هيلاري كلينتون تخطب ود الناخبين بتخفيف الديون على الطلاب

حملتها الانتخابية تركز بشكل كبير على الأثرياء والليبراليين الأغنياء

هيلاري كلينتون تلقي خطابا خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس ({واشنطن بوست})
هيلاري كلينتون تلقي خطابا خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس ({واشنطن بوست})
TT

هيلاري كلينتون تخطب ود الناخبين بتخفيف الديون على الطلاب

هيلاري كلينتون تلقي خطابا خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس ({واشنطن بوست})
هيلاري كلينتون تلقي خطابا خلال حملتها الانتخابية في مدينة لاس فيغاس ({واشنطن بوست})

تملك هيلاري رودهام كلينتون حلا في عالم الأموال الضخمة يقول: اذهب حيث يذهب الأثرياء.. وتحديدا، إلى حيث يذهب الليبراليون الأثرياء.
ومن هذا المنطلق ستذهب خلال مطلع الأسبوع المقبل إلى هامبتونز لحضور حفل عشاء في منزل مصمم الأزياء الشهير توري بورش في منزله بساوثامبتون. وقد نظمت في نهاية الأسبوع الماضي حفلات لجمع التبرعات على شرفها في جزر منتجعات ماساتشوستس الخاصة بمارثا فينيارد ونانتوكيت. كما استضاف المانحون الديمقراطيون حفلات جمع التبرعات خلال هذا الصيف في بارك سيتي، ومدينة أسبن بولاية كولورادو، فضلا عن فعاليتين لجمع التبرعات في كيب كود.
وتعد هذه الفعاليات من قبيل الشؤون العامة المباشرة، حسبما أفاد الحضور، حيث تختلط السيدة كلينتون بالناس، وتتوقف لالتقاط الصور، وتلقي كلمات بسيطة ومتواضعة بدلا من خطاباتها الرسمية الصارمة. كما تتحدث عن الحاجة إلى تدفق مستمر للأموال للحملات الانتخابية الحديثة، حتى مع كراهيتها لسيطرة الأموال في عهد لجان التبرعات المستقلة الحديثة.
وتعقد كلينتون مثل هذه الفعاليات في كل مكان، من مانهاتن وحتى لو أنجليس ووايزاتا بولاية مينيسوتا، غير أن الفعاليات التي تنظم في الملاعب الصيفية للأثرياء تؤكد عظمة المكان المخصص لأثرى الأثرياء المتبرعين لحملتها الانتخابية، وموقعها هي كعضو بين حفنة الأثرياء الذين يمثلون واحدا في المائة من جموع الأميركيين.
لكن لم تظهر المرشحة الرئاسية بنفسها إلا في المناسبات التي تتطلبها الحملة الانتخابية، والتي تعمل بصورة مباشرة على جمع ما لا يقل عن 2700 دولار من التبرعات لكل حاضر. وفي وقت لاحق من الانتخابات الديمقراطية التمهيدية، يتوقع أن تحضر كلينتون كذلك مناسبات تشرف عليها واحدة أو أكثر من لجان جمع التبرعات المستقلة الخارجية، والداعمة لها كذلك. ووفقا لبعض التقديرات، فإن كلينتون تحتاج إلى المحافظة على تلك الوتيرة من العمل خلال شهور الصيف وحتى الربيع المقبل حتى تتسق مع متوسط إنفاقها الشهري البالغ 15 مليون دولار، علما بأن الموعد النهائي لتقرير لجنة الانتخابات الفيدرالية المقبل يحل بنهاية شهر سبتمبر (أيلول).
وكانت حملة كلينتون تتميز بحساسية خاصة لصورة المرشحين الأثرياء، والتي تتضمن لحظات مقابلة الناحبين، مع وجود مكثف لعناصر الخدمة الأمنية السرية، الذين يكلفون مبلغ 225 ألف دولار في الخطاب الانتخابي الواحد، وذلك منذ أن بدأت السيدة كلينتون في سباقها الرئاسي لعام 2016، بينما تؤكد إعلانات حملتها الانتخابية على جذور الطبقة المتوسطة التي تنتمي إليها، والبدايات المتواضعة لوالدتها، والتعهد بأنها سوف تعمل على توسيع قاعدة الفرص المتاحة للطبقة المتوسطة في البلاد.
يقول جوش شفيرين، المتحدث الرسمي باسم حملة كلينتون الانتخابية: «تواصل كلينتون حملتها لمساعدة المواطنين الأميركيين من أبناء الطبقة المتوسطة على مواصلة العمل والتقدم للأمام. وقد كانت خلال الأسبوع الماضي تتحدث حول خططها لتخفيف الأعباء على الديون الدراسية للطلاب». غير أن كثيرين من التيار الديمقراطي اليساري لا يثقون في علاقات كلينتون الطويلة مع عمالقة وول ستريت وملوك هوليوود، وكلاهما من أهم مصادر الأموال حملتها الانتخابية الحالية. وقد شاهدت كلينتون تآكل موقف الصدارة الذي حققته بين المرشحين الديمقراطيين، نظرا للشعبية الهائلة التي يتمتع بها السيناتور بيرني ساندرز (من ولاية فيرمونت)، وهو المرشح المستقل الذي يتجنب كثيرا من فعاليات جمع التبرعات.
ولا تعد كلينتون المرشحة الرئاسية الوحيدة التي تشكل ثروتها واتصالاتها مشكلة مع شخصيتها العامة لدى الناس، فالمرشح الجمهوري جيب بوش، الحاكم السابق لولاية فلوريدا ونجل وشقيق رئيسين سابقين للولايات المتحدة، كان يعمل كذلك على جمع التبرعات في هامبتونز ونانتوكيت خلال الأسبوع الماضي، لكن يتعين على كلينتون التواصل مع مختلف الجماهير في ذات الوقت: الأثرياء، والفقراء، وما بينهما. لكن يبدو أنها في كثير من الأحيان تفتقر إلى لمسة زوجها السحرية في فعل ذلك، كما تقول مينا بوز، أستاذة العلوم السياسية لدى جامعة هوفسترا، مضيفة أن «الوقت الذي تقضيه في أماكن النخبة الثرية الليبرالية بالجانب الشمالي الشرقي هو حقا ما يجب عليها فعله لتعتلي قمة الترشيح الرئاسي الحقيقية».
وفي ذات الوقت، تستطرد بوز مستدركة: «نرى كيف يعمل بيرني ساندرز على التودد من بعض الشخصيات في الحزب الديمقراطي، والذي يبدو أنه يعتقد أن كلينتون ليست قادرة على القيام بذلك النوع الصعب من الاتصال الجماهيري العام. وإذا لم تكن قادرة على الاتصال مع الجماهير العادية، فسوف تواجه وقتا عسيرا في الحصول على الترشيح اللازم لاستكمال السباق الرئاسي».
* خدمة «واشنطن بوست»
- (خاص بـ {الشرق الأوسط})



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.