي رئيس التحليل الفني لدى ديوا للاوراق المالية في طوكيو "ربما تضطر الصين الى إجراء مزيد من الخفض في قيمة اليوان اذا تعثر اقتصادها وأدى تعامل أسواق الاسهم مع آفاق ضعف اليوان الى تضخيم الاثر السلبي لتباطؤ الاقتصاد الصيني".
وهناك دلائل جديدة على امتداد الأزمة الى الاسواق المتقدمة؛ فقد هبط مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني الذي يضم عددا كبيرا من شركات النفط والتعدين العالمية لليوم العاشر على التوالي مسجلا أسوأ أداء له منذ 2003.
وانخفض مؤشر يوروفرست 300 الاوروبي في أحدث تحرك 7. 3 في المائة الى 15. 1382 نقطة ليفقد نحو 300 مليار يورو (61. 344 مليار دولار) من قيمته وتصل خسائره الى ما يزيد على تريليون يورو منذ بداية الشهر.
كما هبطت أسعار النفط أربعة في المائة اليوم لتصل الى أدنى مستوياتها في ستة أعوام ونصف العام، بعد أن منيت بورصة الصين بأكبر خسارة يومية منذ الازمة المالية العالمية، ما أجج المخاوف بشأن آفاق الطلب العالمي على النفط.
وأدت المخاوف المتنامية من تباطؤ اقتصادي عالمي تقوده الصين لانخفاض حاد في أسواق الاسهم والسلع الاولية وفقد مؤشر يوروفرست 300 للاسهم الاوروبية نحو 400 مليار يورو من قيمته السوقية.
وقال كارستن فريتش كبير محللي النفط في كومرتس بنك في فرانكفورت أمام منتدى رويترز النفطي العالمي "الهبوط اليوم ليس له علاقة بالعوامل الاساسية في السوق بل مرتبط بالصين. هناك مخاوف من حدوث تباطؤ اقتصادي عنيف أو افلات الزمام من يد السلطات الصينية".
وهبط برنت 59. 1 دولار للبرميل توازي أكثر من أربعة في المائة الى 51. 43 دولار بحلول الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش بعد وصوله لمستوى متدن خلال تعاملات اليوم بلغ 28. 43 دولار؛ وهو أقل مستوى له منذ مارس (اذار) 2009.
ونزل سعر الخام الاميركي تسليم 83. 1 دولار ما يعادل 5. 4 في المائة الى 62. 38 دولار للبرميل بعد وصوله لمستوى متدن خلال التعاملات بلغ 59. 38 دولار. وبعد خسائره الحادة الاسبوع الماضي سجل العقد أطول موجة هبوط اسبوعي منذ عام 1986.
وبذلك ينخفض الخام الاميركي بما يزيد على 17 في المائة عن سعره في مطلع الشهر، بينما يقل مزيج برنت الخام أكثر من 16 في المائة.
 



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.